الفكر الأنجيلي القديم حبس العلم في قمقم حتى أطلقه العلماء، بعد أن كسروا سلاسل وأغلال الكنيسة، ورهبانا وأحبار كنزوا الذهب والفضة ولم ينفقونها في سبيل العلم.
وحين نرى كفر نيشته وراسل وفوكو كما تعجب أخ في جدة، وأنا أشرح لهم التطور العلمي، وأستشهد لهم ببرتراند راسل قال ولكنه كافر؟؟
كان جوابي نعم لقد كتب الرجل بعنوان لماذا أنا لست مسيحيا؟
كله بسبب التاريخ المرعب لمحاكم التفتيش والفكر الديني الخانق.
ولم يتطور علم الانثروبولوجيا وسواه من العلوم لولا انطلاقة العقل المباركة، بدون قيود وحدود ولجام..
بعد أن تحرر من البابا وأشياعه، والكنيسة وفراملها، ومحاكم التفتيش ورعبها.
وهذه الإعاقة ليست حكرا على الكنيسة، بل هي مأساة الفكر الديني في عمومه، فليس أعظم من الدين، ولا أبأس من المؤسسة الدينية.
وليس من ظلم في التاريخ تمت ممارسته بقدر الله والدين..
وهنري الثامن البريطاني قطع بالبلطة رؤوس ستة من زوجاته باسم الله، وذبح وأحرق أحياء أكثر من سبعين ألفا باسم الله والصليب والثالوث المقدس، وتحت فتاوى الكرادلة..
وخنق السلطان مراد أربع عشرة من أخوته، ليلة اعتلاءه العرش، بفتوى من شيخ المشيخة، بأن الفتنة أشد من القتل، وأن خنق 14 شابا من العائلة المالكة هي دفع الفتنة..
ونظرة لأغطية رؤوس رجال الدين بين أسود وأبيض وأحمر وذهبي، نعرف مدى البؤس الذي يرزح فيه البشر في قبضة هؤلاء الكهنة، الذين يحددون أمكنة الجنة ويشترون به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون؟
والعلم الحديث حين انطلق فك السحر وفهمنا تاريخ الإنسان..
وحسب السجل الأنثروبولوجي فقد مر التطور الإنساني في مراحل من الذي كشفه العالم الفرنسي (برونيت) في تشاد، أو الأمريكي (تيم وايت) في الحبشة، واخذ اسم (ارديبيثيكوس راميدوس Ardipethicus Ramidus) ويعود إلى 4.4 مليون سنة. ومرورا بهيكل (لوسي Lucy) وأخذ اسم (استرالوبيثيكوس افارينيسس) وعمره يتراوح بين 3.2 إلى 3.4 مليون سنة.
أما (هومو اريكتوس) الإنسان المنتصب فقد بدأ رحلته قبل 2 مليون سنة. وكان مصنفاً حتى الآن أنه مرحلة عابرة بين القردة العليا والإنسان العاقل الذي أخذ اسم (هومو سابينز)؟
وكان السؤال حتى اليوم عن التحول الذي طرأ على إنسان الهومو اريكتوس فقفز به إلى عتبة الإنسان الناطق؟
وتدور التخمينات حاليا حول دور الغذاء، ويبدو أن تناوله للحم هو الذي دفع الدماغ للزيادة في الوزن، حتى دخل (العتبة والكتلة الحرجة)، من نمو النورونات وهي فوق الألف غرام، ومنها انبثق الوعي.
وفكرة الكتلة الحرجة هي أجود ما جاءت به العلوم، سواء في كتلة الدماغ وانبثاق الوعي، أو الكتلة الحرجة للبلوتونيوم وتحقيق الانفجار الذري، أو حتى التبدل الاجتماعي بدرجات غليان نوعية، كما يغلي الماء فيبدل طبيعته، ويهرع سابحا إلى الأعالي مع الغمام الطاهر.
ولعل الروح تقوم بنقلة نوعية من هذا القبيل؛ فتبدل مكانها من عالم المادة، إلى عالم مضاد المادة، فتعيش حياة أخرى كاملة، كما وصفها القرآن؛ وأن الحياة الأخرى لهي الحيوان لو كانوا يعلمون:
الحيوان والحيوية وكامل الحياة وتدفقها اللانهائي..
وقد ثبت أن الدماغ الذي يقل في الوزن عن ألف غرام يسمى (السغل Microcephaly) ولا يصلح في البقاء، وكأن حافة 1320 غراما وعدد 100 مليار من النورونات، هي التي تحقق الكتلة الحرجة التي تشع بالعقل (Reason)،
وفوق هذا الرقم لا يحصل تبدل نوعي، فقد كتب بيتر فارب في كتابه بنو الإنسان عن اثنين من المبدعين هما أناتول فرانس وتورجينيف الروسي وكلاهما عبقريان، مع فارق أن دماغ الروسي وزن ضعف الفرنسي.
ودماغ آينشتاين ما زال موضع البحث التشريحي لاكتشاف سر العبقرية فيه، والرجل حين أدرك اقتراب الأجل تبرع بدماغه للبحث العلمي فهو حتى اليوم محفوظ، ولم يدلي بأسراره الأخيرة بعد.
وفي الحقيقة كل منا كون وعبقرية متفردة فقط يجب الاهتداء إلى مفتاح تشغيلها وإطلاق أسرارها.
والجدل المحتدم الذي ظهر في اجتماع علماء الانثروبولوجيا في مدينة هاللى الألمانية (Halle) في نهاية عام 2003م كان يدور حول أن ما دفع الإنسان للرقي ليس الانتخاب الجيني بل التطور الثقافي.
وهو الأمر الذي كشفت عنه آثار الإنسان التي تقدم بها (ديتريش مانيا) من جامعة (يينا) من ألمانيا، في أن الإنسان الثقافي ظهر أبعد بكثير مما نتصور فلم يبدأ رحلته قبل أربعين ألف سنة بل قبل 370 ألف سنة، حيث تم جمع 28 جمجمة وفك سفلي وتسعة أسنان في منطقة (بيلتسينجس ليبن Bilzingsleben) قريبا من مدينة ايرفورت الألمانية، بالإضافة إلى أدوات ورماح وحلي وبقايا من أكواخ كلها تدل على بدء رحلة الإنسان الثقافي أبكر بكثير مما نعرف.
وأهمية الكشف الجديد أن الهومو سابينز جاء كطبقة علوية فوق إنجازات الهومو ايركتوس الإنسان المنتصب.
وحينما نتأمل الرحلة البشرية التي بدأت قبل سبع ملايين من السنوات ثم ننظر أن معظم إنجازات الجنس البشري تمت في القرن العشرين، وأن أعداد البشر لم تتزايد منذ أيام الهومو ايركتوس في القارات الثلاث عن 600 ألف إنسان، وأنا عددنا حاليا يزيد عن ست مليارات، وأننا جميع لآدم وآدم من تراب؟؟
نعرف أن الرحلة البشرية لم تبدأ بعد، وأن الحضارة الأرضية ستقلع حينما نتخلص من عوائق اللغة وخرافاتها، والثقافة وإكراهاتها، والدين الذي جاء ليس من أجل أن يفرق الناس شيعا، والجنس المؤسف الذي دفع المرأة للدونية ورسم قدر المجتمع الإنساني فحوليا ذكوريا أعورا، والجغرافيا المحدودة، والقومية البغيضة، من كرد وعرب وعجم وبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، والاستغلال المقيت، والحروب البشعة، والتفوق الشيطاني...
كي يعلن ولادة الإنسان عالمي الثقافة.... وهو أمر سوف يحدث قطعا في مدى القرون القادمة. وهو ليس بشيء في عمر الأرض أو تاريخ الإنسان. ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا.
وحين نرى كفر نيشته وراسل وفوكو كما تعجب أخ في جدة، وأنا أشرح لهم التطور العلمي، وأستشهد لهم ببرتراند راسل قال ولكنه كافر؟؟
كان جوابي نعم لقد كتب الرجل بعنوان لماذا أنا لست مسيحيا؟
كله بسبب التاريخ المرعب لمحاكم التفتيش والفكر الديني الخانق.
ولم يتطور علم الانثروبولوجيا وسواه من العلوم لولا انطلاقة العقل المباركة، بدون قيود وحدود ولجام..
بعد أن تحرر من البابا وأشياعه، والكنيسة وفراملها، ومحاكم التفتيش ورعبها.
وهذه الإعاقة ليست حكرا على الكنيسة، بل هي مأساة الفكر الديني في عمومه، فليس أعظم من الدين، ولا أبأس من المؤسسة الدينية.
وليس من ظلم في التاريخ تمت ممارسته بقدر الله والدين..
وهنري الثامن البريطاني قطع بالبلطة رؤوس ستة من زوجاته باسم الله، وذبح وأحرق أحياء أكثر من سبعين ألفا باسم الله والصليب والثالوث المقدس، وتحت فتاوى الكرادلة..
وخنق السلطان مراد أربع عشرة من أخوته، ليلة اعتلاءه العرش، بفتوى من شيخ المشيخة، بأن الفتنة أشد من القتل، وأن خنق 14 شابا من العائلة المالكة هي دفع الفتنة..
ونظرة لأغطية رؤوس رجال الدين بين أسود وأبيض وأحمر وذهبي، نعرف مدى البؤس الذي يرزح فيه البشر في قبضة هؤلاء الكهنة، الذين يحددون أمكنة الجنة ويشترون به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون؟
والعلم الحديث حين انطلق فك السحر وفهمنا تاريخ الإنسان..
وحسب السجل الأنثروبولوجي فقد مر التطور الإنساني في مراحل من الذي كشفه العالم الفرنسي (برونيت) في تشاد، أو الأمريكي (تيم وايت) في الحبشة، واخذ اسم (ارديبيثيكوس راميدوس Ardipethicus Ramidus) ويعود إلى 4.4 مليون سنة. ومرورا بهيكل (لوسي Lucy) وأخذ اسم (استرالوبيثيكوس افارينيسس) وعمره يتراوح بين 3.2 إلى 3.4 مليون سنة.
أما (هومو اريكتوس) الإنسان المنتصب فقد بدأ رحلته قبل 2 مليون سنة. وكان مصنفاً حتى الآن أنه مرحلة عابرة بين القردة العليا والإنسان العاقل الذي أخذ اسم (هومو سابينز)؟
وكان السؤال حتى اليوم عن التحول الذي طرأ على إنسان الهومو اريكتوس فقفز به إلى عتبة الإنسان الناطق؟
وتدور التخمينات حاليا حول دور الغذاء، ويبدو أن تناوله للحم هو الذي دفع الدماغ للزيادة في الوزن، حتى دخل (العتبة والكتلة الحرجة)، من نمو النورونات وهي فوق الألف غرام، ومنها انبثق الوعي.
وفكرة الكتلة الحرجة هي أجود ما جاءت به العلوم، سواء في كتلة الدماغ وانبثاق الوعي، أو الكتلة الحرجة للبلوتونيوم وتحقيق الانفجار الذري، أو حتى التبدل الاجتماعي بدرجات غليان نوعية، كما يغلي الماء فيبدل طبيعته، ويهرع سابحا إلى الأعالي مع الغمام الطاهر.
ولعل الروح تقوم بنقلة نوعية من هذا القبيل؛ فتبدل مكانها من عالم المادة، إلى عالم مضاد المادة، فتعيش حياة أخرى كاملة، كما وصفها القرآن؛ وأن الحياة الأخرى لهي الحيوان لو كانوا يعلمون:
الحيوان والحيوية وكامل الحياة وتدفقها اللانهائي..
وقد ثبت أن الدماغ الذي يقل في الوزن عن ألف غرام يسمى (السغل Microcephaly) ولا يصلح في البقاء، وكأن حافة 1320 غراما وعدد 100 مليار من النورونات، هي التي تحقق الكتلة الحرجة التي تشع بالعقل (Reason)،
وفوق هذا الرقم لا يحصل تبدل نوعي، فقد كتب بيتر فارب في كتابه بنو الإنسان عن اثنين من المبدعين هما أناتول فرانس وتورجينيف الروسي وكلاهما عبقريان، مع فارق أن دماغ الروسي وزن ضعف الفرنسي.
ودماغ آينشتاين ما زال موضع البحث التشريحي لاكتشاف سر العبقرية فيه، والرجل حين أدرك اقتراب الأجل تبرع بدماغه للبحث العلمي فهو حتى اليوم محفوظ، ولم يدلي بأسراره الأخيرة بعد.
وفي الحقيقة كل منا كون وعبقرية متفردة فقط يجب الاهتداء إلى مفتاح تشغيلها وإطلاق أسرارها.
والجدل المحتدم الذي ظهر في اجتماع علماء الانثروبولوجيا في مدينة هاللى الألمانية (Halle) في نهاية عام 2003م كان يدور حول أن ما دفع الإنسان للرقي ليس الانتخاب الجيني بل التطور الثقافي.
وهو الأمر الذي كشفت عنه آثار الإنسان التي تقدم بها (ديتريش مانيا) من جامعة (يينا) من ألمانيا، في أن الإنسان الثقافي ظهر أبعد بكثير مما نتصور فلم يبدأ رحلته قبل أربعين ألف سنة بل قبل 370 ألف سنة، حيث تم جمع 28 جمجمة وفك سفلي وتسعة أسنان في منطقة (بيلتسينجس ليبن Bilzingsleben) قريبا من مدينة ايرفورت الألمانية، بالإضافة إلى أدوات ورماح وحلي وبقايا من أكواخ كلها تدل على بدء رحلة الإنسان الثقافي أبكر بكثير مما نعرف.
وأهمية الكشف الجديد أن الهومو سابينز جاء كطبقة علوية فوق إنجازات الهومو ايركتوس الإنسان المنتصب.
وحينما نتأمل الرحلة البشرية التي بدأت قبل سبع ملايين من السنوات ثم ننظر أن معظم إنجازات الجنس البشري تمت في القرن العشرين، وأن أعداد البشر لم تتزايد منذ أيام الهومو ايركتوس في القارات الثلاث عن 600 ألف إنسان، وأنا عددنا حاليا يزيد عن ست مليارات، وأننا جميع لآدم وآدم من تراب؟؟
نعرف أن الرحلة البشرية لم تبدأ بعد، وأن الحضارة الأرضية ستقلع حينما نتخلص من عوائق اللغة وخرافاتها، والثقافة وإكراهاتها، والدين الذي جاء ليس من أجل أن يفرق الناس شيعا، والجنس المؤسف الذي دفع المرأة للدونية ورسم قدر المجتمع الإنساني فحوليا ذكوريا أعورا، والجغرافيا المحدودة، والقومية البغيضة، من كرد وعرب وعجم وبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، والاستغلال المقيت، والحروب البشعة، والتفوق الشيطاني...
كي يعلن ولادة الإنسان عالمي الثقافة.... وهو أمر سوف يحدث قطعا في مدى القرون القادمة. وهو ليس بشيء في عمر الأرض أو تاريخ الإنسان. ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا.
أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه
التعليقات