من الصعب تجاهل الدور السوري في المنطقة العربية حال كونه يقوم بالدور الرئيس في تأجيج حدة المفاهيم المتعلقة بالقومية العربية، وعلي وجه خاص المتعلقة بالقضية الفلسطينية وإخراجها من حيزها الفلسطيني / الفلسطيني، علي الدوام، إلي حيز أوسع لتدور في الفلك الأوسع، العربي / الفلسطيني، بإعتبار أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية التي لا تعلو عليها قضية ولاتسبقها قضية، ومن ثم أصبحت القضية الفلسطينية بهذا البعد القومي العروبي في جانب، والإسلامي الأممي في جانب آخر، متعددة الولاءات ومتباينة المفاهيم من السياسي للديني للقومي العروبي حول مفاهيم القضية الفلسطينية لدرجة أنه يصعب حالياً الإيمان بأن هناك علي الخارطة الجغرافية وطناً يسمي فلسطين، ومن الصعوبة سياسياً نسبة فلسطين المحتلة، أو الجزء الموجود عليه فلسطينيون سواء في قطاع غزة، أو في الضفة إلي الفلسطينيين أنفسهم، لأن فلسطين الوطن المحتل منه أو المسلم منه بالإتفاقيات المحزنة، أو المخجلة، أمست وأصبحت وأضحت ملكاً للعرب والمسلمين في كل مكان علي أرض المعمورة!!
فالجغرافيا لم تصبح فلسطينية، وكذلك التاريخ لايمكن فصله عن الجغرافيا، ومن ثم صار التاريخ عربي / إسلامي، فمرة ينسب للعروبة، وأخري ينسب للإسلام، وهذا التداخل المتعمد من جانب العروبيين والإسلاميين ساعد في تضييع الحقوق الفلسطينية لدرجة وصلت إلي أن أصبحت فلسطين هي عبارة عن الضفة والقطاع فقط، بل، وهناك صراع كأنه متعمد في مقاصده لحسابات وولاءات غير فلسطينية، وإنما تتعدي الولاءات إلي خارج الإطار الفلسطيني، ليكون الولاء لسوريا علي الدوام، ولمصر في بعض الأحيان، بل وكانت هناك ولاءات للعراق واليمن وليبيا، إلا أن الولاء القومي العروبي أصبح بإمتياز سورياً في أساس وجوده ومنشأه البعثي، بإستثناء بعض الأدوار المصرية التي لم تعد علي المحك السياسي في قوالبه الموظفة للتخديم ليس علي القضية الفلسطينية، ولكن علي القضية السياسية المصرية ذات الشأن الداخلي والمهتمة بالتخديم علي قضية الإستبداد السياسي وتوريث الحكم بصورة دستورية وقانونية بعد حزمة التعديلات الدستورية والقانونية التي تتيح ذلك!
الأنظمة العربية جميعها تراهن في وجودها علي تأزيم المسألة الفلسطينية لتصبح بلا حل علي الدوام، وأساس تأزيم المسألة الفلسطينية يرجع إلي الأنظمة العربية مجتمعة حتي من أبرم إتفاقيات سلام مع الدولة العبرية، أو من يفاوض من تحت الطاولة، ويرجع كذلك لليمين الإسرائيلي المتطرف الرافض للسلام والتعايش السلمي بأجنحته الدينية المتعصبة والإرهابية التي تراهن في وجودها سياسياً علي التصعيد الدائم للتأزيم.
وكأن هناك شبه عمد في تغذية التيارات الدينية بين أنصار الإستبداد والطغيان، وضد إرادة المجتمعات الراغبة في العيش في سلام وأمان من غير حروب وقتال ودماء.
كذلك الأزمة متوغلة في النصوص الدينية وتوغلها الأعمق كامن في ثنياها وحواشي تفسيراتها وتأويلاتها اللانهائية، والذي يخرجه من الكمون والسكون والثبات هم ذاتهم أصحاب المصلحة السلطوية الإستبدادية وأرباب الطغيان من خلال منظومة دينية رسمية تابعة لأنظمة الطغيان وبتحريض متعمد للتيارات الدينية الراديكالية من خارج المؤسسات الدينية السلطوية الرسمية.
والسؤال المر الذي يترك غصة في الحلق يكمن منطوقه في مدي رغبة الجانب الإسرائيلي بمحازاته مع الجانب الفلسطيني أولاً، والعربي ثانياً، وأقصد بالعربي ماهو خارج إطار الأنظمة العربية الحاكمة والتي تاجرت بالقضية الفلسطينية علي حساب الشعوب والجماهير العربية المحكومة بالفساد والإستبداد بقبضة طغيان الحديد والنار.
هل الشعوب العربية مؤهلة للتعايش السلمي داخل أوطانها، وذلك بالنسة لكل قطر علي حدة، مما يكون معه بداية زرع أول بذرة أو نواة في بستان السلام الداخلي علي المستوي الوطني؟، وأظن أن هذا التساؤل يذهب بنا إلي بدايات الوصول لنهايات طريق السلام سواء بين العرب والعرب، أو بين العرب وغير العرب بصفة عامة.
إن الدول العربية أحوج ماتكون إلي التطبيع فيما بينها، وإبرام إتفاقيات سلام عربية / عربية، قبل الخوض في الأحاديث عن إتفاقيات السلام العربية / الإسرائيلية، لأن حالات الإختصام والإحتراب العربية / العربية، مازالت مستمرة وجالبة لخيبات التاريخ ومراراته اللانهائية لتضفيها علي الواقع المأزوم، مضفية ظلالاً من الشكوك علي المستقبل ليكون ميؤساً منه بجدارة وامتياز، في ظل أنظمة غاب عن دساتيرها وقوانينها العرفية والمكتوبة مبادئ الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وحقوق الأقليات الدينية والعرقية، فكيف لأنظمة حكم الطغيان والفساد والإستبداد، أن تبني قواعد للسلام والعدل بين مواطني هذه الدول الذين هم رعايا لهذه الأنظمة وليسوا مواطنين، وكيف يكون هناك سلام بين دول تحكمها أنظمة الإستبداد، والأسوأ، كيف يكون هناك سلام بين الدول العربية وغيرالدول العربية، وخاصة الدولة العبرية مع الأخذ في الإعتبار الفارق الحضاري والثقافي والتكنولوجي بأبعاده العلمية وفوائض القيمة التكنولوجيا لدي الدولة العبرية مقارنة بكل الدول العربية مجتمعة، الأمر الذي يكون معه الخط البياني لمعدلات التنمية والقوة الإقتصادية والعسكرية مذهلاً، مما يجعل الدولة العبرية في غير حاجة ماسة لفعاليات السلام مع الدول العربية؟
إن التقييم الأمريكي الأوروبي، وحتي الإسرائيلي تقييم خاطئ تعدي حدود اللامعقولية ليسكن في كنف سوء القصد المتعمد من جانب تلك الدول التي تراهن علي الديمقراطية والتنمية والسلام برهاناتها الخاسرة علي أنظمة الحكم الإستبدادية في تحقيق معادلة السلام من خلال الديمقراطية والتنمية، وحقوق الإنسان، وحقوق الأقليات الدينية والعرقية، وقضايا التمييز الديني بأسبابه اللانهائية في الحصر في بلاد التخلف وأوطان العار المأزومة بأنظمة الإستبداد.
مازالت تلك الرهانات خاسرة أمام منظومات الطغيان والإستبداد، لأن تلك الأنظمة تراهن علي بقائها واستمراريتها في الطغيان والظلم والفساد والإستبداد علي معادلة العداء للسلام والديمقراطية والحريات، وتحرض الجماهير واشعوب علي تلك العداءات عبر صنائع الإستبداد المهيأة مناخاتها بقضايا مغروسة في تربة التاريخ وكارهة للحاضر ومعادية للمستقبل، بمفاهيم قومية أو دينية، مشجعة التيارات الدينية السلفية والجهادية القتالية لإزكاء نار العداء للسلام والديمقراطية والحريات.
بل ويتعدي الأمر إلي رجال السياسة الرسميين في إظهار تلك العداءات، وعلي سبيل المثال ما أبداه رئيس القومانية العربية عمرو موسي حال وجوده في صالة كبار الزوار بمطار القاهرة الدولي أثناء توجهه إلي نيويورك ووصل عاموس جيلعاد، فما أن توجه عاموس جيلعاد لمصافحة عمرو موسي إلا أن أفراد من أمن المطار منعته من هاته المصافحة، معللة ذلك المنع بأن سيارة عاموس جيلعاد قد وصلت، والغريب أن السيد عمرو موسي قبيل مغادرته مطار القاهرة لنيو يورك لحضور الإجتماع مع أعضاء اللجنة الرباعية الممثلة بوزراء من اللجنة الرباعية، واعضاء المبادرة العربية للسلام قال ما هو مفاده أنه لايوجد أي تقدم في عملية السلام!!
ولاحط بالتوازي مع ذلك ماحدث من عاصفة سياسية ودينية في الأوساط المصرية والعربية أثناء مصافحة شيخ الأزهر لشيمون بيريز في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك الرفض العارم لتك المصافحة التي دلل عليها شيخ الأزهر بانها تمت بطريق المصادفة ودون ترتيب يذكر!!
اتفاقية السلام المصرية / الإسرائيلية المعروفة بإتفاقية كامب ديفيد، منذ التوقيع عليها في 17 سبتمبر/ أيلول 1978 ومعاهدة السلام التي تم التوقيع عليها في 26 مارس /آذار 1979 من جانب النظام المصري والدولة العبرية، مازالت تمثل أزمة علي المستوي الشعبي / الجماهيري في مصر، وبين المجتمع في إسرائيل، مع ملاحظة الفارق في التوصيف بين مفهوم النظام والدولة، ومفهوم الشعب أو/ الجمهور، والمجتمع، ولا زالت العداءات مستمرة بين الدولة العبرية علي وجه خاص وبين اليهود بصفة عامة لما تزكيه النصوص الدينية في الكتب الدينية لدي المسلمين واليهود متجاوزة التاريخ وعابرة لحدود الجغرافية والقومية، ولأن الصراع له أساس ديني وايديولوجي متجاوزاً لحدود السياسي إلي الاجتماعي، فكانت الديمومة للعداءات المتبادلة بين اليهود والمسلمين!!
وبالرغم من أن هناك اتفاقية سلام مصرية / إسرائيلية وقع عليها الطرفان،الأول ممثلاً للنظام السياسي الحاكم في مصر آنذاك، والثاني ممثلاً للدولة العبرية، إلا أن هذه الاتفاقية كانت بين النظام السياسي الحاكم فقط ولم يحاول النظام السياسي المصري عبور هذه الاتفاقية إلي المجتمع المصري لأن مصر لم تعرف النظام الاجتماعي، وإنما في مصر شعب / جمهور، وهذا راجع للنظام السياسي الاستبدادي الحاكم والقابض علي سلطة الحكم بقبضة حديدية لا يمكن معها خلق نظام اجتماعي منظم يعبر عن احتياجاته السياسية ومطالبه الاجتماعية بوعيه الاجتماعي الغير موجه من سلطة الحكم.
وعلي الجانب الآخر فإن الأزمة تكمن في المجتمع الإسرائيلي الذي يعبر عن طموحاته السياسية والإجتماعية بإنتخابه لقوي اليمين القومي والديني الذي يحمل طموحات المجتمع الإسرائيلي والمعبر عنه بكل صراحة، مهدراً فرص القوي اليسارية ذات الميل للحل السلمي، ومهدراً القوي الإجتماعية صاحبة لواء الحل السلمي للأزمة الفلسطينية الإسرائيلية بأبعادها العربية المصطنعة، والتي تعتبر من أهم أسباب فشل كافة الحلول للقضية الفلسطينية / الإسرائيلية.
كأن لقاء فضيلة شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي لشيمون بيريز في حوار لقاء الأديان ومحاولته إيجاد مبرر أخلاقي، وليس دينياً لمصافحته لرئيس الوزراء الإسرائيلي يمثل أزمة في العقل العربي / الإسلامي ليس بمفاهيمه الراسخه، وإنما بثوابته العقائدية الدينية الرافضة حتي للحوار فما بالك بعبور قنطرة الحوار لتمتد للمصافحة، مما دعى بفضيلة شيخ الأزهر صاحب المواقف الحاملة لعلامات التعجب والاستفهام أن يبحث عن مبرر لهاته المصافحة التي أثارت عليه قوي الشارع والجمهور المصري والعربي علي حد سواء، ناهيك عن مواقف الجماعات الدينية الأصولية الخارجة عن الإطار الديني الرسمي المعبر عن المؤسسات الدينية الحكومية والتي قد تصل إلي تكفير شيخ الأزهر أو الوصول إلي حكم يقضي بتفسيقه أو بوصفه بالعصيان لكتاب الله وسنة رسوله وهذا ليس بمستبعد!!
ومن ثم قال شيخ الأزهر: أنه فوجئ بالرئيس الإسرائيلي، وأنه كان من ضمن عشرين شخصية دولية ممن صافحهم، وأن اللقاء والمصافحة لم يكن مرتباً له، وأنه لم يستغرق سوي ثواني، بل وعرض في كلامه جملة مفادها أنه لم يوقع اتفاقية تنازل عن فلسطين لإسرائيل لكي تحدث الضجة المفتعلة والمقصودة حسب ما صرح به.
وحسب ما نشرت آفاق في موقعها الإليكتروني بتاريخ 5 12 2008 من أنه قد: كذبت تقارير صحفية إسرائيلية رواية شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي التي قال فيها إن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز هو الذي بادر بمصافحته على هامش مؤتمر حوار الأديان الذي عقد مؤخراً في الأمم المتحدة. وقالت صحيفة quot;معاريفquot; الإسرائيلية إن ما ذكره شيخ الأزهر quot;ليس صحيحاquot;.
وأكدت الصحيفة أن طنطاوي هو الذي بادر بالتوجه إلى بيريز لمصافحته، بعكس ما صرح به من أنه لم يكن يعرف بيريز من قبل، ونفت رواية الشيخ التي قال فيها quot;إن المصافحة كانت عابرة وجاءت بالمصادفة، وبحسن نية، فقد صافحت أكثر من عشرين شخصًا في آن واحدquot;.
وقالت الصحيفة العبرية منذ نشر الصورة في وسائل الإعلام، يواجه شيخ الأزهر، الذي يعمل كموظف عام من قبل الرئيس مبارك، اتهامات quot;كما لو كان يصدق على قتل الفلسطينيينquot;، في إشارة إلى موجة التنديد بالمصافحة، التي جاءت في وقت يعاني فيه الفلسطينيون في قطاع غزة من كارثة إنسانية نتيجة حصار غزة التي تسهم في استمراره إسرائيل وحركة حماس.
ولا يمكن أن ننفي أو نثبت كلام شيخ الأزهر أو كلام معاريف ولكن الذي نريد أو نحاول إثباته أن موقف المؤسسة الدينية الحكومية تتماس مع النظام المصري الحاكم في توجهها العام والخاص بشأن القضية الفلسطينية / الإسرائيلية، فالموقف الرسمي / العام، يتعاطي المسألة بخلفية اتفاقية السلام رسمياً، وحينما يتم التعاطي مع المسألة الفلسطينية يغرب الطابع الرسمي ويبزغ الطابع الشعبي / الجماهيري علي المسألة، وهذا ما تم بالنسبة لمصافحة شيخ الأزهر لرئيس وزراء الدولة العبرية شيمون بيريز، حيث غياب العقل وتغييب الشارع المصري / العربي، حالة كون أن الجماهير / الشعوب، ليس لديها عقل، وإنما تحركها يكون بعقل السلطة الحاكمة حسبما تريد توجيهه، و بعقل أذناب السلطة الموظفين من قبلها سواء كانوا من القوميين أو / الإسلاميين فهم من لديهم السلطة اللغوية علي تحريك الشعب / الجمهور، من خلال معادلة تحافظ فيها السلطة علي بقائها من خلال إدارة صراع مفتعل تكون نتائجه الحقيقية في المحصلة النهائية تساوي صفر كبير من نصيب الشعوب/ الجماهير صاحبة المصلحة صفر.
واقرأ معي ما تم نشره بصحيفة المصري اليوم فيما تنقله عن القدس العربي، حيث: نظمت إسرائيل مزاداً علنياً لبيع الهدايا التي قدمها الزعماء العرب، سواء أولئك الذين يقيمون علاقات دبلوماسية مع إسرائيل أو أولئك الذين يتعاملون معها سراً، وانتهى المزاد بإعلان مديره تحقيق أرباح وصلت إلى مئات الآلاف من الدولارات، بعد عملية بيع استمرت ٣ أيام متتالية.
ولأسباب أمنية ولكي لا ينكشف أمر الزعماء العرب الذين أغدقوا هذه الهدايا، أمرت أجهزة المخابرات الإسرائيلية منظمى المعرض -وهم من موظفى الدولة - بإزالة العديد من - وليس كل - الشعارات والكتابات على الهدايا المعروضة للبيع، والتى تم تقديم العديد منها لرئيس جهاز الاستخبارات laquo;الموسادraquo;، مئير داجان.
وبحسب الصحيفة، فإن من بين الهدايا اللافتة التى عمدت السلطة إلى عدم إزالة مصدرها كانت هدية الملكة الأردنية رانيا العبدالله، وهى عبارة عن laquo;منفضة كبيرة مليئة بالتحفraquo;، وقعت عليها بخط يدها، كما لم يخف منظمو المعرض هدية قدمها الرئيس الفلسطينى محمود عباس laquo;أبو مازنraquo; لرئيسة الكنيست داليا آيتسيك، وهى طاقم من الذهب الفاخر.
وشمل المعرض أيضاً ساعات ثمينة مرصعة بعلم إحدى الدول الخليجية، إضافة إلى موقد لشواء اللحم مرصع بالأحجار الكريمة لم يعرف مصدره، كما شوهدت علب مصنعة بإحدى الدول العربية ومبطنة بقماش أحمر، قالت الصحيفة إنها صنعت فى سوريا.
وهذا ما تصنعه أنظمة الاستبداد علي الدوام، حينما تصادق الدولة العبرية وتعلن علي الدوام أن بينهما علاقات شراكة إستراتيجية قد تصل في بعض أحيان الحديث إلي إمكانية التصديق بوجود وحدة بين مصر والدولة العبرية، وذلك علي المستوي السياسي / والديبلوماسي، ولكن علي المستوي الشعبي الجماهيري، قد تصل الأمور إلي حد الشعور بأن الحرب قد تكون غداً، وهذه المشاعر تغذيها السلطة الاستبدادية للظهور أمام الدولة العبرية، ودول العالم وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية بأنها، إذا تركت أسلوب ونظام الاستبداد فسيكون البديل الحاضر والفارض نفسه هو إما التيار الديني، أو التيار القومي العروبي، وكلاهما عليهما مآخذ لدي الدولة العبرية، والدول الغربية وعلي الرأس منها الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا الطُعم دائماً تبتلعه تلك التيارات الغارقة في الغيبوبة العقلية والغير منتبهة إلا لحالة واحدة فقط هي البحث عن طرائق وأساليب إدارة الصراع حتى يتم تحرير فلسطين من النهر إلي البحر، ولكن هذا الأمل المؤجل لحين بزوغ نجم الوحدة العربية، أو عودة الخلافة الإسلامية، والأمل في الانتظار هو المسيطر علي العقلية الغيبية، أو العقلية الاحتمالية، وما بين الاحتمال والغيب ستستمر مأساة الشعوب العربية، وتتوالى أزماتها المحترقة بنيران الاستبداد والمؤجلة أحلامها لحين حل الأزمة الفلسطينية، مستبدلة المتاح بالمحتمل.
ونخلص مما سبق سرده أن خيوط السلام في البداية مملوكة للولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي، والعديد من الدول الحرة، والتي تمتلك أوراق الضغط من خلال ماتم الإتفاق عليه دولياً بالشرعية الدولية من خلال جملة الإتفاقيات والمعاهدات والمواثيق والعهود الدولية التي وقعت عليها تلك الدول الإستبدادية والزعماء الطغاة، وكذا من خلال المحكمة الجنائية الدولية، والمحاكم الدولية الأخري، وكذا ربط التعاملات الديبلوماسية والسياسية بقضايا الديموقراطية والحريات وحقوق الإنسان، والأقليات، ومكافحة التمييز الديني بأسبابه العديدة، والنظر لمعدلات الفقر والمرض والأمية ومؤشراتها الخطيرة في تلك الدول بإعتبارها علامات دالة علي فسادها واستبدادها، لأن التنمية والديمقراطية والحريات دعامات من دعائم السلام واسسه التي يبني عليها، ومن ثم فلا سلام بلا تنمية، ولا تنمية بلا ديمقراطية وحريات، ولا حريات وديمقراطية في ظل أنظمة حكم إستبدادية يحكمها الطغاة.
فقضية السلام وفعالياته معلقة علي آمال الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، حيث تكون التنمية أول معدلات العدالة الإجتماعية والرفاهية الإقتصادية، المعلق عليها كافة إحتمالات المستقبل!!