قد لا يحلو ما سأكتبه للكثير من الفلسطينيين والعرب.... ولكن ومما لا شك فيه بأنه آن أوان الحقيقة...بأن القضية الفلسطينية أصبحت تشكل عبئا على الدول العربية.. وتزيد من الفجوة القائمة أصلآ بين الأنظمة وشعوبها.. مما يضيف من عوامل الخطورة على هذه الدول التي تتربص بها المنظمات ذات التيار الإسلامي المتشدد للإطاحة بها.. وبناء الأمة الإسلامية وإشعال فتيل الحرب الحقيقية بين الشرق والغرب.. تماما كما هو هدف القاعدة سابقا ولاحقا.. الخاسرون كثيرون.. وعلى رأسهم الفلسطينيون لأنهم سيكونوا وقودا لهذه المعركة المستمرة... ولكن خطرها سيصل إلى كل شعوب المنطقة..
الإقتتال الفلسطيني الداخلي والذي لم يتوقف سوى شكلا بعد إتفاق مكة.. لن يهدأ ويتوقف لأن أسبابه متعددة.. إبتداء بالإمتلاء الكاذب بالنفس وإنتهاءا بالجوع والفقر وعدم العدالة وغياب القانون.. كلها لن تنتهي بزوال الإحتلال لأن سوس القيادات الفلسطينية السابقة والحالية وصل إلى عظم الإنسان الفلسطيني لينخر عقله وقلبه ويضعه في موقف الخطورة حتى على نفسه..الإقتتال على السلطة أصبح هو الحافز الوحيد لكل رجالات القيادتين داخليا وخارجيا... لأنها أصبحت الطريقة الوحيدة لضمان الراتب وعدم الجوع.. السؤال الأهم يبقى ما الحل.. هل الحل في حل السلطة كما ينادي البعض من الكتاب المعروفين في المغترب وهل حل السلطة الذي يدعون إليه يعني حل المنظمة.. وحل مكاتب حماس في الخارج.. أي حل الأربع رؤوس المعروفة للسلطة.. السلطة الوطنية وحماس في الداخل.. والمنظمة وقيادة حماس الشرعية في الخارج.. كل في مأمنة من الفقر والجوع يغني ما يحلو له من أغناني أو أناشيد إسلامية..والفلسطيني تحت الإحتلال يرقص من الألم ليقع شهيدا من التعب ومن الظلم ومن الفقر..
نعم مؤسف ومحزن للغاية ما آل إليه الوضع الفلسطيني داخليا تحت الإحتلال من إقتتال داخلي محموم.. وخارجيا بين فلسطيني الشتات.. الذين لم ترحمهم الدولة المضيفة.. وفشلوا في إحترام أصول الضيافة.. بحيث أصبحت مخيمات بؤسهم وكرا للجريمة وغطاء لتنامي الفكر المتطرف.. الأسباب واضحة وضوح الشمس وقد أجمعت كل الدول على أن الفقر هو أخطر عدو محلي وإقليمي ودولي.. وهو الأرضية الخصبة التي لا تنضب للفكر المتطرف..تحت ذرائع متعددة تستعمل الجهاد بأرواح كل من حولها لمحاربة كل من هو غير مسلم.. وأيضا لإرساء دولتة الإسلامية التي تحكم بشرع الله...
السؤال الملح الآن هو كيف سيتعامل المجتمع الدولي مع هذه الظاهرة العنفية التي ساهموا فيها بجهلهم وإزدواجيتهم و يعرفوا أين جذورها ,, ولكنهم فشلوا في التوصل إلى حل يرضي جميع أطراف النزاع.
المجتمع الدولي.. والدول العربية يتسترون وراء كلمات التعاطف المريحة التي لا تحل شيئا ولا تستطيع وضع طعام على مائدة فلسطيني جائع تحت الإحتلال أو في مخيمات البؤس التي اصبح فيها عبئا على الدولة وخطرآ على أمنها وإستقرارها السياسي الهش..
في هذه الظروف ينادي العديد من فلسطيني الشتات بحل السلطة.. ككلمة سحرية ستجبر المجتمع الدولي على إجبار الحكومة الإسرائيلية للتعاطى مع واجباتها كدولة محتلة..
يطلقون صيحاتهم متعللين بفشل حماس والسلطة في حماية حقوق الفلسطيني بالتحرير من البحر إلى النهر.. والعودة.. والقدس.. وفي التعاطي مع العدوان الإسرائيلي المستمر على الفلسطينيون تحت الإحتلال بدون إستفتاء الشعب الفلسطيني أو إعطائه خيارات أخرى وإن كانت أقل مما يطمح إلية.. بهدف تحريضي واضح بأنه لا ينفع مع هذه الدولة سوى لغة العنف والإنتفاضة والسلاح.. وأن المقاومة هي التي اجبرت إسرائيل على الخروج من غزة.
قد يكون هناك شيء من الحقيقة في ذلك وإن كنت لا أؤيدها إ طلاقا لرفضي المطلق لسياسة العنف في الحصول على الحقوق.. ولكن الأهم الآن هو هل حل السلطة سيخفف من بؤس ومعاناة الفلسطيني.. هل إستقالة جميع رؤوس السلطة من حماس وفتح التي بدأ بترديدها سكان الأرض المحتلة حين هتفوا فتح سرقونا وحماس جوّعونا ستصل بالفلسطينيين إلى بر الامان وإنهاء المعاناة..
علينا جميعا التروي قبل إصدار مثل هذه الصيحات.. لأننا في مغتربنا في مأمن من قصف إسرائيل.. ومن عيار ناري طائش بين فصائل فتح وحماس.. وبالتالي علينا النظر بعمق للوضع الداخلي البائس والمعقد الذي وصلت إليه الحالة الفلسطينية.. من فتنة بين فصائل.. يقدر عددها ب 53 فصيل.. وإقتتال محموم بين معظم هذه الفصائل.. وبين إقتتال وخطف للقانون من قبل عائلات مسلحة.. والأخطر تسلل القاعدة ووجودها في غزة..
حل السلطة بدون دراسة موضوعية حقيقية للنتائج التي تتراوح بين كارثية وبين نهاية حقيقية للمشروع الوطني الفلسطيني.. بل وللقضية الفلسطينة برمتها لن يحل المشكلة..
النتائج الكارثية بدأت بالفعل حين قررت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين إلى تعليق أعمالها في قطاع غزة لخطورة الوضع الأمني وحرصا على حياة موظفيها.... أيضا حين يرفض الصحفييون الأجانب دخول غزة وتغطية احداثها الأليمة خوفا من إختطافهم كما هو حادث مع الصحفي البريطاني ألان جونستون.. النتائج الأكثر كارثية.. فيما لو قررت الإدارة الأميركية مساعدة إسرائيل في القضاء على الإرهاب بإرسال قوة من عسكرييها لإقتلاع أي وجود للقاعدة في غزة.. وهو ما تسعى إلية القاعدة وغيرها من المنظمات الإرهابية لتبقى فلسطين مركز الثقل في الصراع بين الشرق والغرب..
لنتخيل للحظه.نتائج حل السلطه الداخلية.. سيتفاقم الإقتتال الداخلي وتزيد حالة الفلتان الأمني.. خطر السرقات والنهب والقتل العشوائي بين الفلسطينيون أنفسهم.. كلها مجتمعه لن ترغم إسرائيل على التدخل والإلتزام بالقوانين الدولية لوقف قتالهم.. بل ستتخذذها ذريعة جاهزة للفصل التام بين شعب يقتل بعضة.. وبينها. ولن تدعو المجتمع الدولي لتعبئة الفراغ الأمني..ستقوم برمشة عين بضم الأراضي التي تفصل بينها وبين الأردن لحشر الفلسطينيين في بؤر صغيرة فقيرة وستعمل على تسهيل هجرة كل من يريد الهرب.. بكلمة صريحة ستساعد الفلسطينيون على إنهاء قضيتهم الوطنية.....
أما في الخارج.. فسيطلب الجميع بما فيها الدول العربية إغلاق جميع المكاتب التي تحمل إسم فلسطين والتحرير..خوفا على امنها ومصالح شعوبها..
الحلول محدودة للغاية.. يقع على رأسها إنهاء كل أشكال العنف.. وإطلاق الصواريخ العبثية التي إعترف بعبثيتها مؤخرا الدكتور احمد يوسف المستشار السياسي لرئيس الوزراء..
التخلص من أشكال العنف المجتمعي وهي الظاهرة التي بدأت تقلق العديد من الفلسطينييون أنفسهم.. والعمل على العديد من برامج التأهيل النفسي..
إعادة الهيبة للقانون الضائع والإقتناع بان الطريق إلى القدس لا يمر عبر تدمير عمان كما حدث في السبعينات.. ولا تدمير لبنان وإعلان دولة الفكهاني.. ولا دعم أي طاغية عربي. كما حصل مع صدام حسين.... ولا التحالف مع نفاق سورية.. ولا مع تهديدات احمد نجادي الفارغه.. إنما يمر فقط عبر إنهاء كل أشكال الإقتتال وبناء الذات وإلإنسان الفلسطيني بثقافة تعايش وسلام وتفويت الفرصة على القاعدة لجعل أرض فلسطين أرض المعركة بين الأسلمة والعلمانية..
وإما إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل فك الإرتباط.. والعودة إلى أحضان الأردن.. هذا إن قبلت االحكومة الأردينة بهذا العبء المثقل بالجراح والأمراض النفسية...بدلآ من مفاجأتها بهجرة جيدة..؟؟؟؟؟

أحلام أكرم - باحثة وناشطة في حقوق الإنسان من لندن