مع احتدام الحملات الانتخابية في إقليم كردستان العراق على وقع اقتراب موعد الاقتراع في 20 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، والذي وفق كافة المعطيات والقراءات ستكون انتخابات مفصلية تؤسس لتغيير كبير في الخريطة السياسية والبرلمانية في كردستان بعد طول سبات، يسطع نجم الزعيم الشاب رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل جلال طالباني، الذي قدم صورة غير مسبوقة ومختلفة تماماً عن نمط الزعامات السياسية التقليدية والشائخة العقلية، التي لا تزال تعتمد أنماطاً بالية وكلاسيكية لمخاطبة الجماهير وتقديم برامجها ورؤاها.

فالرجل الذي يلهب الساحات والملاعب المكتظة بعشرات الآلاف من الناس في طول كردستان وعرضها، والذين لا يقتصرون على مناصري حزبه فقط بل يشملون قطاعات شعبية وشرائح ناخبة واسعة، تمكن من خطف الأضواء والتربع على عرش أكثر قادة الصف الأول السياسي تأثيراً وقوة حجة ومنطق، لدرجة أن خطاب منافسيه من قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، وخاصة السيد مسرور برزاني، بات مجرد ردود أفعال ضعيفة وسطحية على خطاباته ومواقفه، عاجزة عن مقارعة الحجة بالحجة.

إقرأ أيضاً: حين استعان الفاسد بالأفسد

وهذا يترافق مع توالي المؤشرات إلى أنَّ الاتحاد الوطني الكردستاني سينجح هذه المرة في استعادة أمجاده الانتخابية، ولعب دوره المحوري والوازن لحماية تجربة كردستان الديمقراطية وإنقاذها من براثن الأحادية والتسلط والفساد، التي يمثلها الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برزاني، والذي لطالما استفاد من وقوع الاتحاد الوطني في شراك الانشقاقات والتكتلات ومن مرض الرئيس مام جلال في 2012، ومن ثم رحيله في 2017.

نجح طالباني في كسر الصورة النمطية للزعيم المتجهم والعبوس والقابع في برجه العاجي، المنعزل عن نبض الناخبين وعن آلامهم وآمالهم، ليقدم خطاباً ولغة جسد يحاكيان أمزجة عامة الناس على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم الثقافية والاجتماعية.

إقرأ أيضاً: كيف حسم طالباني معركة كركوك؟

وينجح بأسلوبه السلس والسهل الممتنع في إيصال رسائله والتعبير عن أهدافه وبرامجه بوضوح ومباشرة، في الدفع نحو إصلاح تجربة الحكم والإدارة في كردستان العراق، وإسقاط السلطة الفاسدة والأحادية للديمقراطي الكردستاني التي تكرست عبر سنوات طويلة على وقع فرض الأمر الواقع بقوة دبابات صدام حسين حينما احتلت عاصمة إقليم كردستان أربيل، بعد استنجاد مسعود برزاني شخصياً برأس النظام البائد آنذاك في 31 آب (أغسطس) 1996، وبفعل التزوير للعمليات الانتخابية فيما بعد، وتوظيف المال والارتهان لأجندات القوى الإقليمية المعادية للديمقراطية وللقضية الكردية في العراق.