قبل أيام مَرّت ذكرى اليوم العالمي للفتاة، وطبعاً مجتمعاتنا وكعادتها إحتفلت وإحتفت به وشاركت فيه كما تفعل مع أي شيء في هذا العالم بشكل هامشي وسطحي، أي فقط من باب "على حِس الطبل"، لذا فقد مر مرور الكرام دون أن نراجع أو نحسن فيه شيئاً، ودون أي فعل حقيقي مؤثر على الأرض وضمن الواقع المُعاش لتغيير الواقع المُزري الذي تعيشه الفتاة والمرأة عموماً في هذه المجتمعات.
إذ ما فائدة الإحتفال باليوم العالمي للفتاة، وهي ما تزال وفق تقاليد مُجتمعاتنا المُترَيّفة سِلعة تُباع وتُشترى وتُقايَض في جَلسات عُهر الفَصليات، وزواج الگصة بگصة الذي يُقرر مَصيرهن قبل ولادَتهن!
ما فائدة الإحتفال باليوم العالمي للفتـاة، و٧٠% من فتيات مُجتمعاتنا هُنّ في الحياة العامة مُحَجّبات ومُتبَرقِعات، وعلى البلاجات، هذا إن إرتَدنَها، للبوركيني مُرتَدِيات، ومُقتنِعات بأن الطُهر والعَفاف يتمثل بِطولة قماش سوداء تدفن فيها مَظهَرَهـا، وإن تمَدّنَت فبِمَترة قماش مُلـونة تغطي بها رأسَهـا!
ما فائدة الإحتفال باليوم العالمي للفتاة، والفتاة في مجتمعاتنا تُطَبّر وتُختَن وهي رضيعة في اللفة، لأن والِداً مُتخلفاً مُختلاً يريد لها ذلك، ولأن أماً جارية جاهِلة ترضى بذلك! وما فائدة الإحتفال باليوم العالمي للفتاة، والفتيات في مجتمعاتنا يُتَمَتّع بِهن بإسم الدين، إما بزواج مُتعة، أو مِسيار، أو جِهاد نكاح، وبعضهن مقتنعات بذلك وراضيات به!
ما فائدة الإحتفال باليوم العالمي للفتاة، وأغلب الفتيات في مُجتمعاتنا مُقتنعات بأن مُستقبل الفتـاة في بيت العَدَل، أو في خدمة الزوج والأهـل. وإذا دَرَسنَ، فـلِذَر الرماد في العيون، وليس لتحقيق ذاتِهِنّ أو لحكم الدول وغزو الفضاء وإدارة والمراكز والمختبرات!
ما فائدة الإحتفال باليوم العالمي للفتاة، والرجل في مُجتمعاتنا ما زال يُكنّى بإسم ولده حتى وإن كان الأصغر سناً وأخواته الفتيات أكبر منه! ما فائدة الإحتفال باليوم العالمي للفتاة، ومجتمعاتنا الذكورية المتخلفة، التي تكاد تُحَطّم الأرقام القياسية العالمية بزواج القاصرات حتى في محيط جالياتها المشوهة بالغرب، ما تزال تعتبر الفتاة ماكنة لتفقيس الأبناء!
ما فائدة الإحتفال باليوم العالمي للفتاة، وأغلب فتيات مجتمعاتنا، بواقعهن البائس قانِعات، وبسلب المجتمع لحقوقهن راضِيات، وبإهانة العادات والتقاليد البالية لكرامَتِهِّن فرِحات، وبإحتقار رجال الدين لإنسانيتهن ولإنوثتهن مؤمِنات، ولكل هذه السَفاهات والتفاهات داعِمات، وبجريمة إبادة جِنسِهِن مُشارِكات!
هذا اليوم حَري بمجتمعاتنا أن تحزن فيه على ما آل اليه حال الفتيات فيها من تراجع وبؤس مقارنة بنصف قرن مضى، أي قبل أن تكسر بساطيل العسكر رقابها، وقبل أن تغيب عمائم الإسلاميين عقولها، لتقضي على دولها المدنية وتعيدها قرون الى الوراء. هذا اليوم تستحق أن تحتفل به مجتمعات إنسانية محترمة، أعطَت للفتيات والنساء حقوقهن وسلّمتهن مقدراتها، ونصّبتهن عليهـا ملِكات و رئيسات.
مصطفى القرة داغي
[email protected]
التعليقات