في نهاية المطاف وبعد أن تهدأ عاصفة رحيل أحمد رفعت نجم منتخب مصر لكرة القدم بفعل "ترند" جديد تنتجه مصر كل يوم، بل كل ساعة، سوف يبدأ كل منا في محاسبة نفسه والتفكير فيما حدث بمزيج من العقل والعاطفة.
نحن الآن في مرحلة "التقييم العاطفي والإنساني"، والصراخ، واختباء الوجوه "المجرمة" خلف قناع وساتر التعاطف "الكاذب"، ولكن فيما بعد سوف نكتشف أننا قتلنا أحمد رفعت 3 مرات.
الموت الثالث
نعم 3 مرات بالتمام والكمال، المرة الأولى حينما سقط مغشياً عليه في أرض الملعب بتاريخ 11 آذار (مارس)، والثانية في 6 تموز (يوليو) برحيله عن عالمنا، أما الثالثة فهي التي تدور رحاها الآن، وهي الأشد قسوة وضراوة لأنها موت بعد الموت.
الموت الثالث لأحمد رفعت يحدث الآن من جانب كل باحث في الإعلام الرياضي المصري عن "الترند"، صحيح أننا لا نفتش في النوايا، ولا علاقة لنا بها، ويحق لنا جميعاً التعبير عن أحزاننا لرحيل هذا الشاب الموهوب الذي يبلغ 30 عاماً، ولكن ماذا يعني أن تخرج علينا البرامج وتضع لقطات فيديو للراحل رفعت مع موسيقى حزينة؟ مثل هذا التناول والتفاعل السطحي يجعلك تدرك أن هؤلاء بلا قلب ومؤكد بلا عقل.
نحن نقلته لأننا سوف ننفعل ونرفع أصواتنا ونلقي الاتهامات يميناً ويساراً دون أن يستمع أحد لنا، ثم ننصرف بعد أيام إلى "الترند الجديد"، ولن يحصل الراحل على حقه، بل سيموت مرة ثالثة أمام أعيننا.
مختصر القول إن هناك أشخاص تم تحديد هويتهم بوضوح هم الذين أصابوا أحمد رفعت بمتلازمة "القلب المكسور"، فأصيب بأزمة قلبية لم يتمكن من النجاة من تأثيراتها، فرحل عن عالمنا، وهؤلاء الأشخاص يجب التحقيق معهم بصورة مباشرة دون مواربة، إذا كانت هناك رغبة حقيقية في أن نقول لملايين الشباب من المتعلقين بكرة القدم في مصر ولغيرهم إن هذه دولة قانون، ولا أحد فوق القانون.
ماذا حدث وكيف رحل عن عالمنا؟
لمن لا يعلم تفاصيل ما حدث، فقد قرر نادي فيوتشر المصري (أحد أندية الدوري المصري الممتاز لكرة القدم) إعارة أحمد رفعت إلى نادي الوحدة الإماراتي مقابل 500 ألف دولار في عام 2022، وسافر اللاعب بدون تصريح من القوات المسلحة، وهي جريمة، خاصة أنه كان بموجب القانون يجب أن يخضع للخدمة العسكرية، ولكن إدارة النادي بشخوصها النافذين قالوا له لا تقلق فقد قمنا بما يجب القيام به.
وحينما حاول رفعت العودة من الامارات إلى مصر فوجئ بأنه مطلوب القبض عليه، بتهمة الهروب من الخدمة العسكرية، فوعوده مرة أخرى بحل المشكلة، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث وتم القاء القبض عليه وإيداعه السجن 6 أشهر، لينهار نفسياً.
عاد من الموت
وبعد تعافيه من الأزمة القلبية في معجزة طبية، خاصة أن قلبه كان قد توقف لساعتين، ظهر في قناة تلفزيونية وقال هناك بعض الأشخاص أصحاب النفوذ في الوسط الرياضي المصري قهروه وتسببوا في كل ما حدث له، ولم يحدد هذه الأسماء ورحل بعد هذا الظهور التلفزيوني بحوالي 10 أيام.
عاد رفعت من الموت ليقول لنا أصلحوا أنفسكم، وتخلصوا من عصابات الفساد التي تتحكم في الرياضة، ويساند هؤلاء بعض الوجوه الاعلامية، وتم تشخيص وفاة رفعت بأنها بسبب الضغوط النفسية الهائلة والشعور بالقهر، ومن الواضح أن الصراخ الإعلامي والغضب العابر لحسابات السوسيال ميديا، والشعور بالقهر في الشارع المصري، لن يؤدي في النهاية إلى الإتيان بحق الراحل أحمد رفعت، بل سيؤدي في إلى قتله للمرة الثالثة.
هل أقول لكم شيئاً؟ لدي شعور أن الأمر لن يمضي هذه المرة مثل كل مرة، ولن تكون العدالة ضحية لأصحاب النفوذ، سوف تتدخل الدولة المصرية هذه المرة وتقول "لا أحد فوق القانون"، حينها سوف يعود رفعت من الموت ليستقر في قلوبنا للأبد.
التعليقات