لن تفهم الشعب المصري أبداً، فهو قمة في العشوائية (هكذا يبدو للوهلة الأولى)، ومن جانب آخر هو يعي تماماً كل ما يفعل وكل ما يقول (هكذا تكتشف بقليل من التركيز)، وهو أيضاً ليس هذا أو ذلك، هو في الحقيقة حالة خاصة (جداً)، يمكنك أن تراها إيجابية وبكل قناعة، ولك الحق في أن تراها سلبياً ولن تكون ملاماً، هم يقولون عن أنفسهم "نحن شعب بلا كتالوج".

فالمصري يشبه مصر تماماً، قد تقع في عشقها بكل جاذبيتها و سلبياتها، وقد تقوم بزيارتها مرة واحدة فقط، وتقرر بعدها ألا تكررها أبداً.

بالطبع لا يوجد منطق في (الفكر التعميمي) ولكنني أتحدث هنا عن سمات عامة، وطريقة في التفاعل مع عصر السوشيال ميديا، ومقدرة المصري على أن يكون ترند العرب في كل يوم، بل في كل ساعة دون مبالغة.

المصري ترند دائم.. لماذا؟ إليكم الأسباب
لماذا أصبح المصري الترند اليومي للمنطقة العربية؟ ببساطة يوجد في مصر العدد الأكبر عربياً وربما شرق أوسطياً في استخدام منصات التواصل الاجتماعي، وكذلك فالثقافة الاجتماعية المصرية تقوم على "البوح" والتحدث في كل كبيرة وصغيرة، وليس على الكتمان أو الخوف بصفة عامة، ومن ثم أصبح الناتج عبر منصات التواصل الناطقة بلغة الضاد مذهلاً سلباً وإيجاباً.

كما أن المصري بصفة عامة "عاطفي" وليس لديه حسابات معقدة، ومثل هذا النوع من البشر هم الأكثر تواجداً وانتاجاً في منصات التواصل الاجتماعي، وهناك بالإضافة إلى كل ما سبق سبب آخر يتمثل في أن مصر على الرغم من ظروفها الاقتصادية إلا أنها لديها بنية تحتية قوية للإنترنت والاتصالات، وبأسعار مناسبة جداً للغالبية الكاسحة.

وفي ختام الأسباب "لماذا الفعل المصري هو الترند دائماً؟"، يظل هناك سبب جوهري وهو أن "لعبة الإلهاء" على أشدها في مصر، لكي يغض الشعب الطرف عن ظروفه الصعبة إجمالاً، ولن يكون هناك ما يجذب الأنظار أكثر من "الترندات المثيرة" دائماً.

نحن "ترند" الأولمبياد
ماذا أريد أن أقول؟ ما أود قوله إن "ترند مصر" انتقل إلى أولمبياد باريس بجدارة وفي أكثر من موقف، آخرها لاعبة مصر في سلاح السيف "ندى حافظ"، والتي كشفت عن مفاجأة مذهلة، وهي أنها خاضت منافسات الأولمبياد وهي "حامل" في الشهر السابع.

بالطبع أصبحت ترند في غضون ساعات، ما بين معجب بقصتها ومغامرتها وقوتها، خاصة أنها فازت في دور الـ 32 على لاعبة أميركية مصنفة عالمياً في مرتبة متقدمة، ثم تعرضت للخسارة في دور الـ16، لتكشف عن قصة حملها.

لست معها ولم أتمكن أن أصبح ضدها!
كاتب هذه السطور فشل في أن يكون معها، كما عجز عن أن يصبح ضدها، وهو في ذلك لديه رد الفعل الذي يتشابه مع رد فعله في كثير من "ترندات مصر"، والتي لا تملك أمامها أن تعثر على رد الفعل المنطقي، سواء بالاعجاب أو الغضب، على الرغم من أنها في كثير من الحالات "ترندات مسيئة"، بعيداً عن ملف البطلة المصرية، ولكن بصفة عامة، فالقاعدة تقول أن "السلبي" هو المرشح الأقوى لأن يصبح "ترنداً".

لماذا شاركت ولماذا قالت؟
ولكن ما أعلمه جيداً أنها ما كان يجب عليها أن تشارك في الأولمبياد، وبعد أن قررت المشاركة ما كان يجب عليها أن تكشف عن قصة حملها في حدث رياضي كبير بهذا الحجم، ونسبة مشاهدته ومتابعة أخباره عالية جداً، لأنها حتماً سوف تكون عرضة للانتقادات من البعض، وهو الأمر الذي سيكون له تأثيره السلبي عليها اجتماعياً على الأقل، إن لم يطالها الضرر النفسي كذلك.

سيرينا فعلها ولكن بطريقة مختلفة
سبق لنجمة التنس الأميركية سيرينا ويليامز المشاركة في بطولة أستراليا المفتوحة في التنس وكانت تعلم قبلها بأيام أنها حامل، ولكنها قررت أن تحصل على راحة بعد ذلك.

هل تبرر الهزيمة أم تغازل الترند؟
أي أن حالة اللاعبة المصرية ليست جديدة تماماً، ولكن لم يسبق للاعبة محترفة خوض نزال احترافي وهي حامل في الشهر السابع، وعلى أي حال أصبحت ندى "ترند الأولمبياد" ولا أحد يعلم على وجه الدقة، هي أعلنت عن حملها عقب الهزيمة أمام اللاعبة الكورية لكي تبرر الهزيمة؟ أم فعلت ذلك من أجل "الترند"؟

الترند حق لكل مواطن
وبالمناسبة أصبح "الترند" حق لكل مواطن في مصر على الأقل، صحيح أنه ظاهرة عالمية، ولكن الأمر في مصر تجاوز كافة التصورات، وأصبح الجميع يحلمون بشهرة الترند، والغالبية يفعلون ذلك بطريقة "سلبية"، والبعض يصبح مشهوراً و "ترنداً" بفعل إيجابي، وما بين السلبي والإيجابي أصبحت مصر مسرحاً في حالة عرض 24 ساعة، والبقية يستمتعون بـ"الفرجة"، إلى الحد الذي تشعر معه أنه لا يوجد بلد في المنطقة لديه القدرة "الجنونية" على رفع سقف الترند في كل يوم "سوى مصر".