مرت الذكرى الأولى للسابع من تشرين الأول (أكتوبر)، وخرج قادة المحور الإيراني جميعهم لينشدوا تراتيل نصر زائف، مغلفين نكران الحقائق التي توجت بعنوانها العريض: استمرار ثبات المخططات الإسرائيلية مقابل خواء إستراتيجيات إيران وخطط أذرعها.
فالخطابات الرنانة بشعارات الوهم الملالي الإيراني لن تؤثر على أرض المعركة، حيث انهار حزب الله وحماس من قبله كأحجار الدومينو، وخرجا من دائرة الزمن والصراع. وأمام فرضية الشرق الأوسط الجديد الذي ترسمه سير دبابات القوات البرية الإسرائيلية على طرقات قرى ومدن جنوب لبنان، ورفع العلم الإسرائيلي على قمم جبالها، تسقط كل ادعاءات طهران وقادة ميليشيات محورها، وتتحطم أوهامهم على صخرة تماهي المشاريع الإسرائيلية الأميركية المستمرة بسبب هزيمتهم الصريحة. بالأمس كانت غزة واليوم جنوب لبنان، وغدًا يبقى مفتوحًا باحتمالاته وفرضياته المتعددة بالاعتماد على تصعيد إسرائيلي منتظر يطال بأهدافه أرجاء جمهورية الملالي.
وبالنظر إلى عواصم النفوذ الإيراني، نجد أن حالها يُرثى له؛ فدمشق تُستهدف يوميًّا وسط صمت نظام بشار الأسد، الراغب بشدة في الهروب والنجاة من سفينة محور طهران الغارقة. أما صنعاء، فبضربات معدودة من القوات الأميركية والبريطانية والإسرائيلية، عادت إلى العصور الحجرية بجهل متعاطي القات الحوثي. في المقابل، اتخذت بغداد قرارًا جماعيًّا بالنأي عن حرب ببعدها الحالي، والتي ستنال حتمًا رؤوس قادة ميليشيات وأحزاب طائفية، وتستهدف قدراتهم، فكان القرار حفاظًا على مكتسباتهم وبقاء قوتهم في المشهد الداخلي العراقي.
قادة إيران وأدواتها، تحديدًا في بيروت وغزة، المفصولون عن واقعهم العسكري والسياسي، يحاولون اليوم إبقاء معادلات بالية ومنتهية الصلاحية، من خلال إعادة تموضع مكانتهم في مسرح الشرق الأوسط باستراتيجية تهدئة جديدة تُسوّقها زيارات مكوكية، يجول بها رأس الدبلوماسية الإيرانية عباس عراقجي لدول المنطقة، بهدف لملمة ما تبقى من مسارات دبلوماسية تبعثرت أمام إصرار إسرائيلي على دكّ بنائهم الميليشياوي، وتدمير نموذج قدراتهم العسكرية وحرق أوراقهم السياسية.
إقرأ أيضاً: إيران تضحي بأدوات محورها.. لإنقاذ نفسها
بعد عام من بدء الحرب، اتضحت الحقيقة. فكانت بلا شك وبلا مواربة حرب الأعمى والبصير؛ بين محور بنى قواعد وجوده وربط مصيره بإستراتيجيات تحرير الأرض بقوة السلاح - سلاح كان موجهًا فقط نحو صدور الشعوب العربية: شعوب بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء وغزة، التي عانت قهرًا وظلمًا بحجة محق ودحر الاحتلال - واحتلال كان مبصرًا بكافة تحركات هذا المحور الإيراني ومخططاته الواهنة، وأسقطها جميعًا بضربات دقيقة تدلِّل على الفجوة التكنولوجية والعسكرية، وتفوق التخطيط والبعد الاستراتيجي، ونجاح تسويق السردية السياسية للصراع مجددًا بين عميان نظام أدام الله ظله في طهران، وبين عدوه الأزلي الذي لطالما تمنى له الموت بشعارات دعائية طيلة عقود ماضية، فلم تأسر هذه الشعارات العدو بسجون الوهم والخوف والترقب، بل أسرت فقط المنطقة وشعوبها بسلاح أصبح مجرد القيمة أو الهدف.
التعليقات