ماذا نفهم عندما نقول إنَّ زيداً أو عمراً من الناس لا يعرفك أو يأتيك إلّا عند "مصلحته"، وهذه "المصلحة" قد تدوم فترة من الوقت وقد تقصر، ولمَ لا تكون لساعات، وهذا الصاحب، للأسف، صار مكشوفاً للعامة.

وصف بلا شك يُطلق على المتملقين، أو المنافقين أو الوصوليين، أو الاستغلاليين، أو ماسحي الجوخ والقائمة تطول!.

إنّ جميع هذه المسمّيات تتحد في كيان واحد، وتشكل شخصية كائن غريب عجيب يُطلق عليها "المصلحجي"، ولهذا فهو أناني ومحب لذاته فقط لاحتوائه على كل هذه الصفات الذميمة، التي يلفظها ويمقتها المجتمع.

وما أكثر أمثال هؤلاء الذين يمكن أن نصنّفهم تحت اسم "مصلحجي". وهؤلاء، أمرهم غريب... فلمجرد خدمة، وإن كانت تافهة وبسيطة، فإنه يحاول الوصول إلى فريسته، وينفخ فيها حتى يتمكن من السيطرة عليها، ويكسب ودها بالاستعطاف، وهذا متوافر وبكثرة، ويعاني منه الغالبية من الناس، لأن المصلحة في الواقع غلبت على كثير من المثل العليا، لا سيما أن علاقاتنا في أغلبها سطحية، حتى إنّها تحوّلت إلى مجرد روابط فاشلة داخل الأسرة، وأقصد هنا الأكثرية ممن حطّت بهم أقدامهم دول الاتحاد الأوروبي من إخوتنا العرب، على وجه التحقيق... ناهيك بأزواجهم وأبنائهم.

فالتعامل مع هذه الشريحة لم يعد بحاجة إلى قوالب معدّة مسبقاً لاكتشاف معدنهم الأصلي، ومن الصعب على بني البشر الوصول إليهم إلا بالتجربة والاحتكاك معهم بصورة مباشرة... وانتقلت العدوى إلى الأبناء، فالمصلحة تلعب دورها لتحقق رغبة، أو تنشد التوقف عند شيء معين، حتى أنها وصلت إلى "ألعن" من ذلك، فقد تضطر إلى التسويف ومسح الجوخ وتدليل ذلك الشخص، واللعب على الحبال حتى تتمكن من إرضائه واصطياده، لجهة تلبيته لحاجتك، وهذا ما بات يلجأ إليه الآباء حيال أبنائهم.

وهذا ينسحب على الزوجة هي الأخرى، التي طالما تسعى لتمرير مصلحة ما، سواء أكانت مادية، أو اختلاق عذر ما في سبيل الابتعاد عن زوجها، واللحاق بمصلحتها، وهي أهم بالنسبة إليها إرضاء لرغباتها.

المصلحة صارت مشكلة كبيرة يعانيها المغتربون في البلاد الأوروبية، لا سيما أنَّ القوانين المتبعة في تلك البلاد تُعطي المرأة استعمال سلطة الحق في زعزعة أحوال الأسرة، وإعطائها دوراً كبيراً لجهة فرض شخصيتها، والعمل برأيها.

نحن لسنا ضدّ هذا الاتجاه في حال كانت المرأة تعاني من التعامل مع زوج مستبد، أو تَطاول لحِق بها من قبله، أو من قبل الآخرين، ولكن المشكلة اليوم صارت أبعد من ذلك بكثير... صار بإمكان المرأة - الزوجة أن تهاجم زوجها وتقتلعه من بيته، وترمي به خارج دار السكن، بإشارة واحدة منها بالاتصال بالشرطة في أي وقت، وباختلاق أي ذريعة، وتجريده من كثير، فضلاً عن تواصلها غير المشروع مع أشخاص تحت ذرائع وحجج لا يقبلها عقل أو منطق... وهذا كله بالتأكيد من خلال وسائل التواصل الاجتماعية، التي لا يمكن أن تضبطها!

دعونا نقول إنَّ المصلحة ارتبطت بكل هذا وذاك، ومعها اهتزت شخصية الرجل وما عليه سوى الإصغاء إلى حديث المرأة - الزوجة، أو إلى شطحاتها وتجاوزها كل الصيغ التي يمكن أن تتوقف عندها، وتركن إليها.

هذه هي مبضع الأخلاق التي أفرزتها الغربة، وهذه المعاناة شكلت رصيداً حقيقياً للمرأة - الزوجة، ولم يعد يؤخذ بالاحترام أو التقدير الذي سبق أن تعلمناه وعايشنا أصوله المتبعة وبتقدير عال.

الحديث في هذا الموضوع يتشعب، وأحاديث وصور أخرى مهينة اضطر الرجل على ضوئها إلى التزام الصمت حيال ما يجري، لأنه الحل الأسلم للخروج من هذا المأزق، بينما ظلت الزوجة تعارك الحياة في تجاوزاتها وانحرافتها للقوانين والأنظمة والشرائع الأخلاقية التي كنا نعرفها عنها في عالمنا العربي، الذي ما زال يرفض أمثال هذه الصور المؤذية التي أساءت إلى الرجل، وأنزلته من علٍ إلى أسفل الركب، وهذا ما يؤسف عليه!