عرض كتاب:

لا يرى الكاتب إبراهيم العسيري في المرأة سوى أنها ظل أو تابع للرجل، فهي على امتداد التاريخ لم تقدم نموذجا عبقريا واحدا.. حيث ظلت العبقرية في رأيه حكرا على الرجل، ففي كتابه المثير: quot;سعوديات في الثمامةquot; الصادر قبل أيام يؤكد عسيري على أن التاريخ السياسي والثقافي والأدبي وحتى العلمي منذ الأزل وحتى الآن لم يقدم لنا صوره مكتمله عن دور المرأه في صناعة هذا التاريخ وظل الامر حكرا على الرجل ورغم بعض الاسماء النسائيه القليله التي تناقلتها كتب التاريخ عن جهود المرأه وادوارها في المجالات الانفة الذكر الا ان ذلك لم ينقذ المرأه من حقيقة (وليس تهمة) انها لا يمكن ان تصنع التاريخ ولكن دورها الفعلي يأتي بالوقوف خلف صف الصناع وهذا ما اثبته التاريخ الذي اكد حقيقة ان المرأه درع تحتمي به وليس سيفا تقاتل به.. والتاريخ كتاب مفتوح للجميع للتأكد من هذه الحقائق وكما قال ابن خلدون في مقدمته quot;التاريخ يكتبه المنتصرquot; والرجل في التاريخ هو المنتصر لذلك هو من سطر التاريخ وشكل الثقافه وبنى الحضاره وابتكر المهاره... وتبقى المرأه ذلك الركن الشديد الذي يأوي اليه الرجل فتعيد صياغته وشحنه لينطلق من جديد لعالم البناء.
يحتوي الكتاب المثير - الذي اتخذ من: quot;الثمامةquot; وهي مكان للمتنزهات والاستراحات خارج مدينة الرياض مسرحا متخيلا للدلالة على ورطة الليبراليات السعوديات- على عدة عناوين منها: حقوق المرأة، نظرة في تاريخ المرأة عبر العصور، سيكولوجية المرأة والهم البيولوجي، إبداع المرأة، لماذا لا تبدع المرأة؟ سعوديات في الثمامة، لليبراليات فقط. ويقع في 96 صفحة من القطع المتوسط، وفيها يقف الكاتب موقفا معارضا لحضور المرأة السعودية خارج المنزل، ويقف ضد الليبراليات السعوديات في مطالبتهن بحقوق المرأة وحريتها.
عدو المرأة الجديد:

وعلى عكس الكتابات التي تقدمها الصحافة السعودية في السنوات الأخيرة الداعية إلى الالتفات إلى قضايا المرأة، والدعوة إلى إعطائها حقوقها مثل المشاركة الإدارية والرسمية، وقيادة السيارة، وعضوية المجالس النيابية، يرى عسيري وكأنه يمثل عدوا جديدا للمرأة: ان المرأة كائن غير منضبط نفسيا بحكم المتغيرات البيولوجيه التى تطرأ عليها في سنوات حياتها (الدوره الشهريه- الحمل- الولاده وتبعاتها) وتؤثر في مزاجها ونفسيتها بحيث تفقد السيطره على نفسها وتصبح اسيره لمتطلبات هذه المتغيرات التي تفرض عليها التعامل مع محيطها باسلوب يختلف بشكل كبير عن تعاملها اثناء غياب هذه المؤثرات هذا عدا ان طبيعة المرأه الفطريه ممتزجه بالعواطف التي اوجدها الله سبحانه فيها لتتناسب مع احتياجات الاسره لذلك فهي تتدفق بسيل من العواطف والمشاعر الجياشه التي تضخها افرازات هرمونيه لا اراديه وهذا احيانا ما تخشى منه المرأه وتسعى لمقاومته واخفاءه حتى لايظهر ضعفها.
ويضيف عسيري نافيا إبداع المرأة: منذ نعومة اظفاري وانا اقرأ سواء في كتب الدراسة او ما عداها عن اسماء المبدعين في العالم والمخترعين والشعراء والعلماء والمفكرين ولا اتذكر ان عيني قد وقعت على اسم امرأة في خضم هذا الموج المتلاطم من الاسماء الا فيما ندر او كان بكل امانه ليس بتلك الاهمية، وربما وجدت تلك الأسماء النسائيه بفعل فاعل حتى لا يتهم العالم بالذكوريه! أبحث عن العلماء فاجدهم من الرجال.. أبحث عن المفكرين فاجدهم رجالا ب quot;أشنابquot;.. أبحث عن الشعراء فاجدهم فحولا باطناب... ابحث عن المخترعين فاجدهم ذكورا بألباب.. حتى الموسيقيين والرسامين الكبار وجدتهم كذلك... احترت وبدأت ابحث عن اسم امرأة ياخذني لحدود الشمس ويرميني- كما قال نزار قباني- ولكني لم اجد للاسف ما يملأ العين وتسائلت لماذا نتهم نحن تحديدا في مجتمعنا بالذكورية رغم ان العالم كله ذكوري!... ذكوري بعلمائه وشعرائه ومثقفيه ومبدعيه ومخترعيه بينما بقيت المرأه كعادتها هي الملهمه والحاضنه.
كما يؤكد الكاتب على تميز الرجل وإبداعه الذي يتجاوز تماما ما تقدمه المرأة، حيث يقول: بحثت عن صناع التاريخ وعن مدونيه بحثت في اللغة والادب بحثت في العلوم بحثت في السياسة.. سألت البراق والمهلهل وامرؤ القيس وعمرو بن كلثوم والنابغة والسموأل وحسان وجرير والفرزدق والمتنبي وبشار وأبا تمام والبحتري وابن زيدون والبوصيري وأحمد شوقي وحافظ ابراهيم وابو القاسم الشابي وايليا ابي ماضي ونزار قباني وبدر شاكر السياب وأدونيس ومحمود درويش وغازي القصيبي.. سألت فيثا غورس و جاليلو وطاليس وسقراط وافلاطون وارسطو.. سالت الفزاري وابن النفيس وابن الهيثم وابن زهر وابن سينا وابن يونس، سألت اسحاق سنجر ونيوتن والأخوة رايت وجراهام بل وفليمنج، سألت هامبولت وفولتا وكاراتشي، سألت ابن خلدون وابن عبدربه الاندلسي..سألت بيتهوفن وموتسارت.. سألت فان كوخ ودافينشي.. سألت موليير وهوجو.. سألت تشيخوف.. سألت ارمسترونغ وسلطان بن سلمان سألت ارثر ميلر وشكسبير وبرنارد شو سالت مصطفى محمود وعباس العقاد وزويل سالت عبدالله الغذامي وتركي الحمد.. سألتهم جميعا: أنتم عباقرة فأين العبقريات؟!!
فأجابني سقراط قائلا: عبقرية المرأة تكمن في قلبها، وقلبها هو نقطة ضعفها، ولا مكان هنا لضعاف القلوب!!

نقد الليبراليات السعوديات:
أغلب هؤلاء النسوة اللاتي يتبعن الخط الليبرالي ويؤمن به ndash; فيما يشير الكاتب - لم ينكبن عليه رغبة به او قناعة بمضامينه وانما انقدن اليه بغير شعور نتيجة أمرين ndash; كما يرى إبراهيم عسيري-: إما لاسباب تتعلق بالتنشئة الاجتماعية التي عانقت فيها هذه الليبرالية ثقافة مختلفة تماما عن ثقافتنا وتشكلت معها منذ نعومة أظفارها وعادت لتصافحها هنا الا انها اصطدمت بعقبات أكبر منها كانت تعلم جيدا انها ستصادمها وان هذا التصادم هو ما سيعطيها الضوء الاخضر لتحقيق ما تصبو اليه من شهرة وردود أفعال قد حرمت منها في الخارج، لانها كانت هناك كما قال المثل المصري (تبيع الماء في حارة السقايين) ولا مجال لنثر هذه الآراء الا في مجتمع له خصوصيته كالمجتمع السعودي الذي بدوره سيرفض كل هذه الآراء والمعتقدات الغريبة عليه ويبدأ في البحث والتساؤل عن صاحبة هذه الأطروحات ويتحقق لها ما تصبو إليه! وبالتالي تعود نوعا ما لصوت العقل وتبدأ في تحسين صورتها وتزيين مفاهيمها والانفتاح على المجتمع وتبدأ في نفث أفكارها من جديد مع تحين الفرصة السانحة لاصطياد فريستها! وهذا النوع أعتقد انه لا يوجد بكثرة هنا.
الأمر الثاني الذي قاد بعضهن لخط الليبرالية هو المعاناة الشخصية والظروف الأسرية السيئة التي عاشت تحت مظلتها لسنوات وتعرضها للقهر او الضرب او ما شابه لتنظر للمجتمع بعين أحاديه سوداوية، وتبدأ في تقريع المجتمع الذكوري القهري الي ان يصل بها الامر للتعميم رغم ان ما مرت به حالة شخصية ليس من الضروري ان تكون ظاهرة، لكن شعورها الدائم بالألم وسنوات الضياع يعزز من موقفها الداعي إلى هذا الخط الذي تعتقد أنه طريق النجاة الذي يفتح لكل امرأة مقهورة ومغلوبة على أمرها صفحة جديدة في حياتها..
ويشير عسيري إلى أن مشكلة محدثات الثقافة والمتمسحات بجوقة التقدمية انهن يرين ان المجتمع السعودي لا يمكن له النهوض من كبوته الا بالنظر من خلال منظارهن الضيق للافق العالمي التقدمي الذي يعج بالمشاركه النسائية في كل مناحيه ويساوي بين الرجل والمرأه ويعطي كل ذي حق حقه متناسين ان التاريخ نفسه لا يساوي بين الرجل والمرأه والتاريخ الغربي تحديدا لم يسجل بحبره أي انجاز او دور رئيسي للمرأه في شتى المجالات، وان بداية دخول المرأه لميادين الرجل بدأت باسباب تاريخية لها علاقة بالحرب العالمية الأولى التي يتمت الاطفال ورملت النساء فخرجت المرأة للعمل مكرهة رغم معارضة الكنيسة التي كانت ترى بان خروجها للعمل هو بداية فعلية لاندثار المجتمعات الغربية، وليس كما تصوره البعض انه نهوض بالمجتمع وتحقيق لذات المجتمع النسائي وربما بدأت صورة هذه النظرة تتحقق الآن من خلال الانهيار الاجتماعي والاخلاقي التي تعاني منه مجتمعات أمريكا وأوربا التي تدفع ثمن خروج المرأة غير المقنن لميادين الرجل وبشهادة مفكرين كبار أثبتوا هذه المقولة. ويختتم عسيري آراءه المثيرة بقوله: إن الابداع والمرأة ودعوني أحدد هنا (المرأه المتمردة على فطرتها) (كصديقاتي السعوديات الليبراليات) لا يلتقيان، وستبقى حبيسة الدور الثاني.