أمير الكويت يتخذ قراراتٍ تاريخيةٍ بكل المقاييس لإنقاذ الدولة والشعب من حالة الإعاقة والصراعات بين أقطاب الأسرة الواحدة والنزاعات بين التيارات المتفقة والمفترقة وبين حيتان الفساد المستشري دون أي أفقٍ لأي حلٍ ناجع ينطلق بالكويت الدولة والشعب نحو المستقبل، وهي قراراتٌ لها تبعاتٌ يجب أن تأخذ مسارها الطبيعي.

الدول لا تحكم بالرحمة فقط، بل بالحزم مع الرحمة، بالعصا والجزرة، وبتوحيد القرار السياسي ورسم واضحٍ لهرمية القيادة وعلاقات مؤسسات الدولة ببعضها، والأمن - كما جاء في خطاب الأمير - هو أولوية كبرى في مرحلة التمهيد لنهوض الكويت دولة وشعباً وارتقائها في سلم الاستقرار والتنمية والتحضر مستقبلاً.

الغاضبون من قرارات أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد كثرٌ، وهم المتنفعون في المراحل السابقة وإن اختلفت الغايات، فالبعض غايته النفوذ والسلطة وهو مستعدٌ لتخريب البلاد من أجلها وإعاقة الحكومات المتعاقبة، والبعض غايته المال ونهبها من أي مصدرٍ جاءت وبأي وسيلةٍ، والوسيلة هي ترسيخ الفساد وإن باسم محاربته ورفع شعارات القضاء عليه، والبعض غايته خدمة المشاريع الخارجية التي تستهدف الكويت وتدعم تياراتٍ معينةٍ داخلها لا تردّ يد لامسٍ ما دام يوفر لها الدعم وهي مستعدةٌ على الدوام لخلق فتنٍ واضطراباتٍ داخليةٍ خدمةً لتلك الغايات والأهداف.

ستقوم سوقٌ لتشويه إصلاحات الأمير الكبرى في بلاده، أما داخلياً فالحزم سيكون قادراً على ضبط المشهد، والكويت دولةٌ قويةٌ بقيادتها وتكاتف شعبها خلف هذه القيادة، وتماسك مؤسساتها الأمنية، وأما خارجياً، فسيكون الهجوم على الكويت من ثلاثة مصادر أساسية: الأول، الدول التي اخترقت الكويت سابقاً وتدعم "الأصولية" ولها تياراتٌ وجماعاتٌ وأتباعٌ وهي معروفة إقليمياً وعربياً، وسيتحرك معها "التنظيم الدولي" لجماعة الإخوان بكل أذرعه في المنطقة وفي الدول الغربية، وسيصطف الجميع هناك من كويتيين وغيرهم ضد كل الإصلاحات الأميرية المدعومة من الشعب، ومثلما وقفوا مع صدام حسين في احتلاله الكويت سيقفون اليوم ضد إصلاحات الأمير.

تحدث الأمير نايف بن عبدالعزيز لصحيفة "السياسة" الكويتية عن تلك المرحلة الحساسة 1990 وقال: "جاءنا عبد الرحمن خليفة والغنوشي والزنداني فسألناهم: هل تقبلون بغزو دولة لدولة واقتلاع شعبها؟ فقالوا نحن أتينا للاستماع وأخذ الآراء". وأضاف: "بعد وصول الوفد الإسلامي إلى العراق فاجأنا ببيان يؤيد الغزو" وستكون منصات "جماعات الإخوان" موجهةً بقوةٍ لاستهداف الكويت في هذه المرحلة المهمة.

المصدر الثاني للهجوم على الكويت سيعتمد على مفاهيم "الطائفية" السياسية وسيرفع شعاراتٍ مثل "المقاومة" و"الممانعة" وسيهاجمون أي خياراتٍ سياسيةٍ للكويت في علاقاتها بالدول الأخرى إقليمياً ودولياً، ومن سعى لنشر الإرهاب والفوضى في الكويت سابقاً سيسعى جهده لإعادة الكرة مجدداً.

المصدر الثالث للهجوم على الكويت سينطلق من الغرب، ومؤسساته المدنية التي انفضحت إبان ما كان يعرف بـ"الربيع العربي" وشعاراتها معروفة مثل: "الديمقراطية" أو "حرية التعبير" و"حقوق الإنسان" وستتحرك معها وسائل إعلاميةٍ معروفة توجهاتها وسيقرأ الجميع عن "الديكتاتورية" أو "نهاية الديمقراطية" ونحوها.

سيصطف مع هؤلاء تياراتٌ سائبة ترفع شعارات "ليبرالية" ولا تمانع أن تكون "مطايا" للأصولية والطائفية، ويمكن رصد مواقفها بعد استعادة مصر لدولتها وسيادتها واستقلالها في 2013 وسيجدون دعماً من المصادر الثلاثة السابقة، وهؤلاء يشكلون غطاءً لذر الرماد في العيون.

وفي موسم الهجوم على الكويت سيعاد إحياء صناعات ثلاث: هي "صناعة السخط" كما عرفها سيد قطب وطبقتها جماعات الأصولية والإرهاب، وكذلك "صناعة الإحباط" ونشر التشويه المتعمّد والتشكيك في أي إصلاحٍ وبث اليأس بين العامة، و"صناعة الإرهاب" حيث ستتحرك الفتاوى المتطرفة والبيانات الجماعية.

أخيراً، فالكويت قويةٌ برؤية أميرها وتوحد شعبها خلفه وتماسك مؤسساتها، والأيام حبلى.