في الساعات الأولى من صباح يوم الخميس الثاني من آب (أغسطس) عام 1990م، دخل مئة وأربعون ألف جندي عراقي إلى الكويت وسط ذهول العالم لهذا الحدث المدوّي غير المُنتظر بالنظر إلى التطمينات التي ساقها رئيس النظام العراقي صدام حسين إلى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود والرئيس المصري محمد حسني مبارك رحمهما الله وغيرهما من رؤساء الدول العربية حيال تلك الحشود العراقية على الحدود الكويتية مؤكداً بأنها فقط لإجراء مناورات تدريبية روتينية وليس هناك نية لاستخدامها لحلّ الخلاف الذي نشأ مع الكويت، كما أنه بالكاد جفّ حبر مخرجات لقاء جدة الثلاثي يوم الحادي والثلاثين من تموز (يوليو) 1990م الذي استضاف فيه الملك فهد سمو ولي عهد الكويت ورئيس مجلس الوزراء رئيس الجانب الكويتي الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح رحمهما الله ونائب رئيس مجلس قيادة الثورة رئيس الجانب العراقي عزت إبراهيم الدوري والذي تم فيه الاتفاق على التهدئة وأن يكون اللقاء الثاني في بغداد على أن تحتضن الكويت اللقاء الثالث وذلك في غضون أسابيع لتطويق الأزمة، لكن صدام أبى إلا أن ينكث وعوده ويكذب على الملوك والرؤساء وكافة الوسطاء مرتكباً حماقة القرن بغزوه للكويت.

لن أسهب في سرد تطورات الأحداث فهي معلومة لكل متابع ومهتم لكنني سأتناول محوراً مهماً في الذكرى الرابعة والثلاثين لذلك الحدث المأساوي بكل المقاييس وهو الشعب الكويتي الشقيق رجالاً ونساءً شيباً وشباباً الذين تحولوا في ظرف ساعات من شعب مسالم قد أنعم الله عليه من خيرات الأرض كحال أشقاءه في دول مجلس التعاون إلى شعب مقاوم شرس ضد المحتل الغاصب، فسطّر الكويتيون والكويتيات أروع الملاحم وأصدق المواقف وأرخصوا أرواحهم دون أرضهم التي رُويت ترابها بدمائهم الطاهرة وليشهد التاريخ بأنهم كانوا الأبناء البارّين بوطنهم سواء الشهداء الأبرار أو الذين تم أسرهم واستشهدوا في الأسر أو حتى الأسرى الذين أُفرج عنهم لاحقاً بعد التحرير كلهم اجتمعوا على الوفاء والإخلاص للكويت والولاء للشرعية الكويتية بقيادة صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت رحمه الله ، رغم الألم والعذاب وقسوة المعتدين بقي الكويتيون الشرفاء على مواقفهم ولم يغيّروا أو يبدّلوا العهد الذي قطعه آباءهم وأجدادهم لأسرة الحكم آل الصباح الكرام منذ مئات السنين فأحيّيهم بهذه المناسبة من أعماق قلبي وقد تعرّفت عن قُرب على قصص حقيقية لا أحصيها في هذا السياق إبان زيارتي عام 2009م لمقر مكتب الشهيد في دولة الكويت الشقيقة.

حفظ الله الكويت العزيزة من كل الشرور وأسبغ عليها نعمة الأمن والأمان تحت راية حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه وسمو ولي عهده الأمين الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح حفظه الله كما أذكر بالشكر سعادة السفير الشيخ صباح ناصر صباح الأحمد الصباح سفير دولة الكويت الشقيقة لدى المملكة على ما يقوم به سعادته من جهود ملموسة في سفارة الكويت بالرياض من كل النواحي وشتى المجالات وكل المناسبات التي تهم الكويت والتعاون المستمر مع وسائل الإعلام وقد تكون شهادتي مجروحة في أبي أحمد فيما يتصل بالإعلام لكنها حقائق ماثلة أمام كل ذي عينين.