ست سنوات علي تداعيات سبتمبرrlm; 2001، لكن غبارها لم يهدأ بعدrlm;، من ناحية، لان اندفاع رد فعل أمريكاrlm;(القوة العظمي المنفردة بقمة العالمrlm;)rlm; جاء في سياق من الارتباط والغطرسة.. بدد التضامن مع ما لحق بها من كارثة. وبدلا من معالجة أسباب ما أسمته الكراهية لهاrlm;، باتت لا تثق في أحدrlm;، وتجلي ذلك في مفهوم: من ليس معي فهو ضديrlm;، وراحت تطلب الخضوع بدلا من علاقات التشاور الدولي والمصالح المشتركة.
ومن ناحية أخريrlm;، وبعكس أهداف الذين باركوا كوكبة اعتداءات سبتمبرrlm;، لاتزال تجيء النتائجrlm; المخبة للظنون.rlm; فالخسائر المادية والسياسية، لحقت بالعالمين العربي والإسلاميrlm;.rlm; ومن تجليات ذلكrlm;، عربياrlm;، تراجع القضية الفلسطينية علي نحو مفجعrlm;، وحاله العراق المدمر والمهدد بتفكك وحدته كوطنrlm;، واتساع الهيمنة الامريكية، ناهيك عما هو ظاهر ومجسم من أخطار سياسية واقتصادية وأمنية تتهدد الأمة العربية.
ان صور وقائع وتداعيات ما جريrlm;، سوف تملأ شاشات وصفحات إعلام العالمrlm;، فيما يشبه الأحتفال السنوي، لكن هل تغير العالم حقا؟..
فمع مضي هذه المدة rlm; تبدو الأمور في أعين الكثيرين، وكأنها حددت سلفا لإنهاء مرحلة تاريخية بأكملهاrlm;، وبدء مرحلة جديدة تقوم علي أنقاضهاrlm;، وهو ما حدا ببعض المحللين الي القول انه لو لم تحدث الهجمات الارهابية علي برجي التجاره في نيويوركrlm; 2001، لافتعلت أحداث جسام من أجل هذا الهدف عينهrlm;.rlm;
واذا كان كل نظام عالمي جديد ينشأ علي أثر حرب عالمية كبريrlm;، فإن ما حدث في سبتمبر اعتبر بالفعل من وجهة نظر الأمريكيين حربا عالمية تستلزم تأسيسا جديدا للعلاقات الدولية برعاية أمريكية.rlm;
بيد ان حركة الأحداث ومسارهاrlm;، خلال الأعوام المنصرمةrlm;,rlm; كشفت عن ان هناك انقلابا هائلا في التوجهات الأمريكية عالمياrlm;، وان ذلك لم يكن بفعل هجمات سبتمبر المشئومrlm;، أو كرد فعل لهrlm;، وان احتاجت الولايات المتحدة إلي ذريعه كبريrlm;، تضمن بموجبها مبايعة الحلفاء وصمت الأعداءrlm;، فيما تزمع القيام به لاحقاrlm;.rlm;
بدت هذه التوجهات وكأنها خططت جيدا ودرست بعناية، ربما بزمن أبعدrlm;، لارساء امبراطورية كبري تهيمن علي عالم ما بعد الثنائية القطبية والحرب الباردة. وهو العالم الذي أنفردت الولايات المتحدة بتقسيمه أخلاقيا الي خانتينrlm;:rlm; خانة الخير وخانة الشرrlm;,rlm; وتصنيفه الي من معهاrlm; ومن ضدها في حربها الشبحية طويلة المدي ضد الارهاب تارة، وضد محور الشر المزعوم تارة أخريrlm;..rlm;
كان طبيعيا ان تصطدم هذه التوجهات بأوروبا أولاrlm;،أكبر الحلفاء الاستراتيجيينrlm;، التي استشعرت بحكم ميراثها الفلسفي السياسيrlm;,rlm; وخبرتها التاريخية والاستعمارية خطوره تطبيق هذه التوجهات عملياrlm;.rlm; فإذا كانت أوروباrlm;،علي لسان جان ماري كولومباني رئيس تحرير جريده لوموند الفرنسية، رفعت شعار كلنا أمريكيون في مواجهة الارهابrlm;,rlm; ردا لدين أمريكا التي رفعت شعار كلنا أوروبيون خلال الحرب العالمية الثانية، فإن هذه الاخيرة استغلت مبايعة أوروبا ونصبت نفسها علي عرض العالم منفردة علي طريقه الكاوبويrlm;، دون ان تستشير أحداrlm;، بل وبدأت تملي أوامرها وتفرض ما تشاء علي الحلفاءrlm;(باستثناء اسرائيلrlm;),rlm; الذين حولتهم الي اتباعrlm;.rlm;
ويكشف الجدل الأكاديمي السياسي الدائر في العالم عبر دفتي الاطلنطي طوال السنوات القريبة الماضية عن جملة أمور تطبع هذه التوجهات وتسيرها rlm;:rlm;
rlm;*rlm; أولاrlm;:rlm; تحول الولايات المتحدة من كونها دولة عظمي تحمي الحريات والديمقراطية وحقوق الانسانrlm;، إلي امبراطورية كبري لا تأبه كثيرا بهذه الحقوقrlm;، إلا من أجل ابتزاز العالم بالمساعدات التي تقدمها لبعض الحكوماتrlm;.rlm; وهو ما أشار إليه تقرير المنظمة العالمية لحقوق الانسانrlm;,rlm; هذا من جهة، من جهة أخري الغاء المقاييس الموضوعية في العالمrlm;,rlm; حتي في اختيار تحالفاتهاrlm;.rlm; اذ حصرتها في من هو معها ضد الارهاب بصرف النظر عن طبيعه مذهبه وسلوكه. مما دفع العديد من رجالات أمريكاrlm; العقلاء والخبراء من جمهوريين وديمقراطيينrlm;، من أمثال بريجنسكي وسكوكروفتrlm;، إلي انتقاد السياسة الخارجية لبلادهمrlm;، لاقتناعهم بانها ضارة ببلادهم ومبادئها ومصالحهاrlm;.rlm;
rlm;*rlm; ثانياrlm;:rlm; التحول عن ارساء نظام عالمي جديد يقوم علي التشاور والتحاورrlm;، ويلقي قبولا عاما من دول العالم الي الانفراد بتقرير شكل هذا النظام ومضمونهrlm;، عن طريق نشر الحروب وتأجيج الصراعات في بقاع عديدة من العالمrlm;،rlm; فضلا عن الانحياز الصارخ ضد أحد طرفي أي صراع أو نزاعrlm;، مما يؤكد ان الاستراتيجية التي تطبقها الإدارة الأمريكية في عهد بوش الإبن، وتتعامل بها مع العالم، ليست نظاما جديداrlm; وإنما تنظيم لفوضي يراد لها ان تعم العالمrlm;.rlm;
rlm;*rlm; ثالثاrlm;:rlm; التراجع عن أهم مشروع انساني حضاري وهو السلام العالميrlm;,rlm; الذي دشنه الفيلسوف الألماني ايمانويل كانط في كتيب صدر عامrlm;1795rlm; تحت عنوان مشروع للسلام الدائم والذي استلهمت ميثاقه عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأوليrlm;,rlm; ثم منظمة الأمم المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية، وهو مشروع يقوم علي الضم المتناغم لعدة نظم قانونية سواء داخل الدول أو فيما بينهاrlm;، لتحقيق نوع من المواطنة العالمية. أي نظام عالمي يقوم علي الشرعية والتعاون والاندماج لا المواجهة والانفرادية والهيمنة.
rlm;*rlm; رابعاrlm;:rlm; احياء فلسفه توماس هوبز السياسية بكل تجلياتها، خاصة فكرته عن اللاوياثانrlm;1651,rlm; أو ذلك الحيوان المخيف برءوسه المتعددة، والذي لا يستطيع أي فرد أو مجموعة من البشر ان تنازله أو ترصد رءوسهrlm;، لأنه أشد بأسا وبطشا عن الجميعrlm;,rlm; وحسب المزمورrlm;(74)rlm; لداوود النبيrlm;,rlm; فإن الله وحده في جبروته استطاع ذلكrlm;.rlm;
وبفضل سلطة اللاوياثان المطلقة، يستطيع ان يضع حدا للحروب وتأمين الأمن للجميع في هذه الغابة العالمية المؤلفة من مجموعة من الذئاب الأشرارrlm;.rlm;
هذا المعني أورده روبرت كاجان أحد زعماء المحافظين الجدد في الفكر السياسي الأمريكي المعاصرrlm;,rlm; في مقال له بمجلة بوليسي ريفيو الأمريكية، إذ يقولrlm;:rlm; ان اوروبا تستمتع بالحياة في جنة كانط التي أصبحت ممكنة فقطrlm;، بفضل قيام الولايات المتحدة بفرض الانضباط علي عالم يتطابق مع رؤية توماس هوبزrlm;.rlm;
rlm;*rlm; خامساrlm;:rlm; تكرار واجترار التجارب الفاشلة في التاريخ الانساني القديم والحديثrlm;، وهو ما يكشف عن خلاف أساسي في الثقافة الاستراتيجية بين أوروبا تحديدا والولايات المتحدة. فالأولي تخلت عن فلسفة طبعت سلوكها إبان الفترة الاستعمارية التي امتدت أربعة قرون ولم تعرفها الولايات المتحدة. أما هذه الاخيرة، فهي تعيد سيره القوي الامبريالية العظمي التي تحررت من عقدتها أوروباrlm;.rlm;
وتشير أحدث دراسة أشرفت عليها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ذاتهاrlm;، والتي تستشرف أحوال العالم عام rlm;2015 ,rlm; الي تصاعد حده التوتر السياسي الاقتصادي بين الولايات المتحدة وأوروباrlm;، وهو ما قد يؤدي الي انهيار تحالفهما مع صعود نجم روسيا كقوة عظمي.
rlm;*rlm; سادساrlm;:rlm; التحول من الاهتمام بالجزئيات المتعلقة بأمن النفط وأمن اسرائيل إلي التركيز علي الكليات التي تشمل السياسة والاقتصاد والثقافة في منطقة الشرق الأوسطrlm;، مما يتطلب تغيير معالم هذه المنطقة سواء بالحرب أو بالضغط والإبتزاز أو بتهميش دور الفاعلين الأساسيينrlm;، حيث أصبح نسيج الأمن والسياسة في هذه المنطقة الحساسة من العالم جزءا أساسيا من الخيوط التي تحيك بها الولايات المتحدة أمنها الخاصrlm;.rlm; فضلا عن ان ما يدرس في مدارس مصر وسورياrlm;،أو ما يقال من فوق منابر المساجد في السعودية وباكستان وايرانrlm;، أصبح شأنا أمريكيا أيضاrlm;.rlm;
واذا كان من المتوقع ان تنشأ خلافات حادة بين الولايات المتحدة وقوات التحالف في الفترة القادمة بعد الفشل الذريع في العراق، فإن هذه الخلافات ستنسحب علي معظم دول منطقة الشرق الأوسطrlm; (الكبيرrlm;)، وقد بدأت بالفعلrlm;. غير انه من الخطأ التعامل معها علي أنها خلافات ثنائية. ذلك لان هذه الخلافات ترتبط بمجمل التوجهات الأمريكية التي أشرنا إليهاrlm;، كما أنها ترتبط بالمنظومة العامة لها، والتي يتداخل فيها الثقافي والسياسي والعسكري والاقتصاديrlm;، وهو ما يتطلب ابتداع رؤية استراتيجية عربية بديلة تتجاوز ما قبلrlm;11rlm; سبتمبر إلي ما بعدهrlm;، وتشمل المراجعة الجذرية لإشكالية الذات والآخر خاصة ان الفكر العربي قد درج إلي اعتماد مفاهيم ميتافيزيقية في تحديدهاrlm;، وهي مفاهيم تعمل علي إعطاء هذه الإشكالية ماهية ثابتة تفرض نفسها عبر كل العصورrlm;، ولا تأبه بالمتغيرات العالمية التي تستلزم إعاده صياغتها من جديدrlm;.
أستاذ الفلسفة جامعة عين شمس
[email protected];
أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونيه
التعليقات