كل يوم يمر منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، والمدعو أسامة حمدان يزيد الطين بلة، وآخرها ما صرَّح به علانية من معاداة للدول العربية والعرب، وكأنه من قومية أخرى تناصب العداء للعرب كحال اليهود. بل وضع العرب في مقام اليهود، وهو من توعَّد في التعامل مع من يريد التدخل في الشأن الفلسطيني من العرب كما تتعامل حماس مع إسرائيل.

فمع تخبطاته وتخبطات حركة حماس وجريرتها المريرة على الشعب الفلسطيني وعلى غزة، ومع ما يسمى محور المقاومة الإيراني، يحاول أن يعكس حقائق الأمور، ويصر على استمرار حركة حماس على خطتها في السير بغزة وفلسطين إلى مصير أشد سوادًا مما حدث.

فادَّعى الانتصار واصطفَّ مع قتلة العرب في سوريا واليمن والعراق، وادَّعى الفهم الأوسع من بقية العرب في كيفية معالجة قضية فلسطين، مع أن حلوله السابقة لم تجلب للقضية إلا مزيدًا من الانتكاسات، بما فيها ملف التهجير الساخن حاليًا.

ومن أغرب ما ذكر شكره لمصر نفاقًا، وهو من جلب لها الأزمة تلو الأخرى، وهو يعلم أن مصر عانت وتعاني من عداء الإخوان، بما فيهم حركة حماس وملفها الأسود في التعاطي مع الداخل المصري، وآخرها ما فعلته أثناء الخريف العربي.

ومع أن مصر والأردن ودول الخليج تستحق شكرًا خاصًا منه ومن حماس، إلا أن التنشئة الإخوانية والتبعية الإيرانية تحجب عن عينه وعقله جهود هذه الدول.

ولم يحفظ أسامة حمدان الودَّ للعرب، بالرغم من نشأته في الكويت وتعلمه في الأردن، وبعد غزو الكويت فرَّ منها إلى إيران خوفًا من جيش البعث العراقي، الذي امتدحه في أحد المنتديات المصممة للتلاعب بعقول المشاهدين.

إقرأ أيضاً: البعث العربي الاشتراكي: نهاية مأساوية

ولم تملأ عينه أي قوة عربية إلا جيشًا اتجه للكويت بدلًا من القدس في الثاني من آب (أغسطس) عام 1990، وطُرد من الكويت من غير رجعة. بعدها عاش في إيران حتى تم تجنيده ممثلًا لحماس، ثم انتقل إلى لبنان حين عُيِّن ممثلًا للحركة في لبنان ومسؤولًا عن العلاقات الخارجية.

وهو يختلف عن بقية ممثلي حماس، لأنه عاش في إيران ولبنان تحت رعاية خاصة من إيران وحزب الله، حتى تشبع بالفكر الخميني أكثر من غيره، مع ما يحمل من فكر إخواني.

وبالرغم من كونه عربيًّا فلسطينيًّا، فهو يدافع عن إيران وحزب الله كأنه أحد معممي طهران أو أحد جنرالات الحرس الثوري أو وكلائها في الدول العربية، وجعل كذلك من حركة حماس وكأنها من الميليشيات الإيرانية المنتشرة في لبنان والعراق واليمن.

بعدما دُمِّرت غزة وفقد أكثر من مليوني فلسطيني في غزة أحبابهم ومنازلهم وأملاكهم ومزارعهم ومستقبلهم وأمنهم، وأصبحت غزة كومة من الرماد وقضية القضايا على مستوى العالم، ظهر أسامة حمدان بأجندة خطيرة وادعاءات مجحفة، وصلت إلى حد أن مناقشتها خطوط حمراء.

إقرأ أيضاً: دمار غزة المحزن جريمة نكراء

وادَّعى أنَّ المعادلة في المنطقة تغيرت ورجحت كفة محور المقاومة الإيراني، وأن التوازنات في المنطقة ليس للعرب فيها نصيب، ويدعي أن الطريقة الصحيحة للمستقبل هي تأزيم المنطقة وإثارة الصراع، وعلى العرب الانضواء تحت مظلة بعض القوى الإقليمية لإعادة التوازن الحقيقي للمنطقة.

فماذا يُرجى ممن تحالف مع قتلة الشعب السوري، ويترحم عليهم، ويلقب حسن نصر الله بالشهيد، ويتباكى على نظام الأسد؟ وللأسف، ما يحمله من أفكار وأجندات، وما يقوم به من أعمال، وما يقول من أقوال، لا يخدم فلسطين ولا أهل فلسطين ولا القضية الفلسطينية.

وإنما تخدم أجندات خارجية جعلته يسخِّر القضية الفلسطينية للدفاع بالوكالة عن أطرافها ومصالحهم، ويقدم لهم خدماته بمقابل بخس، خسر فيه قضيته ودماء الآلاف من الشهداء في غزة وفلسطين ومستقبل الملايين من الفلسطينيين المهددين بالتهجير أو ضم أراضيهم.

إقرأ أيضاً: نتنياهو الدموي... شارون الجديد

ويريد هذا التابع تولي قيادة العرب وخداعهم وجرهم تحت عباءة المشروع الإيراني، ويريد أن يسوقهم كالقطيع كيفما شاء، في تدخل سافر منه في الشأن العربي، ويرغب في توريطهم بصراع دموي عدمي مع إسرائيل لا طائل منه، هدفه تدمير بلدانهم كما دُمرت غزة بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، والذي ادَّعى أنه سيعيد بنائها.

ولا يُستغرب مثل هذه التصريحات من شخص خسر قضيته بتسليم نفسه للإيرانيين منذ فراره من أمام جيش صدام حسين إلى إيران، فأصبح الخادم الأمين لإيران وسياساتها ومحورها، فأصبح إيرانيًّا أكثر من الإيرانيين وشيعيًّا أكثر من الشيعة وبعثيًّا أكثر من البعث.