في عددين متتابعين لمجلة شبيجل الألمانية (30 ndash; 31 \ 2007م) تم تتبع القصة السرية لإطلاق سراح الممرضات البلغاريات من قبضة بنغازي، ومعها قصة الطبيب الفلسطيني المنكوب، الذي قضى في السجن ماقضاه من قبل (جيوردانو برونو) في محاكم التفتيش، في ثماني سنوات عجاف أطول من الحرب العالمية الثانية.
وحين سأله الجلاد الليبي إن كان يحب البقاء في أرض الأشقياء العرب، عفوا الأشقاء العرب! قال لن أبقى ثانية واحدة؟ فامتعض الجلاد وهم أن يأخذ بتلابيبه، كما فعل من قبل كرات ومرات بالبوكس والرفس والكهرباء، ضربا على السوق والأعناق والأعضاء التناسلية؟
وكان أهله من قبل قد فروا من فرعون وملئه، إلى العدالة الهولندية فمنحتهم اللجوء السياسي، كما فعل نجاشي الحبشة مع الصحابة.
وهو تقرير لواقع عربي يذكر بأيام الجاهلية، وتأبط شرا والشنفرى..؟!
تقول المجلة أن الدبلوماسية نفعت مع الجبار، بعدة طرق:
منها ما صرحت عنه، ومنها ماسكتت ليبقى سرا في الأدراج السياسية الخفية..
ولكن ما خرج إلى السطح أولا كان (لوكربي) مقلوبة، فقد استخدم القذافي القصة تلفيقا وزورا، ولم يكن من مرض وحقن فيروس بل مأساة إهمال طبي لاتبق ولا تذر، فألقي القبض على المنكوبين، ليس بموجب عدالة وتحقيق ووقائع، بل حسب اليانصيب ودوائر القمار السياسي؟ في وسط طبي لا يوصف بأقل من الكارثة؟ فنجت الممرضات الهنغاريات والبولونيات والفليبينات، مثل حظ صالات القمار في الكازينو، ولم يكن للطبيب الفلسطيني أي أصبع في القضية سوى مروره العابر على جناح الأطفال، وحسب تقرير الطبيب المخبري العالمي (لوك مونتانييه) أعظم عالم فيروسات مخبري نزيه، عن انتشار الفيروس أنه لاعلاقة للمرضات أو الطبيب بدم الأطفال، إلا مثل علاقة الذئب بدم يوسف؟!!
والمهم فالمخابرات خططت، وعناصر الضحية بعناية انتخبت، وسرر العذاب فرشت..
قال الطبيب الفلسطيني (الذي أصبح أوربيا بفضل القذافي) عن الطفل الوحيد في مشفى الحميات، الذي كان مكتوبا على سريره مثل جمجمة وعظمتين للتيار العالي (إيدز) لم ألمسه، وهو كل مارأيت، حتى اكتشفت أن المرض وباء يمشي في القطر الثوري من وراء الفاحشة، في جو من الفساد البيروقراكي يزكم الأنوف.
وحين بدأت معارك الشوارع بين النظام الليبي والمتطرفين، الذين أطلق عليهم بحقد لقب (الزنادقة) لأنهم ناجزوه بالسلاح الأبيض، يقول الطبيب الفلسطيني الذي نطق بعد دهر: يومها لم يوجد في المشفى إبرة خياطة، وكنا نقطع الحبل السري لمئات الأطفال بمقص يتيم فريد وحيد؟
وعندما تكون الأوساط الطبية بهذا الحجم من التدهور، مهمته وضع الشعارات في قوالب مديح للإنجاوات الثورية فيجب توقع كل شيء..
قال الطبيب الفلسطنيني الذي ألقى بكل الجوازات العربية، بعد أن اكتوى بين أخوانه العرب، واستغاث البلغار وهم أمة بسيطة صغيرة، أن يجيبوا نداءه، فدعا ربه أني مغلوب.. فانتصر..، فلبوا النداء.
وكان ذلك بسبب حماقة الليبيين، فالوزير الألماني (شتاينماير) كان يناقشهم في بنود الإطلاق الأخيرة، قال له المفاوض الليبي (العبيدي) إن الفلسطيني لاعلاقة له بالبلغار؟؟
مما دعاه إلى فض اللقاء والاتصال بالبلغار أن يمنحوه الجنسية فورا، وهي تعني دخول الاتحاد الأوربي في 27 دولة تضم 450 مليونا من الأنام، وهكذا ربح الفلسطيني، وخسر الليبي خسرانا مبينا.
وتروي قصة الدبلوماسية ثانيا؛ أن (سيف الإسلام) ابن الطاغية كان يُدلل بأفضل من (بلي بوي Play-Boy) فتجمع له الحسناوات الشقراوات الشابات الناعمات، مثل الحور العين يطوقنه ويدللنه ويصفقن له، كما ظهر في الصورة التي عرضتها المجلة، وتأتي عربة خاصة من المطار فيستقبل مثل روؤساء الجمهوريات(VIP) مباشرة إلى الخارجية الإلمانية، عسى أن يفكوا عذاب المعذبين، في اقبية المخابرات الليبية، التي كان تنتهك حقوق الإنسان بالطول والعرض مثل منشار جحا.
ونفتبس من فقرات الطبيب الفلسطيني أن الرجل قال: كنا نعذب عرايا أنا والممرضات في غرفة واحدة، ينظر بعضنا إلى بعض مكشوفي العورات قد الجمنا الرعب والعرق، وأضاف: إنني أخجل أن أقول لكم مافعلوه بنا، ولكن اثنين من الجلادين سوف أتتبعهم قضائيا ولو التحفوا السماء وافترشوا الغبراء ولآخر يوم في حياتي، ولو غاصوا مثل جن سليمان تحت الأرض؟؟.. وهو يفهمنا قصة لوكربي والإصرار عليها حتى دفع الجبار والعصابة الجزية عن يد وهم أصاغر صاغرون..
مع أن أحد شروط الاتفاقية هي إسقاط كل حق سابق، ولو كانت خطايا ملأت عنان السماء كل شيء، والمخابرات الليبيبة فعلت كل شي..
وثالثا جاءت لوكربي (المقلوبة)؛ فقد تم دفع التعويضات بقيمة نصف مليار دولار، عن 436 طفلا مسموما بالتخلف، مات منهم 56 حتى الآن، مما يعوض قليلا من مصيبة لوكربي التي بلغت 2,7 مليار دولار عن طائرة بان أمريكان، التي سقطت فوق رؤوس العباد عام 1988م ومعها 259 شخصا بريئا. ومعها الوعد بإنشاء مشفى نظيف والعناية بالأطفال وكل ما يتعلق بصحتهم من دواء وعلاج ونفقة حتى الممات بما هو أفضل من راتب التقاعد؟؟
ولكن مع الطغاة لاحرمة لطير وقط، أو نملة ونحلة، ويعسوب وإنسان. وختامه مسك؛ ماقالته المجلة أن المال بيع بالكرامة، وتم شراء سكوت الجبار وإرضاء غروره بصنم نووي، لن يزيد عن صنم عمر ر من التمر، بفارق أنه ليس للإكل، بل دفع ثمنه ثم تدميره أو تفكيكيه، بدون فائدة من قصص التاريخ..
إن الغرب مخطيء ومنافق، وساركوزي كما وصفته المقالة عجول ومتسرع ومتهور من أجل صفقة سياسية خاسرة، ورهان على حصان أعرج أبرص، ليمدح زوجته سيشيليا التي أثقلته من أمره؛ فيقول عنها إنها كل الإنسانية وكل الجرأة وكل الاستقادمة وكل الإشراق الإلهي..
وهي كل النفاق وكل الدهاء والإغراء لسفيه في قبضته رهائن مخطوفين، وكما في علم النفس السلوكي عن تعزيز الدوافع، أن مجاملته تعزز موقفه لحوادث قادمة، كما وصفوه أنه غير قابل للتنبؤ، وأن مصير الأمة يقرر في لحظة كيف وحشيش في خيمة؟؟
وكذب السياسيين لانهاية له ولو صدقوا، وساركوزي يريد خطف الأبصار من حوله، أنه التقي النقي الطاهر العلم، هذا الذي تخشى البطحاء وطأته...
وهي نفس خطيئة بلير الرئيس البريطاني والرئيس الأيطالي (رومانو برودي Romano Prodi) اللذين حجا لطرابلس مثل حجة جحا..
ورد عن رسول الله ص أن عائشة كانت بجانبه؛ فاقترب رجل فقال ص بئس أخو العشيرة بئس ابن العشيرة؟؟
فلما جلس إلى المصطفى ص جامله بكلمات.
فلما انصرف عنه قالت عائشة ر لم أفهم؟
قال لها المعلم الأكبر يشرح معاملة السفهاء؛ إن شر الناس منزلة يوم القيامة من يتقيه الناس لسفاهته وشره..
والأوربيين ولمدة ثماني سنوات وهم يكافحون بكل سبيل، من أجل ذمة خمسة نسوة في قبضة الجبار كالعصافير في قفص نسر، يخافون عليهم الغيلة والغيلان.
وكان حظ الطبيب الفلسطيني عظيما، أن جاء في الصفقة عند البيع فنجا وأصحب من السعداء النجباء الأوربيين.
وبالتأكيد سوف يكتب قصته من سجون العرب، فيصبح مليونيرا مثل سلمان رشدي وأكثر..
قال الرجل باكيا في الطائرة، وهو لايصدق بالنجاة، إنه أسعد يوم في حياتي.. ثم أضاف هل تعرفون أكثر ساعات الرعب التي مرت علي؟؟
إنها لم تكن أيام التعذيب والفلق والكهرباء المعلقة في أعضائي التناسلية.؟؟ لا لا إنها كانت ساعة الإفراج عني عند السحر، حين قالوا حضر نفسك؟! فقلت إنها ساعة هلاك قوم لوط، وأني أمامي طلقة في قذال الرأس، ثم الإعلان عن قتلي أنني حاولت الفرار؟!..
وهكذا فعل الأوربيون الآن من أجل احتواء السفيه، في الوقت الذي كانت السيدة (فيريرو فالدنر Ferrero Waldner) من المفوضية الأوربية تشد من أزر الطبيب الفلسطيني الحشوش؛ فتقول له لا تيأس من روح الله، إن وراءك 27 دولة أوربية ولن نعرف النوم قبل أن تنام...؟؟
إنه يوم أسيف حزين للعدالة العربية، يذكر بقصة عرار مع الأمن السوري.
وهو يوم فرح بهيج للربيع الأوربي، الذي نسأل الله العلي الكبير أن يمد ظله علينا فيفتحوا بلادنا، ويأخدونا إلى أحضانهم من حضن الجبارين، فينعم علينا بالأمن والرفاهية والحرية والمساواة..
فيحل العدل في المجتمع، والسلام بين الأنام، والمسرة في القلوب.. آمين..

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونيه