ان حياة ً لاتـُنتقد، غير جديرة بأن تعاش.....سقراط
حينما نتابع الفساد في العراق وماوصل اليه الوضع المأساوي لشرائح كثيرة من المجتمع العراقي التي تعاني الأمرين في بلاد النفط والنخل والخير الوفير, نتذكر مقولة سقراط هذه..
حتما سيقول المدافعون عن الحكومة العراقية : كيف اننا لانتقبل النقد, ومقالاتكم الناقدة تنزل علينا من كل حدب وصوب ومن كل انحاء العالم وبكل وسائل الاعلام، ولم تعتقل الحكومة العراقية اي ناقد ولاشاتم لها ولنهجها؟
هنا نجبر على اضافة جملة على مقولة سقراط وهي:
ان الإستخفاف بالنقد لايختلف عن منعه..
فالدكتاتور صدام, لم يكن يسمح لأحد بأن يفتح فمه بكلمة نقد رغم كل الدمار الذي احدثته سياسته, وقد اقفل الأفواه حتى بلغ السيل الزبى وكان ماكان, وحصلت الكوارث التي سيبقى اثرها بالعراق مابقي شعبه, والحكومة العراقية الان تصم ّ كل آذانها، اذن مالفرق والفساد يستشري يوما بعد آخر؟
ولا ينفع الحكومة العراقية دراسة امر ما في البرلمان ومجلس النواب، لأن بعض اعضاء المجلسين يساهمون بشكل مباشر او غير مباشر بهذا الفساد عبر منحهم المراكز والوظائف لاقربائهم ومريديهم.
ليكن البرلمان وكذلك مجلس النواب شجاعا وليبدأ بكل عضو فيه بالسؤال عن عدد افراد عشيرته واقربائه ومريديه من محتلي المناصب والوظائف في الدولة، وسيـُعرف سبب الفساد حتما.
فالمحاصصة الحزبية وعدم وضع الانسان المناسب في المكان المناسب هو العلـّة في العراق، هذا اضافة الى تسلل عناصر من البعث المقبور ليقوموا بالانتقام والعمل على استعادة المجد المفقود عبر الاساءة للسلطة, واستغلال الوظائف الحكومية ليعيثوا في العراق فسادا دفاعا عن سيدهم المقبور.
ولايمكن ان يتوقع عاقل ان هذه الحكومة التي ساهم اكثر رموزها بالفساد الحالي - ان كان من مدعي الدين او مدعي الليبرالية من الكرد والعرب - قادرة على التصدي له والقضاء عليه.
ولايخفى على احد بان الكثير من المهتمين بأمر البحث عن الفساد يملكون مستندات ووثائق واثباتات تدين بعض المسؤولين والمستشارين، لكن بعضهم يخشون كشف الحقيقة, فمن يقوم بسرقة الحياة من افواه الجياع ويجمع ملايين او مليارات الدولارات، لايتورع عن تدبير القتل لأحد في زمن الإرهاب والموت اليومي في عراق يمتاز باقصى درجات الفوضى والقتل اليومي وانتشار الجثث غير المعروفة الهوية والمقطوعة الرؤوس.
لقد اختلط الأمر, وصار الصراع بين عاشقي السلطة والمال مكشوفاً، متجاوزاً حدود المعقول، عابراً الى مستنقعات آسنة من الزيف, متقنعا ً باسم الشعب والوطن.
وقد لا نحتاج أحيانا لاي مستند يدينهم، فبمجرد معرفة وظائف مريدي هؤلاء واقربائهم، نكشف فسادهم واجرامهم بحق الشعب الذي منحهم الثقة واعطاهم الاصوات الغافلة التي اوصلتهم للحكومة، اضافة الى بعض مستشارين يتجملون برئاسة منظمات مدنية حمائمية, او مؤسسات ثقافية ينشرون احبابهم ومغطي جرائمهم على السفارات العراقية في العالم، بدون وجه حق ولا لكفاءة يملكونها.
وبعد ان عجزت لجنة النزاهة عن استكمال دورها المطلوب، حيث استـُبعد منها بعض النزيهين دون الكشف صراحة وامام الشعب سبب استبعادهم، أمثال القاضي quot;راضي الراضيquot; الذي وضع اليد على بعض جرائم الكبار في الحكومة.
كما عجزت منظمات أخرى عن ايقاف الفساد، حيث عششت السرقات في غالبيتها, ومثلما اصبحت بعض المنظمات المدنية الوهمية أشبه بعصابات كسالى أرادوا الإسترزاق منها- طالما أن كبير القوم غير أمين - وكبير القوم هذا قد يكون وزيرا او مستشارا كبيرا او برلمانيا وربما أكبر من ذلك بكثير, من شخصيات تنكشف حساباتهم الضخمة في البنوك الخارجية يوميا, فلماذا لاتكون السرقة والاختلاس والاحتيال لعبة يمارسها الجميع وتصبح مع الزمن تقليدا غير مستهجنا وكما قال الشاعر :
اذا كان رب ُ البيت ِ بالدفّ ِ ناقرا times;times; فشيمةُ أهل البيت كلـُهم الرقص ُ
و بعد ان عرف ابناء العراق ان quot; حاميها حراميها quot; كما يقول المثل الشعبي، وان هذه الحكومة لايمكن اصلاحها، فما عليهم سوى أخذ دور المراقب للحكومة والنظر بعين الوطن المستباح لمغتصبيهم الجدد, من الفاسدين ومدعي الوطنية ويحاكمونهم على اساس quot;من اين لك هذاquot; لا بسبب الغنى فقط بل بسبب المحسوبيات والوساطات التي تفقر المستحق وتغني المعتدي.
كما لابد من سحب الثقه بهم والمطالبة بملاحقتهم عن طريق الانتربول ان اقتضى الامر لاستعادة المليارات المسروقة من قوت ملايين الفقراء.
واسأل كل الفقراء والمهمشين من ابناء العراق :
ألا تستحقون الرفاه والاستقرار الاقتصادي مثل سواكم من ابناء البلدان التي تمتلك اقل من العراق مواردا وخيرات؟
الا تستحقون حياة مثل حياة ابناء الكويت والامارات؟
هل انتم بحاجة لمن يقول لكم استفيقوا بعد كل مامر بكم من آلالام؟
لماذا كتب عليكم الحزن والموت جوعا وتشريدا وقهرا ولديكم عقولا في رؤوسكم؟
كفانا من وعظ السلاطين واصحاب العمائم, والسياسيين المنتفعين الصاعدين على جثث احبابنا, فقد علــّمنا التاريخ انه يلعن الشعوب التي لا تستفيد من تجاربها, فهل رضيتم الانحدار في دروب اليأس والاحباط، باكين متوسلين أوهام القرون ألاولى لإخراجكم من المحنة، مبتعدين عما يجري في العالم من تقدم يحقق الرفاه والسعادة للشعوب؟
فان كان كذلك فهو لعمري الانتحار ُ لشعب ٍ, يفتخر انه صانع أولى الحضارات بالتاريخ.
اية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه
التعليقات