حُكم إيران كان هدية من الغرب للخميني وملاليه لأهداف تكشفت مع الأيام، من أهمها زعزعة أمن واستقرار الدول العربية والشرق الأوسط، استنزاف ثرواته، خدمة لمصالح الغرب، وإضعاف العرب أمام إسرائيل. بعد ذلك، زاد هذا الكرم بحصول إيران على أربع عواصم عربية (بغداد، دمشق، بيروت، صنعاء) كهدايا جديدة من الغرب والشرق، وخصوصاً الولايات المتحدة، وفرنسا، وروسيا، مع خصوصية الحالة السورية. تسببت إيران وميليشياتها في هذه العواصم في قتل وتشريد الملايين من العرب، وتمزيق النسيج المجتمعي فيها.
لكن (دختنوس) لم يعجبها (لبن) عمرو بن عمرو، ولم يعجبها أن يعمّ السلام في الشرق الأوسط. فكان تدبيرها تدميراً عليها، فأقامت محور المقاومة ليس حباً في فلسطين وأهلها، بل طمعاً في السيطرة على زمام الأمور في الشرق الأوسط، مستغلةً غض الطرف الغربي، والمناصرة الروسية، والتشرذم العربي.
لولا الغباء الإيراني الاستراتيجي سياسياً وعسكرياً، وغباء أتباعها العرب كحزب الله، والحوثيين، وحماس، والإخوان المسلمين المنضوين تحت التوجه الإيراني، في انتهاج محور المقاومة وإيقاف مشروع السلام وحل الدولتين، وتهديد كافة دول الجوار، والقيام بعملية طوفان الأقصى، وتعريض حركة الملاحة بجنوب البحر الأحمر للخطر، لتمكنت إيران من إحكام سيطرتها على سوريا ولبنان بالذات. لكن يبدو أن تدبيرها كان تدميراً، ويبقى الدم العربي، شيعة وسنة، رخيصاً في نظر إيران.
إقرأ أيضاً: حلب وشتاء سوريا الساخن
وجدت إيران نفسها وحيدة في مواجهة القوى الإقليمية، مثل المملكة العربية السعودية التي ناصرت الإخوة في اليمن واحتوت إيران بالقوة الناعمة والدبلوماسية، وإسرائيل التي ردت الصاع صاعين لها ولحزب الله وحركة حماس الإخوانية. خسرت إيران أيضاً أمام تركيا والمعارضة السورية بعد ضعف الدعم الروسي والتقلب الأميركي لصالح إسرائيل والأكراد في سوريا، مما جعل وجودها العسكري في سوريا ولبنان هشاً للغاية.
لأسباب سياسية وعسكرية، ومن أهمها ضعف جاهزية جيش الأسد والحرس الثوري في سوريا وغياب الدعم الروسي، قُتِل قادة الحرس الثوري في حلب، وفرت قواتها مع قوات نظام الأسد من خط دفاعي إلى آخر. فقدت مواقعها المتقدمة والمنتشرة من دير الزور حتى حلب، وواصلت مسلسل الانسحابات مع قوات نظام الأسد حتى حمص. ومنعت الميليشيات الشيعية العراقية التابعة لإيران من دخول سوريا.
إقرأ أيضاً: السلاح النووي: من هيروشيما إلى مرسوم بوتين
اتضح ضعف الجندي الإيراني على الأرض ومن خلفه حرسه الثوري، وأن إيران لا تملك القوة الكافية لمواجهة القوى الأخرى في الشرق الأوسط إلا بعكازي دعم من الغرب وروسيا. فسقطت سمعة إيران القتالية كما سقط تمثال حافظ الأسد في جامعة البعث بحمص، وأضاعت (دختنوس) اللبن في الشتاء بعد أن اتضحت ملامح ذلك الضياع في الصيف.
ما يُخشى منه هو أن تُمنح إيران من قبل الغرب دوراً جديداً من أدوار التخادم والشر والدمار في الشرق الأوسط، أو أن تدرك إيران حجمها الحقيقي، وتغير سياساتها، وتسعى لبناء الداخل الإيراني قبل أن يفقد نظام الملالي بقاءه بسهولة كما اكتسبه بسهولة.
فهل يعي العرب، شيعة وسنة، مدى خطورة إيران ونهجها المتخادم المدمر؟
التعليقات