أي وجه للحب، ذاك الذي يرويه ويتعلمه الجيل الناشئ اليوم من نجم مصر الكبير محمود الخطيب.

الخطيب رئيس نادي النادي الأهلي صاحب أكبر جماهيرية في مصر، الذي انتخب وبجدارة للمرة الثانية رئيساً للنادي العريق. المرة الأولى كانت في كانون الأول (ديسمبر) 2017 عندما اُنْتُخِب خلفاً للمهندس محمود طاهر وحصوله على أكثر من عشرين ألف صوت مقابل ثلاثة عشر ألف صوت لطاهر.

الخطيب الذي أكثر ما كان يُحب أن يقلد اللاعب البرازيلي الجوهرة بيليه، كما شبهه صالح سليم الأب الروحي للأهلي ببلاتيني ومارادونا، وهو إلى جانب ذلك تعلم الكثير من والده، الموظف الصغير الذي كان يتقاضى أجراً بسيطاً، والمنتمي إلى أسرة كبيرة.

تعلم الخطيب القيم النبيلة والأخلاق الحميدة، وهو صغير. كان يلعب وهو في سن اليفاع الكرة بشغف حتى تمكن من التحكم والسيطرة عليها، وأخذت اللعبة كل تفكيره واهتمامه، وفي إحدى المرات كان يمارسها فوق السطوح مع شقيقه الأكبر، وعلى إثرها أصيب إصابة بليغة في قدمه أسعف في الحال وتلافي جراحه المثخنة.

الخطيب صاحب الأخلاق العالية، الذي لفت الناس إليه بتواضعه، وبساطته وتسامحه وقلبه الكبير، وهو الذي أشرف على تدريب الصغار في أكاديمته، وشعاره: السلوك أولاً، الهواية، الموهبة.

محمود الخطيب "فلتة" كروية مصرية، وهو النجم الأهلاوي الأميز والأفضل الذي كان يطلقون عليه بزمن بيبو، وطالما كان يحلم وهو صغير أن يمشي إلى جوار سور النادي الأهلي، وكان ذلك مجرد حلم وردي كان يتمنى تحقيقه.

الحلم، وعلى مدى الأيام، تجسد إلى واقع، وهو لا ينكر تلك النعمة التي حققها له الخالق في الوصول إلى إدارة الأهلي، وقبل ذلك اللعب في صفوفه، وحقق معه 10 بطولات دوري، و5 بطولات كأس مصر، و2 بطولة إفريقيا لأبطال الدوري سنة 1982، 1987، فضلاً عن بطولة أفريقيا لأبطال الكأس 1984، 1985، 1986، إضافة إلى مشاركته مع منتخب مصر في أولمبياد لوس أنجليس 1984، كما أختير كأفضل لاعب في أفريقيا في عام 1983، وعن جدارة، وأحرز مع المنتخب بطولة الأمم الأفريقية 1986 التي أقيمت في القاهرة، ورفضه منصب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، كما سبق أن اختير كأفضل لاعب في تمتعه بالروح الرياضية في مصر وإفريقيا والعالم، ولم تشهر بوجهه أي بطاقة طرد طوال فترة ممارسته الكرة.

كثيرة هي الصفات التي اتصف بها محمود الخطيب، الذي سبق أن قال عنه لا عب نادي الترسانة والمنتخب الوطني مصطفى رياض: إنه رجل ولا كل الرجال. طيب جداً، غير متعال، يحب الناس، يحب النكتة، أضف إلى أنه كتلة من المشاعر، فهو كبير في كل شي.

فالتواضع الجمّ، والأخلاق العالية، والاحترام المقرون بالوفاء، أكثر ما يتفرد به نجمنا الكبير.

إقرأ أيضاً: سالزبورغ النمساوية... الغد الأمل

الخطيب الذي ترك بصمة في ملاعب الكرة لا يمكن لها أن تُنسى، أو تغيب عن الذاكرة على مرّ السنين، ومن حقّه علينا، نحن عشاق الكرة المستديرة، أن نكون أكثر حرصاً وحفاظاً على العملاق الخطيب، والاستمتاع برؤيته وبأفكاره وبمنطقه كإنسان رياضي له هيبته ووقاره واحترامه.

وهو الإنسان النبيل والمجتهد الذي طالما يثرينا بحواراته الساخنة الممتعة والرصينة، وهو إلى جانب كل ذلك يستحق منا كل الود لأنه أكبر من الثناء.

مبروك لمصر أمثال هذا النجم الكبير، وما قدمه لكرة القدم المصرية وللنادي الأهلي، ولجماهير الكرة العاشقة التي تبحث عن فارسها المبدع الذي أتحفنا بفنون الكرة، وتفوق على زملائه.

الخطيب الذي لن تلد الأمهات مثيلاً له… وهو الذي أتحفنا بأهدافه المتميّزة، وتسديداته الصاروخية المباغتة، كما سبق أن أثرانا بأحاديثه الرائعة، ويظل بنظرنا النجم الأيقونة الذي لن يكرره الزمن!.

إقرأ أيضاً: صلاح... وميركاتو صيفي ساخن!

إنه أسطورة كروية عربية قلَّ مثيلها، ولو أتيح لها أن تلعب خارج أسوار بلدها لكان لها شأن كبير.

ظهور الخطيب فرصة سارة للتعرّف إلى نجم موسوم بأناشيد الحب، ومتواضع جداً برغم شهرته الطاغية، وعدّ غيابه كلاعب خسارة كبيرة للكرة المصرية، وللنادي الأهلي بصورة خاصة، الذي لم يبخل يوماً في عطائه، وفي تكريمه لأنه رمز الحب والعطاء.

الخطيب اليوم يعيش بيننا بحب كبير، ويفرحنا بالكاريزما الطاغية، وبالحضور اللافت الذي يبهجنا، لأنه وبكل المقاييس، "فلتة" أخلاقية وكروية لا يمكن لها أن تغيب عن مشجعي الأهلي وأبناء مصر.