نعلم جميعا نتيجة الانتخابات في سوريا.
نعلم النتيجة منذ اليوم الأول الذي اصبح فيه الرئيس رئيسا.
سيفوز القديم، وسينهزم الجديد، فمنذ متى كان الجديد منتصرا؟
بالنسبة للوضع السوري، ليست النتجية المسبقة هي ما لفتت انتباهي. بل المظاهرات التي عمت الشوارع السورية دعما لاعادة انتخاب الرئيس.
اطفال ونساء وشيوخ، وقبلهم شباب في عمر الارادة، نزلوا الى الشوارع بالآلاف لدعم اعادة انتخاب الأسد.
سيقول البعض ان السلطات هي من دفع الناس للخروج الى الشارع. سيقول البعض الآخر ان الخوف، في احسن الظروف، هو ما دفع الناس الى الخروج للشارع.
أنا اقول شيئا مختلفا. اقول ان الناس في سوريا نزلت الى الشوارع باختيارها. على الاقل معظم الناس نزلت الى الشوارع باختيارها.
ليس ما أقول هو نتيجة استطلاع محايد لرأي الناس، ولا احصاء موثوقا.
ما أقوله نتيجة طبيعية تتكرر كل يوم في اكثر من مكان في الشارع العربي.
الجيل الحالي في سوريا لا يعرف اسما آخر غير الأسد، فكيف سيعتاد على غيره؟
هو لا يعرف غيره في الاساس حتى يهتف له.
يذكرني الوضع، ولو بصورة مختلفة، بجنازة الملك حسين رحمه الله.
خرج كل أهل الاردن الى الشوارع بالآلاف لوداعه وهم يذرفون الدمع.
الفلسطينيون الذين كانوا حتى الامس يرمون الرجل بتهم ابسطها الخيانة والعمالة، ذرفوا الدمع بالمثل.
لماذا؟
لأنهم لم يعرفوا احدا غيره. ولا علاقة للأفضل او الاسوء بالأمر.
في سوريا خرج الناس من تلقاء أنفسهم يدعمون ترشيح الرئيس لولاية جديدة، ولو بعد الألف. لم يفعلوا ذلك حبا في الرئيس، ولا خوفا منه، لكن ما هو البديل؟
من هو بديل اسم كبرت ثلاثة اجيال وهي لا تسمع سوى اسمه وترى صورته حتى في افران الخبز؟
من هو بديل رجل لم يعرف الطفل سواه، ولا الشاب سواه، ولا العجوز سواه؟
نزلت الناس الى الشوارع في سوريا لأنها خائفة، ليس من السلطات او الاستخبارات، بل من التغيير.
من الجديد. وعلى رأي المثل المنحوس: اللى تعرفه احسن من اللي ما تعرفوش.
ربما نلتمس العذر للشارع العربي الذي اعتاد ان يكون جديده اسوء من قديمه.
ربما هو الشارع الذي اعتاد ان يأتي التغيير بكارثة، ليس من قيادته فقط، بل و من الخارج الذي وعد باحلام الديمقراطية حتى اصبحت الدماء ارخص من الماء.
ليس من حقنا اذا ان نعيب الانتخابات السورية، فأي انتخابات عربية اخرى كانت افضل منها؟
ليس من حقنا ان نتهم الشارع السوري بالجبن والخوف، فأي شارع عربي قد عهدنا فيه الشجاعة؟
ليصرخ الناس في الشوارع تأييدا لمن هو هناك او وداعا لمن كان هناك، فمن سيهتم بما يريد الشارع، وأي نتيجة سيغير؟

[email protected]