لعل الظروف التي نعيشها هذه الأيام تذكر بمحنة العقل المسلم في القرن السابع الهجري، وهو العنوان الذي كتبه محمد كامل حسين بعنوان (المسلم الحزين في القرن العشرين)؟؟ وكانت البداية مع نهاية القرن الخامس الهجري حين عانى العالم الإسلامي من إعصارين مدمرين، الأول كان في الانحطاط الأخلاقي والسياسي، كنتيجة محتومة للانقلاب الأموي القديم. والثاني من تطويقٍ محكم، بين مطرقة المغول وسنديان الصليبيين.
هذان الإعصاران كانت خلفيتهما ثقافية بالدرجة الأولى؛ فالجهاز المناعي الفكري، وخطوط الدفاع العقلية، كانت قد انهارت خطاً بعد خط وخندقاً خلف خندق، حتى اختتم القرن السابع، ومعه انطفأت الروح الحضارية الإسلامية، الموافق لمنتصف القرن الثالث عشر للميلاد، عندما انهار جناحا العالم الإسلامي في فترة عقدٍ من الزمن (1)، وحصل الانقلاب الكوني وبدأت الحضارة تكتب من اليسار الى اليمين، واستخدم الحصان العربي لغزو ونهب العالم الجديد في الأمريكيتين، وحُبس العالم العربي خلف مضيق بحر الظلمات في زنزانة البحر المتوسط.
أزمة العقل المسلم في القرن الخامس الهجري:
في هذه الظروف الصعبة صدم العقل الإسلامي الى أعمق أعماقه في سؤال ملح: ما الذي قاد الى الكارثة؟
وقف الإمام أبو حامد الغزالي ليقوم بأهم عملين عقليين ماسحين، فيما يشبه جهاز الرادار العقلي، في البحث بين الأنقاض، كما يفعل الباحثون عن الصندوق الأسود عند تحطم الطائرات، في بحث الخلل الأخلاقي، وخلفية الإعصار العقلي؛ فاستنفر نفسه لدراسة أربعة تيارات فكرية عاصفة؛ كانت تجتاح العالم الإسلامي وقتها: الفلسفة اليونانية، وتيارات الباطنية، وفرق المتكلمين، والاتجاه الصوفي.
كان ضغط المصيبة ماحقاً ساحقاً، بحيث انضغط عقل الغزالي فانحدر الى الشك؟! والشك دائرة مروعة، وكأنها الثقب الأسود الشفاط، وهذا الذي حصل مع الغزالي.
ومع تراكم سحب (الشك) اسودت معالم الطرق العقلية، وتسرب الشك الى كل المنافذ، وفي النهاية استولى الشك بالكامل، على عقل الغزالي، وطوقه بإحكام، حتى وصل الى الشك بكل شيء حوله، وتسربت عفونة الشك الى المدارك العقلية الأساسية، مثل (البديهيات)؟!
تساءل الغزالي: إذا كان المنام كله ضرباً من الوهم؟ فلماذا لا تكون الحياة كلها ضرباً أكبر في الخيال السقيم؟
يقول الغزالي:
(فتوقفت النفس في جواب ذلك قليلاً، وأيدت إشكالها بالمنام، وقالت: أما تراك تعتقد في النوم أموراً، وتتخيل أحوالاً، تعتقد لها ثباتاً واستقراراً، ولا تشك في تلك الحالة فيها، ثم تستيقظ؛ فتعلم أنه لم يكن لجميع متخيلاتك ومعتقداتك أصل وطائل؟ فبم تأمن أن يكون جميع ما تعتقده في يقظتك بحس أو عقل هو حق بالإضافة الى حالتك التي أنت فيها؟ لكن يمكن أن تطرأ عليك حالة تكون نسبتها الى يقظتك، كنسبة يقظتك الى منامك، وتكون يقظتك نوماً بالإضافة إليها! فإذا وردت تلك الحالة تيقنت أن جميع ما توهمت بعقلك خيالات لا حاصل لها )(2)
محنة الغزالي الروحية:
وتطورت الصدمة العقلية الروحية عند الغزالي، الى أن أدخلته المرض، فارتمى في السرير وكاد أن يهلك، ويروي تجربته الروحية الفكرية بشكل مؤثر:
(فلم أزل أتردد بين تجاذب شهوات الدنيا ودواعي الآخرة، قريباً من ستة أشهر، أولها رجب سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وفي هذا الشهر جاوز الأمر حد الاختيار الى الاضطرار، إذ أقفل الله على لساني، حتى اعتقل عن التدريس، فكنت أجاهد نفسي أن ادرس يوما واحدا، تطييبا لقلوب المختلفة إلي، فكان لا ينطق لساني بكلمة واحدة، ولا أستطيعها البتة، حتى أورثت هذه العقلة في اللسان حزنا في القلب، بطلت معه قوة الهضم ومراءة الطعام والشراب، فكان لا ينساغ لي ثريد، ولا تنهضم لي لقمة؛ وتعدى الى ضعف القوى، حتى قطع الأطباء طمعهم في العلاج وقالوا: (هذا أمر نزل بالقلب ومنه سرى الى المزاج، فلا سبيل إليه بالعلاج، إلا بأن يتروح السر عن الهم الملم )(3)
الانهدام العقلي الكبير على يد الغزالي:
بقدر ما بدأ الغزالي خطواته العقلية الأولى بجبروت، في تأسيس المعرفة عندما أسس مبدأ اليقين في العلوم (4) بحيث لا تتزعزع المعرفة العقلية حتى لو برهن على عكسها، بتحويل الحجر الى ذهب، والعصي الى ثعابين، فالمعرفة العقلية هي أعمق وأبقى، وهو ما ترك بصماته على العقل الأوربي؛ بقدر ما انتهى الغزالي نفسه؛ عندما سطر قلمه كتاب (تهافت الفلاسفة) في نهاية رحلته، الى حالة فراغ كاملة بالانتحار الصوفي، مما اضطر ابن رشد لاحقاً؛ أن يتدخل بعملية فكرية جراحية إسعافية لعقل مسلم منتحر بنزف داخلي، قد انهار صاحبها بفعل النزف الفكري الى حالة الصدمة غير قابلة التراجع (IRREVERSIBLE SHOCK) فيكتب في الوقت الضائع للمباراة كتابه (تهافت التهافت)(5).
لذا لم يستفد العالم الإسلامي من كتابات ابن رشد شيئاً، بل هي موضع شبهة وشك، فهو من التراث المحترق.
ديكارت والمقال على المنهج:
في الوقت الذي كان العالم الإسلامي يضع عقله على الرف، ويتوقف الزمن عنده على ضرب صنج الصوفية، ويشخر في أحلام وردية على قصص ألف ليلة وليلة، كانت بذور منهج الغزالي في التأسيس المعرفي من خلال مبدأ الشك، يثمر ثمراته في جنوب ألمانيا بطريقة مختلفة!!
يقول ديكارت عن نفسه أن الثلج والبرد اضطره الى قضاء الشتاء في جنوب ألمانيا قريباً من مدينة أولم ( ULM )، وهو المكان الذي تعلمت فيه أنا شخصيا اللغة الألمانية في قرية الفلاح الصغير الأزرق(Blaubeuern)
كان رينيه ديكارت من نبتات التنوير العقلي الجديد، الذي امتد من شمال إيطاليا الى كل أوربا من الشعلة التي قدح زنادها لابن رشد.
يقول ديكارت أنه التجأ الى هذه المكان وهو فارغ البال من الهم والحزن والهوى.
كان الشيء الذي يحتل كل ملكاته العقلية هو إمكانية الوصول الى الوثاقة واليقين في العلوم، فديكارت كان قد ودع الفكر القديم وفقد ثقته به فكتب: (العقل هو أحسن الأشياء توزعاً بين الناس، إذ يعتقد كل فرد أنه أوتي منه الكفاية، حتى الذين لا يسهل عليهم أن يقنعوا بحظهم من شيء غيره، ليس من عادتهم الرغبة في الزيادة لما لديهم منه.
ويشهد هذا بأن قوة الإصابة في الحكم التي تسمى العقل أو النطق تتساوى بين كل الناس بالفطرة، وكذلك يشهد بأن اختلاف آرائنا لا تنشأ من أن البعض أعقل من البعض الآخر، وإنما ينشأ من أننا نوجه أفكارنا في طرق مختلفة، لأنه لا يكفي أن يكون للمرء عقل، بل المهم هو أن يحسن استخدامه، وإن أكبر النفوس لمستعدة لارتكاب أفظع الرذائل مثل استعدادها لأكبر الفضائل)(6)
المنهج الديكارتي: أنا أفكر.. أنا موجود:
استولى الشك على كيان ديكارت كاملاً؛ فبدأ يتنفس الشك ويعيش فيه، ويقول أن تلك الليلة شعر وكأن دماغه ـ من شدة التفكير ـ يوشك على الانفجار، ثم انقدح إمامه فجأة المنهج الجديد، الذي عرف بالمنهج التحليلي الديكارتي، أثناء الغوص في بحر الفلسفة.
قال ديكارت إنني عندما أشك أفكر؛ حتى لو شككت في كل شيء؛ بما فيه وجودي بالذات، حتى لو زالت الدنيا كلها، فإن شيئاً لا يزول ولا يتزحزح وهو إنني أشك؛ أي إنني أفكر، وإذا كنت أفكر؛ فهناك حقيقة أنني موجود على صورة من الصور ولكنني موجود؛ فهذه هي الحقيقة الراسخة الوحيدة التي يمكن أن استند إليها في كل عمليات التفكير.
هذه الحقيقة الراسخة مهدت الطريق لعصر التنوير في أوربا، واعتبرت الفلسفة الديكارتية أحد المفاصل الجوهرية، التي قامت عليها الفلسفة الأوربية الحديثة، باعتبار أن ديكارت وعشرات من أمثاله، كانوا البناة النظريون للعصر الحديث بكل انجازاته، فمع حركة العقل تم تدشين حرية التفكير، ومع حرية التفكير انطلقت الأبحاث العلمية بدون حدود، ومنها نبعت التكنولوجيا الحديثة، والنظم السياسية أي الليبرالية الاقتصادية، والديمقراطية السياسية، فهؤلاء المفكرون العظام هم الذين حلوا أعظم مشاكل الجنس البشري؛ وليس كما زعم صاحب الكتاب الأخضر؟؟ في علاقة السلطة بالمواطن، ونقل السلطة السلمي، وبناء مناخ الحرية الفكرية الكامل بدون أي خوف أو تابو.
مع هذا فإن مؤتمر جمعية العلوم العصبية (SOCIETY FOR NEUROSCIENCES) الذي ضم ما يزيد عن عشرين ألف عالم، اجتمعوا في مدينة سانت دييغو في مقاطعة كاليفورنيا عام 1996م خرج ببعض النتائج التي بدأت تهز الأقدام تحت نظرية ديكارت(7)
مؤتمر ( سان دييجو ) يثير بحث المشكلة الفلسفية من جديد:
في هذا المؤتمر الهام اجتمع كمٌ ضخم من أطباء العصبية والمعلوماتيين (INFORMATIKER) وعلماء النفس والفلاسفة ومشرحو الدماغ وبيولوجيو الكيمياء العصبية، يريدون حل المعضلة القديمة للفلسفة:
ما هو الوعي الإنساني؟
لقد حاولوا اقتحام الدماغ لفهم أسراره الدفينة، ولكن من أجل فهم ماذا يعني الكيان (أنا) كان عليهم تجاوز عقبة كؤود غير قابلة للاختراق على ما يبدو حتى الآن وهي: دور المشاعر والأحاسيس وعلاقتها بالعقل والفكر؟!
إن الثورة العقلية التي بدأها ديكارت مع عام 1644 م عندما أطلق مقولته الفلسفية الشهيرة (أنا أفكر أنا موجود)(COGITO, ERGO SUM) كان قد وضع أحد الأحجار الأساسية في الفلسفة الحديثة فأما الروح والعقل والوعي فإنها تخص الكنيسة، وأما البدن فيمكن اقتحام التابو فيه وتعريضه للتشريح.
وهكذا أوجد النظرية الثنائية في أن في الإنسان كيانان يسبحان جنبا الى جنب، الروح والبدن في ثنائية متلازمة غير مفهومة.
ولكن كما تفعل الثورة مع أبناءها فيبدو أن هذه الثورة العقلية تهدد بأكل أبناءها الذين دشنوها، فالاتجاه بدأ ينعكس الآن ليس البحث في البدن بل في الروح.
فكيف نفهم الذات؟ كيف نعرف من نحن؟
كل السر على ما يبدو يربض تحت عظم الجمجمة، في المادة المخية التي تضم مائة مليار خلية عصبية، في تعقيد لا يقاربه شيء في الكون.
فكرة مفاتيح الدارات العصبية:
يبدو أن فهم الدماغ يمشي في اتجاهين:
ـ الأول: هو المزيد من فك أسراره، سواء المناطق التشريحية أو أثر الكيمياء في التصرفات أو مركز اللغة.
ـ والاتجاه الثاني: هو استحالة الإحاطة بكامل الدارات العصبية الموجودة في دماغنا؛ فالخلايا العصبية التي تصل الى مائة مليار خلية، تتضافر فيما بينها بشبكة مخيفة من الارتباطات، بحيث أنها تشكل دارات لا يمكن الإحاطة بها، ولعل رقم (الجوجول)(GOGOL) الذي اصطنعوه في الانترنت، والذي هو عشرة قوة مائة، هو رقم تقريبي لا أكثر للدارات العصبية الموجودة في دماغنا والتي تشكل تركيبنا.
مقارنة بين تركيب الكروموسوم والدارات العصبية في الدماغ:
لفهم التعقيد المخيف في دماغنا، يستحسن نقل ذلك الى المقارنة مع أعقد التركيبات البيولوجية المسؤولة عن الوراثة في كياننا، والتي تبلغ حوالي ثلاثة مليارات من الأحماض النووية.
إن تركيب الحامض النووي يبقى في غاية البساطة بالمقارنة مع تركيب ضفيرة النورونات؛ فالحامض النووي يتشكل من تتابع لأحماض أمينية أربعة هي الادنين والسيتوزين والغوانين والثيمين، ويرمز لها بالحروف
(A-C-T-G) وهذه الحروف الأربعة تشكل لغة الخلق البيولوجية.
ويمكن لها أن تتالى على غير نظام مثل (أ - أ ـ أ ـ ت) أو (ت ـ س ـ غ ـ غ) وهكذا...
وباجتماع عدد ينقص أو يزيد من هذا التتابع، لهذه الحروف يسمى (جين)
(GEN) وهو المسئول عن بناء عضوي معين في البدن، مثل الأنسولين الذي يحرق السكر، أو التيروكسين هورمون الغدة الدرقية، الذي يشعل الفعالية في البدن.
ولكن الدارات العصبية هي حروف مبعثرة، تبني ارتباطات عشوائية لانهاية لها، وهي ليست عشوائية، بل كل دارة تولد معلومة، أو لعلها تفرز عاطفة، أو تحث على شعور ما؟
ويكفي أن نعلم أن كل جزيئات الوجود لا تزيد عن عشرة قوة 88، وبذلك تكون الارتباطات في دماغنا أعقد وأعظم شيء في الوجود (8).
موضعة الوعي والمراكز العصبية:
هذا الفهم للدارات العصبية يفتح الباب على انقلاب نوعي في فهم أماكن الإصابات العصبية، فلا يعني خراب مكان بعينه أنه هو المسئول عن الوظيفة الضائعة، تماماً كما في توقف السيارة عن السير لنضوب البنزين فنظن أنها بسبب تعطل المحرك؟
وهي الأبحاث التي تقدم بها النفساني البريطاني (ريتشارد جريجوري) في نظرية جديدة لمواضع الوظائف، ومعنى الوعي عند الإنسان.
وشرح ذلك في مقال مبني على الأصول ضد التموضع، ويضرب لذلك مثلاً:
(إنه من المستحيل تقدير آثار إصابة نوعية دون معرفة كيفية تشغيل أجزاء الدماغ مجتمعة ولنأخذ مثلاً: حالة ماكينة مجهولة نحاول فهم طريقة تشغيلها وذلك بواسطة فك قطعها بشكل اصطفائي واحدة تلو الأخرى، فإذا نزعنا منها جزءً معينا مثلاً خزان الوقود فتوقفت الآلة، حينئذ يمكننا بشكل ساذج أن نستنتج، إذا لم نكن قد رأينا سيارة من قبل، بأن آلية الدفع في هذه الماكينة هي الخزان.
ويبدي جريجوري الملاحظة القائلة، بأن المشكلة لا تطرح فيما لو كنا نعرف الآليات المعقدة للمحركات الانفجارية، ونحن في حالة الدماغ لسنا في هذا الموقف؛ إذ أننا لا نملك نظرية وطيدة عن التشغيل الطبيعي للدماغ، ولذلك فإن تأويلات المعطيات المستمدة من الإصابات العصبية الدماغية يمسي عسيراً)(9)
الغابة الدماغية والتيه العلمي:
عجز المشرحون عن التحقق الفعلي من المراكز العصبية ومكان الوعي والإرادة، واحتار علماء النفس في تفسير أحلام التحقق وظواهر الباراسيكولوجيا، ولم يفهم تماماً كيف تتحول موجات الكهرباء الى ألوان بعينها مترجمة في الدماغ.
لم يفهم تماماً آلية ترابط المشاعر مع الأفكار؛ فيبدو أن هناك نوع من الترابط المحكم يضيع مع تدمير بعض الممرات العصبية.
تخلخل البناء النظري الذي وضعه ديكارت سابقاً في ثنائية الروح والبدن، فهناك نوع من الضفيرة المحكمة بين النفس والجسد، فالروح تتنفس من خلال البدن والعكس صحيح.
ولغز العقل والوعي مازال قائماً.
مراجع وهوامش:
(1) من التصادف الغريب والمحزن لمصير العالم الإسلامي أن جناحيه قطعا في فترة عقد من السنين، فسقط كما يسقط الطير بلا جناحان. سقطت اشبيلية في الأندلس في عام 1248 م بيد الأسبان ودمرت بغداد بالمحراث المغولي الهابط من الشرق في عام 1256 م
(2) كتاب (المنقذ من الضلال والموصل الى ذي العزة والجلال) أبو حامد الغزالي ـ حققه جميل صليبا وكامل عياد ـ دار الأندلس ـ ص 85
(3) نفس المصدر السابق ص 136
(4) تأمل تعبيرات الغزالي المدهشة في التأسيس المعرفي (فلابد من طلب حقيقة العلم ما هي؟ فظهر لي أن العلم اليقيني هو الذي ينكشف فيه المعلوم انكشافاً لا يبقى معه ريب ولا يقارنه إمكان الوهم والغلط، ولا يتسع القلب لتقدير ذلك، بل الأمان من الخطأ ينبغي أن يكون مقارناً لليقين مقارنةً، لو تحدي بإظهار بطلانه مثلاً من يقلب الحجر ذهبا، والعصا ثعباناً، لم يورث ذلك شكاً وإنكاراً، فإني إذا علمت أن العشرة أكثر من الثلاثة؛ فلو قال لي قائل: لا، بل الثلاثة أكبر من العشرة؛ بدليل أني أقلب هذه العصا ثعباناً وقلبها وشاهدت ذلك منه، لم أشك بسببه في معرفتي، ولم يحصل لي منه إلا التعجب من كيفية قدرته عليه! أما الشك فيما علمته فلا) نفس المصدر السابق ص 82
(5) يراجع في هذا كتاب (تكوين العقل العربي) للمفكر المغربي الدكتور محمد عابد الجابري ـ مركز دراسات الوحدة العربية ـ مثلاً فصل العقل المستقيل في الثقافة العربية الإسلامية
(6) مقال على المنهج ـ رينيه ديكارت ـ ترجمة محمود الخضيري ـ الناشر دار الكاتب العربي للطباعة والنشر ـ ص 110
(7) مجلة الشبيجل الألمانية العدد 16 1996 م ـ البحث عن الذات ص 190
(8) كتاب اللغة والفكر ـ تأليف تشارلز فورست ـ ترجمة محمود سيد رصاص ـ الفصل الأول ص 6
(9) نفس المصدر السابق ص 216.
التعليقات