التصعيد الحاصل في المنطقة مخيف ويصل إلى حد الحرب الاقليمية التي لا يريدها أحد من اللاعبين الرئيسيين او لاعبي الاحتياط او المدربين ولا حتى الحكم.
بنيامين نتانياهو الذي كان على قاب قوسين من الانهيار السياسي في الايام الاولى لهجوم السابع من اكتوبر واستعطف المعارضة دعمه لشرعنة الحرب اسرائيليا على حماس في غزة، أصبح اليوم يمشي منتشيا بالنصر الكبير ينطنط ضاحكا كالطاووس نافشا ريشه وسط تصفيق أنصاره وبيئته الحاضنة المكونة على الغالب من اليهود العرب او السفارديم.
بعد سلسلة الضربات التي وجهتها إسرائيل لحزب الله وصولا لاغتيال الامين العام حسن نصر الله وباقي قيادات الحزب والقادة من فيلق قدس اصبحت شعبية نتانياهو في السماء ويقول خبراء مخضرمون ان أحواله وأحوال اعوانه مثلها مثل اجواء انتصار حرب الايام الستة في العام 1967 , إلا ان الفرق الوحيد هو ان هذه الحرب لم تنته بعد وايران مع اذرعها ومليشياتها لم تقل الكلمه الاخيرة وحتى ان لم تكن تلك الكلمة قوية إلا انها ستظل مزعجة لإسرائيل التي تسعى من خلال تفكيك حماس واختراق وضرب حزب الله وتوجيه لكمات الحوثي باليمن والحشد الشعبي في العراق وبعض الصفعات للنظام السوري، تسعى إلى اعادة هيبتها وما يسمى بقوة الردع الاسرائيلية والتي تآكلت في السنوات العشر الأخيرة وتلاشت بقوة مع هجوم السابع من اكتوبر.
هيبة إسرائيل، دولة اليهود الوحيدة من المنظور الإسرائيلي تآكلت واصبحت مهددة، وحتى لو لم يكن التهديد كيانها انما يبقى تهديدا حديا حيث ان مئات الالاف من الإسرائيليين نزحوا من بلداتهم وأصبحوا لاجئين في دولتهم وسط عجز الحكومة عن إعادتهم لبيوتهم في الجنوب وفي الشمال ناهيك عن حالة الذعر والترقب الدائم لتلقي ضربات صاروخية في كل انحاء إسرائيل.
نتانياهو وأركان حكومته يرون ان توجيه الضربات الموجعة وبعيدة المدى لليمن والعراق وإيران سوف تعيدهم إلى ظهور خيلهم لتعود اسرائيل إلى وظيفة بلطجي الحي الذي يخافه الكبير قبل الصغير.
وقف النار في غزة ولبنان غير وارد حاليا لان الجنرالات يعتقدون ان المهمة لم تنجز باكملها وهم بحاجة لبعض الوقت الذي قد يستغرق في أحسن الاحوال اسابيع معدودة وفي أسوأها شهورا طويلة.
غياب الحسم والحزم في الولايات المتحدة تجاه اسرائيل عشية الانتخابات الاميركية تمنح نتانياهو وحكومته وقتا اضافيا لتنفيذ وتحقيق اهداف البقاء على السلطة وكسب الشعبية إلى جانب خلق الانطباع انه هو منقذ اسرائيل وملكها بلا منازع وان فشل السابع من اكتوبر لم يكون سوى كبوة لا تستحق ان تقام لجنة تحقيق رسمية حولها وذلك لان اي لجنة تحقيق رسمية برئاسة قاض من المحكمة العليا تعني توصيات باستقالة نتانياهو وكل اركان حكومته إلى جانب محاسبة كل المستوى الامني واستقالة قادته الكبار.
من جهة اخرى وفي خضم كل هذه التطورات المتسارعة والدراماتيكية في الشرق الاوسط يبقى السؤال هل ستحمل اسرائيل ما بعد الحرب مشروع سلام او تسوية ام انها ستذهب نحو المواجهة السياسية مع الأطراف الدولية وتستمر في رفض حل الدولتين، المطروح بقوة، عربيا ودوليا والتوجه نحو دولة واحدة ثنائية القومية تنهي حلم الدولة ذات الأكثرية اليهودية كوطن قومي لليهود.
التعليقات