عند البحث والتمحيص في تجربة المجتمع الدولي من حيث إجراء المفاوضات مع النظام الإيراني من أجل تجنب المواجهة وإيجاد حلول وسط للمواضيع المختلفة معه، ولاسيما بخصوص برنامجه النووي وتدخلاته في المنطقة وبرامج صواريخه، فإنَّ التقييم الفعلي والواقعي لهذه التجربة سلبي في خطه العام ولم يبشر بأي خير، بل وحتى إنه كان أشبه ما يكون بهدر واضح للوقت والأسوأ من ذلك إنه وبصورة وأخرى، قد صب في مصلحة النظام الإيراني.
مربط الفرس وأساس المشكلة بين المجتمع الدولي والنظام الإيراني هو انعدام الثقة بالأخير، ولا سيما أنه قد أثبت، وطوال أكثر من 30 عامًا من الجلوس معه على طاولة التفاوض، أنه طرف مراوغ ومناور ومستفيد من العامل الزمني من أجل تحقيق أهداف مبيتة أكثر من كونه طرفًا يريد التفاوض من أجل إيجاد حل وسط للموضوع أو المواضيع موضع الخلاف بينه وبين المجتمع الدولي.
انعدام الثقة الدولية بهذا النظام يعود لأسباب واضحة لم تعد خافية على أحد، إذ إننا لو وضعنا ملفات نظير برنامجه النووي وتدخلاته في بلدان المنطقة وبرامجه الصاروخية مثلًا تحت النظر، وقمنا بمقارنة بين هذه الملفات قبل وبعد المفاوضات التي جرت بشأنها وهل إنها أثرت بصورة إيجابية بحيث تم لمس جنوح إيجابي من جانب النظام الإيراني باتجاه التجاوب مع المخاوف الدولية، فإننا نجد العكس من ذلك تمامًا!
لم يكن النظام الإيراني في يوم من الأيام يرغب في الجلوس على طاولة التفاوض مع المجتمع الدولي من أجل إيجاد حلول وسط للملفات موضع الخلاف معه، وإنما كان يسعى دائمًا للمراوغة واللف والدوران وحتى طرح أمور ومواضيع جانبية تعمل على تهميش الموضوع الأصلي المطروح على طاولة التفاوض بالإضافة إلى محاولته من أجل اللعب على نقاط الاختلاف بين الدول المتفاوضة معه، وهذا ليس بمجرد تخمين أو فرضيات مطروحة بل إنها كانت وقائع ملموسة أثبتت عدم جدية هذا النظام في التفاوض ولاسيما إذا ما وجد هناك مجالًا للعب والمناورة.
لكن الملاحظة الأهم التي يجب ذكرها هنا والتأكيد عليها، هي أنَّ المفاوضات الدولية التي جرت مع النظام الإيراني على الملفات المختلفة عمومًا وعلى ملف البرنامج النووي بشكل خاص، قد جرت معظمها في ضوء مبدأ الجزرة والعصا، لكن الذي لفت الانتباه إن التركيز الدولي كان دائمًا على الجزرة من أجل ترغيب النظام الإيراني وتحفيزه من خلال ذلك على التجاوب مع المطالب الدولية، وهذا التحفيز قد تماهى أكثر مما هو يجب مع النظام ولاسيما بعد أن أصبحت المسألة أشبه بسعي من أجل استرضاء النظام وليس إجباره أو دفعه للتجاوب مع المطالب الدولية بقوة العصا المسلطة على رأسه، وهذا وجه الخطأ الذي جعل المجتمع الدولي في موقف ووضع سلبي قياسًا إلى الفترة الزمنية الطويلة التي أمضاها في التفاوض غير المجدي مع هذا النظام.
موقف المقاومة الإيرانية من المفاوضات مع النظام الإيراني
في رسالة وجهتها إلى التجمع والتظاهرة التي نظمها الإيرانيون لدعم المقاومة الإيرانية في الثامن من آذار (مارس) في واشنطن بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، قالت مريم رجوي: "... اليوم، يقف خامنئي في مواجهة الشعب الإيراني بسلسلة لا تنتهي من الإعدامات. وفي الوقت نفسه، يُسرّع برنامجه لصنع القنبلة النووية بهدف الابتزاز والتهديد للمجتمع الدولي.
في المقابل، كانت المقاومة الإيرانية هي الجهة الأولى التي كشفت عن المواقع السرية وتفاصيل البرنامج النووي المعادي للوطن الذي ينفذه النظام.
كما أكدنا دائمًا، بما في ذلك خلال الاتفاق مع دول 5+1 في عام 2015، على ضرورة تفكيك جميع المواقع النووية ومنشآت التخصيب التابعة للنظام بشكل كامل. لكن، وللأسف، فإن سياسة التفاوض والاسترضاء وفرت للنظام فرصة الاقتراب أكثر من امتلاك القنبلة النووية.
اليوم نكرر مرةً أخرى، لمنع النظام الساعي لإشعال الحروب والمصدّر للإرهاب من الوصول إلى القنبلة النووية، فإن الخطوة الأولى والعاجلة هي قطع يده بالكامل عن البرنامج النووي. بالطبع، فإن الحل النهائي والحاسم هو إسقاط هذا النظام على يد الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية.
ولقلب الصفحة السوداء من تاريخ إيران، لا بدّ من دعم وحدات الانتفاضة والنساء الرائدات في هذه الوحدات اللواتي يقفن في الصفوف الأمامية، فهؤلاء يشكلون عناصر جيش التحرير والقوة الرئيسية للتغيير، وهم مناضلو الحرية في إيران...".
باختصار، وحتى اختصار شديد، أثبتت تجربة أكثر من 30 عامًا من التفاوض مع هذا النظام بالتركيز على الجزرة وتهميش العصا، عدم جدواها، والمطلوب الآن وبإلحاح هو التركيز على العصا لا سيَّما أن الظروف والأوضاع في إيران والمنطقة والعالم متاحة لذلك وعلى أفضل ما يمكن!
التعليقات