اغتيال حسن نصرالله الذي تخلت عنه إيران، وتعرضه لغارة جوية قضت عليه فيها إسرائيل، أبهج كثيرين، خاصَّة أنَّ إسرائيل تمكنت من دكه بأطنان من القنابل وقتلته في الضاحية الجنوبية لبيروت، بحيث لم يعد له أو حتى لحزبه بعد اليوم قائمة.

ما نشاهده من على منصة تيك توك، وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي في فيسبوك، وإكس، وإنستغرام، وغيرها من أفراح وأتراح جماهيرية، وأهازيج نصر تثلج الصدر، وتناول الحلويات بمناسبة نفوق نصرالله، يعني أن قتله أسرّ الكثير من هؤلاء الذين يظهرون شامتين بنهاية مجرم وعصابته التي لم تقصر يوماً في قتل السوريين، وأبرزها المجزرة التي فجرها في عام 2013 في بلدة العتيبة بريف دمشق، حيث نفّذ عناصر الحزب مجزرة استشهد فيها أكثر من 175 مدنياً كانوا يحاولون مغادرة الغوطة المحاصرة، وفي مناطق القصير والحولة، وفي دير الزور وفي غيرها من المدن السورية، وعلى الهوية، وفي تهجير اللبنانيين، أبناء جلدته، عنوة من أرضهم، ناهيك بإذلالهم. وما الحالة الأخيرة التي حلت باللبنانيين واقتلاعهم من جنوب لبنان، ومن الضاحية الجنوبية ببيروت إلا أكبر مثال على ذلك!

وكانت العملية الأبشع في مدينة دير الزور شرقي سوريا، ودرعا في الجنوب، إضافة إلى القلمون غرب دمشق، والبادية السورية، حيث هجّروا السكان الأصليين وجلبوا أنصارهم من العراق.

ومن الجرائم التي ارتكبها حسن نصرالله، قتل وإصابة 241 لبنانياً في عملية اغتيال رفيق الحريري، واغتيال جورج حاوي، ووليد عيدو، وأنطوان غانم، وفرانسوا الحاج، ووسام عيد، ووسام الحسن، ومحمد شطح، وسمير قصير، وجبران تويني، وبيار الجميل، ولقمان سليم، وغيرهم.

واستخدم حزب الله شعارات فلسطين والقدس والتحرير والثورة، لكنه كان يهدف إلى السيطرة على لبنان وتحويله إلى محافظة إيرانية، والعمل كذراع لها في لبنان والعراق وسوريا واليمن، بل والعمل كأداة تنفيذ لها في أوروبا وأميركا اللاتينية. وعلى هذا يكره السوريون حزب الله.

إقرأ أيضاً: عن الغربة.. والأمس الذي نسيناه

ما الفائدة إذن من كل هذه الحرب التي افتعلها حزب الله وجماعة حماس بحق أهلنا في غزة التي راح ضحيتها الآلاف من الشهداء الذين قضوا دون وجه حق، وما عدا عن مئات الآلاف من الجرحى والمشوهين؟ وها نحن نعرف أن قدرات حماس وحزب الشيطان ضعيفة جداً، وهما غير قادرين على هزيمة إسرائيل، ولكن لمجرد أنهم يفاخرون بإنجاز ليس لهم القدرة على نيل وسامه، وهذا كله ما هو سوى خداع للرأي العام، وهم ما يخدعون إلا أنفسهم بدليل هزيمتهم شرّ هزيمة، ونهاية حزبهم الذي أذل اللبنانيين طوال السنوات الماضية، وفرض سيطرته عليهم بالحديد والنار تحت غطاء الدين، فلماذا لا يعترف اللبنانيون وأعضاء الحزب بهذه النتيجة، والقادم أعظم!

رسالة نوجهها لكل خائن، ومنافق.. يبيع ويشتري بالمقاومة من أمثال حسن نصرالله، ورجاله الباغين الذين يستحقون السحق والموت، لأنهم غير قادرين على مجابهة إسرائيل ودحرها، ولكن كل ذلك "حكي جرائد" كما يقول العامة!

إقرأ أيضاً: في ظل حكم "داعش"

فأيّ ممانعة، وأيّ محور مقاومة تلك التي كان يتغنى بها عناصر الحزب وقادته الأشاوس، فضلاً عن بشار الأسد، ومن خلفهم الشيطان الأكبر إيران التي ستلقى، قريباً، مصير ما أقدمت عليه حيال مواجهتها إسرائيل وتسديد الضربات لها. تلك الضربات التي لم تحقق نصراً، ولم تقتل جندياً إسرائيلياً واحداً! فما قيمة تلك الصواريخ التي تجاوزت المئتي صاروخ بالستي التي أطلقتها إيران وأكثر، وتجاوزت القبة الحديدية؟ فإسرائيل ليست دولة سهلة، كما يظن البعض، بل يساندها العديد من الدول الصناعية الكبرى في العالم، ومن خلفها الولايات المتحدة الأميركية.

فأيّ نهاية تلك لبطل الممانعة والمقاومة، وأيّ حزب شيطاني قاتل لم يقصر في قتل وتهجير وضرب السوريين، سواء في سوريا، أو في لبنان وتحت مرأى الجميع، دون أن ينبسوا ببنت شفة، ومحاولتهم الطعن بكل سوري سبق أن وطأت قدمه أرض لبنان.

إقرأ أيضاً: سوريا... التي يفاخرون!

هؤلاء الذين سبق أن فروا من بطش النظام السوري، وعصابته المجرمة، ورجاله المنضوين تحت حكم الأسد، وها هم اليوم، وكما يقال، على الباغي تدور الدوائر، يستنجدون بهم، إخوانهم السوريين الذين استقبلوهم واستضافوهم في بيوتهم في أكثر من مرة؛ المرة الأولى كانت في شهر تموز (يوليو) عام 2006، والثانية في هذه الأيام.. والسوريون بادروا إلى استقبالهم بحب، بالرغم مما هم فيه من حال مؤسٍ ووضع اقتصادي مزرٍ.

وليعلم اللبنانيون، وعلى رأسهم أعضاء حزب الشيطان، أنّ المواطن في سوريا، يظل كريماً في بيته، ويدفع كل ما يملك لقاء تكريم ضيفه وحفظ ماء وجهه، ولا يمكن بأي حال أن يفرط بتلك القيم والمبادئ التي عرف بها، لأنها منبع الأصالة التي لا يمكن بحال أن يتركها أو يتخلى عنها مهما كان حجم المعاناة التي يعاني.. وهذه طبيعة وأصالة كل سوري يعيش على الأرض السورية التي لم تعرف يوماً الخنوع أو الاستكانة أو الذل.