عبدالرزاق الربيعي من مسقط : لمسقط هذه الأيام سحر , هو نفحة من سحر
العراقة والموروث الحضاري العميق الجذور , هذه العراقة مزجت بنكهة الحداثة لتنهض المدينة بجناحين , وفي كل عام يلتقي الجمال والسحر والإبداع في مثل هذه الأيام في مسقط حيث يقام مهرجانها السنوي الذي أنطلقت فعالياته أمس تحت شعار(سحر المكان وروعة التواصل ) وستستمر حتى الخامس عشر من شهر شباط/فبراير القادم .وشهد حفل الافتتاح اقامة اوبريت غنائى بعنوان (عمان الوعد والترحاب) كلمات الشاعر علي الرواحي وإخراج الفنان السوري جهاد المفلح وتقديم فرقة أنانا الإستعراضية.
تكون الأوبريت من ست لوحات فنية تصور عمان أرض التاريخ والحضارات وموطن بيئة الجمال ونماذج العادات والتقاليد والثقافات التقنيات الحديثة من خلال الديكورات المتنوعة والاضاءة البارزة لتقدم مع الموسيقى التراثية الممزوجة بالحداثة هذه اللوحات التي سوف يجسدها الفنانون ليوجهوا من خلالها الدعوة لكل العالم لزيارة ارض اللبان والنخيل وهذه اللوحات هي لوحة الطيور : هجرة الطيور إلى عُمان (الطيور الحالمة) وهي لوحة معاصرة لطيور تحلق فوق السماء ، ونشاهد جميع أشكال التطور والحضارة الموجودة من خلال أزياء وألوان وتشكيلات هذه الطيور ، حيث نشاهد طيراً معاصراً ينشق عن سرب الطيور متوجهاً إلى شاشة السينما الموجودة على المسرح ومن خلالها إلى عمق التاريخ بهيئة عدسة كاميرا تدخلنا إلى عالم السينما حيث نشاهد على الشاشات الكبيرة الكرة الأرضية .ولوحة القلاع : حياة قلعة قديمة في عُمان (جبرين) حيث نشاهد مشهد استعراضي داخل أسوار القلعة ، ومن ثم دخول رجل وقور هو مرشد سياحي أو حارس هذا المكان يشرح لمجموعة من السواح تاريخ هذه القلعة بالوقت نفسه تتوقف حركة الممثلين على كل المسرح وأثناء الشرح للسواح عن تاريخ القلعة وحياة شعبها تتشكل أجساد الراقصين بمشاهد لها دلالة عن كلام المرشد السياحي ، حيث هناك من يصور ومن يرسم وهناك أيضاً سواح يخترقون الأسوار التي شكلتها أجساد الممثلين ، حتى خروج السواح من القلعة سعيدين بما شاهدوه وسمعوه عن هذه القلعة . ولوحة البحر والزراعة : عند الشروق نشاهد طيور (النورس) على البحر ، وبعض الصيادين العُمانيين القادمون من أعماق البحار مع توافد بعض السواح لمشاهدة الشروق ، والبعض الآخر استيقظ للتو من خلال رجل كبير في السن كان يشرح لهم الحياة البحرية مع مرافقة الموسيقى البحرية ووجود بعض الحيوانات البحرية على الشواطئ ، مثل السلحفاة ومرافقة الشاشة السينمائية للسفن ، بعدها نشاهد سفينة مغربية تقترب من الشاطئ ، والجميع يشيرون إليها حيث تحول المسرح إلى غابة كبيرة فيها أشجار اللبان ومن ثم ترسو سفينة مغربية على حافة المسرح ، يتقاطر منها رجال ونساء يتزينون ملابس مغربية بمرافقة أبن بطوطة ، يدخلون أرض المسرح الخضراء ، مجامر اللبان تملأ المكان بالشذى ، الرجال بملابسهم الظفارية وشالاتهم الملونة والنساء بالزي الطويل الذيل (أبو ذيل) ، وفي الجوار جزار اللبان الممتلئة والتي سيجري تقديمها للوفد الزائر كهدية ، ويبدأ أبن بطوطة بشرح علاقة أهل ظفار التجارية مع العالم وخاصة الفراعنة بينما يركز المشهد على ترسيخ قيمة عُمان التجارية والسياحية ، ويعكس صورة الضيوف القادمين باعتبارهم سياحاً وضيوف رسميين ، كما يعكس الاهتمام المبكر بعُمان من قبل الحضارات المجاورة .ولوحة الصحراء : يغطي المكان بشال كبير جداً لونه من لون الصحراء حتى يصبح المكان بأكمله صحراء ، فيما يدخل إلى المسرح أشخاص يمثلون حياة البدو بدءاً بالأزياء (الرجال بالعصي والأحزمة الجلدية أو المناطق في الوسط والعمائم المميزة والنساء بملابس البدو الزاهية البرقع والخلاخيل وعقود العنق) ويظهر تجمع لصناعة القهوة ، وفي الجانب الآخر امرأة عاكفة على سقاء اللبن (مخض اللبن) حيث يبدأ الرجال ببناء خيمة مع مرور قافلة أخرى بالخلف مكونة من جمال وفرسان وبعدها يبدأ فن الميدانية (النهرود) تحت سقف الخيمة وقبل انتهاء هذا الفن يدخل إلى المسرح سائحون مفتونون بحياة الصحراء وبجمال طبيعتها وبعد انتهاء الفن يقدم الحليب والقهوة ترحيباً بالزائرين في يوم صحراوي جميل .ولوحة الجبال : بدأ المشهد بسائحين يتسلقون الجبال وسائحون يحضرون أنفسهم مع وجود عالم جيولوجي عُمان يفحص صخور الجبال وعُمانيون يساعدون السائحون على التسلق لمعرفتهم الكبيرة بهذه المنطقة ، بعد أن تحول المسرح إلى جبال متنوعة ، وعند وصول أول سائح إلى قمة الجبل يتقدم أهل المنطقة العُمانيون في خط مستقيم ويقابله وجهاً لوجه صف آخر مستقيم من النساء ، يقوم كل من الرجال والنساء بالتصفيق ، وتتحرك أجسام النساء أثناء الرقص إلى الأمام والخلف حركة خفيفة ، وفي الوسط يقف قارعوا الطبول ، متحركين مرة باتجاه صف الرجال ومرة أخرى باتجاه صف النساء في أداء يستهدف تمثيل فن (السحبة) الموجود في محافظة مسندم ، يستمر الرقص لكن هذه المرة بتناغم مع فرح السائحين بإنجازاتهم .ولوحة عُمان الوعد والترحاب : دخول جميع السائحين بهوياتهم فرحين بما شاهده داخل البلاد ، يحضرون مهرجان مسقط كمعلم سياحي وثقافي معاصر لا يقل أهمية عن المناطق التي زاروها من قبل بمرافقة أفراح أهل عُمان ، واللوحة تعبر عن دلالة لما وصف إليه عُمان من تقدم حضاري ذو ركيزة تاريخية وثقافية تابعة من أصالة هذا الوطن .وقد بين معالي المهندس عبدالله بن عباس بن أحمد رئيس بلدية مسقط رئيس اللجنة الرئيسية للمهرجان أهداف المهرجان في كلمة القاها في حفل الإفتتاح قال فيها : إن بلدية مسقط كونها جزءا من منظومة العمل التنموي والخدمي تسعى بكل جهودها وطاقاتها، وبدعم مشكور ومقدر من القطاعين العام والخاص، إلى إبراز الجمال الخالد الذي تتمتع به عمان في كل شبر من أراضيهاquot;،ويضم المهرجان الذي تشارك به العديد من البلدان العربية والجنبية عدة فعاليات وانشطة ثقافية وفنية وتسويقية تقام في عدة مواقع ابرزها حديقة القرم الطبيعية وميدان المهرجان في العذيبة وشاطيء السيب ومن بين انشطته القرية التراثية والمعارض التجارية والحفلات الغنائية والأماسي الشعرية ومهرجان مسقط السينمائي والألعاب الرياضية المتعددة .

إن إقامة المهرجان جاءت لتؤكد إن عمان إجتازت الإختبار الصعب الذي وضعها به ( إعصار جونو ) حيث دمر الكثير من مرافقها الحيوية خصوصا في حديقة القرم الطبيعية حتى تردد بين البعض إن مسقط لن تقيم مهرجانها هذا العام لكن إصرار البلدية على إستمرارية المهرجان جعلها تكثف الجهود من أجل أن يقام في وقته وبشكل يجسد شعار دورته الحلية quot; سحر المكان وروعة التواصل quot;.