مسابقة تلفزيونية استقطبت 15 ألف شاب
quot;فرسان القرآنquot;.. تسعى لصنع الحدث الرمضاني في الجزائر
كامل الشيرازي من الجزائر: تستعد الجزائر بحلول شهر رمضان المقبل، لافتتاح أول عدد من مسابقتها التنافسية الجديدة quot;فرسان القرآنquot; الخاصة بترتيل القرآن الكريم، ويتوقع مراقبون أن يحظى هذا البرنامج الخاص بحفظة القرآن والقريب شكلا من البرنامج الشهير quot;ستار أكاديميquot; تبعا لتشابه نظام المنافسة بينهما، بمتابعة واسعة تمكّن هذه النسخة الإسلامية المستحدثة من صنع الحدث الرمضاني في الجزائر، في محاولة جادة من السلطات لإبراز العمق التاريخي للجزائر عربيا ودوليا، وإظهار مكانتها كإحدى أهم قلاع القرآن الكريم في العالم الإسلامي.
في هذه الإطلالة، تسلط quot;إيلافquot; الضوء على المسابقة وما يتعلق بها من حيثيات وآفاق.
هكذا كانت البداية
البداية كانت في النصف الثاني من شهر مايو/آيار المقبل، فبعد ضربة الانطلاقة في 23 من الشهر ذاته، جابت قافلة quot;فرسان القرآنquot; مختلف ولايات الجزائر، وشهدت الثلاثة أشهر الموالية إقبالا كثيفا من طرف الشباب من الجنسين، حيث تنافس ما يربو عن 15 ألف مترشح غالبيتهم جامعيون، وشهدت مختلف المراحل التصفوية عمليات انتقاء متتالية وكانت المفاضلة صعبة في ظل التنافس الكبير الذي عرفته الأدوار الاقصائية، وبعد ماراثون استمر زهاء الشهرين، تأهل 16 مترشحا إلى المرحلة النهائية التي تلوح واعدة، خصوصا مع المتابعة والتحفيز التي يحظى بها المتسابقون.
وأشرف على مختلف جولات المسابقة نخبة من كبار العلماء وعشرات المختصين في علوم الترتيل، وحرص هؤلاء على توخي الصرامة الشديدة ومراعاة احترام المتسابقين لمختلف قواعد ترتيل القرآن وتجويده، ما أضفى مصداقية على عمل لجنة التحكيم، وجعل أحسن الأصوات المرتلة للقرآن تحجز مكانا لها في مجموعة الـ16، مع الإشارة أنّ هؤلاء الشباب يجيدون تلاوة وتجويد القران بمختلف المقامات منها المقام الحجازي وكذا الطريقة المصرية إلى جانب الترتيل بالنغمة الجزائرية.
واللافت، أنّ حضور بنات حواء في المسابقة كان قياسيا، حيث تقدمت نحو سبعة آلاف فتاة إلى مختلف المواعيد التصفوية لـquot;فرسان القرآنquot; لكن الحظ لم يحالف غالبيتهنّ لإفتكاك تأشيرة الشوط الأخير، ما جعل لجنة التنظيم تفكر من الآن في تخصيص مسابقة خاصة بالفتيات المقرئات اعتبارا من العام القادم.
وستجرى المرحلة النهائية من السباق حول quot;فروسية القرآنquot; خلال شهر الصيام، بواقع 4 جولات كبرى، تبث كل واحدة بعد صلاة التراويح من كل جمعة، يتبارى المشتركون خلالها بترتيل آيات وسور من الذكر الحكيم، وإضافة إلى العمل الذي ستنجزه لجنة تحكيم مختصة، سيُفسح المجال أثناء الجولات الأربع أمام الجماهير المحلية لاختيار من تراه الأفضل والتصويت على أفضل المقرئين من خلال بعث رسائل قصيرة عبر الهواتف الخلوية، تماما مثل الصيغة المعتمدة في برنامج quot;ستار أكاديميquot;.
وسيستضيف البرنامج في كل حلقة من حلقاته كبار المقرئين البارزين من مصر والمملكة العربية السعودية وتونس والمغرب وتركيا وإندونيسيا، على أن تعلن لجنة التحكيم بالتزامن مع عيد الفطر، عن هوية الفائز الأول بأفضل صوت في تلاوة القران الكريم، وسيُطلق لقبquot;فارس القرآنquot; على متصدر المسابقة، كما ستمنح للفائزين الأوائل جوائز قيمة متمثلة في سكنات، مبالغ مالية بحدود مليون دينار جزائري، إضافة إلى تمكين الفائزين من حج بيت الله وأداء عمرة.
إنتاج ضخم بأهداف بعيدة
يقول المخرج الجزائري quot;سليمان بخليليquot; منتج برنامج quot;فرسان القرآنquot; لـquot;إيلافquot; إنّ البرنامج يعتبر الأضخم من نوعه منذ استقلال الجزائر قبل 46 عاما، وأتى العمل بحسبه كبادرة علمية تربوية هادفة إلى صقل المواهب في مجال ترتيل وتجويد القرآن الكريم، ويدرج بخليلي الخطوة في خانة quot;مسعى حضاريquot; تريد الجزائر من ورائه إلى استكشاف عبقرياتها في مجال ترتيل القرآن الكريم.
ويبدي quot;سليمان بخليليquot; تفاؤلا باستفادة البرنامج التلفزيوني الجديد من quot;متابعة جماهيرية كبيرةquot; ولا يخفي أمله في متابعة جمهور الفضائيات العربية للبرنامج رغم دسامة ما سيشهده نطاق رمضان تليفزيونيا، وفي الشق المتعلق بالمنافسة النهائية، يتوقع منتج البرنامج أن تكون quot;شديدةquot; بالنظر إلى تقارب المستوى بين المشاركين الذين يحمل 90 في المئة منهم شهادات جامعية، علما إنّ التصفيات كشفت عن وجود مواهب quot;واعدةquot; تم صقلها من خلال أسبوع تكويني جرى تأطيره من طرف أساتذة ومشايخ.
وبعد فتنة دموية أتت على الأخضر واليابس منذ اندلاع أعمال العنف مطلع تسعينيات القرن الماضي، وما تزال آثارها ماثلة إلى اليوم، تريد الجزائر إعادة تقويم منظومتها الدينية من خلال الانفتاح على النشء وتمكينه من تلقي علوم القرآن على وجهها الصحيح ودونما تحريف، والأمر يقتضي في هذه الحالة توسيع الفضاءات المخصصة للجانب الديني في سائر الوسائط الإعلامية سيما الثقيلة منها على غرار الإذاعة والتلفزيون، هذا الأخير يرعى رسميا برنامج quot;فرسان القرآنquot;، ويبدو واضحا أنّ التليفزيون الحكومي الوحيد في الجزائر تبعا لاستمرار غلق قطاع السمعي البصري أمام الخواص، يقترح من خلال quot;فرسان القرآنquot; باكورة بديلة لبرنامج quot;ستار أكاديميquot; الذي أثار موجات من الاستياء والرفض بين قطاع واسع من الجزائريين غداة عرضه لفترة محدودة في شتاء العام قبل الماضي.
في سياق ذي صلة، وفي ظل ما يميّز الحراك الشبابي من فتور وركود على هامش المجتمع المحلي، عكسته تفاقم سوالب الهجرة السرية، الانتحار والمخدرات، تسعى السلطات إلى عدم الاقتصار على quot;فرسان القرآنquot; فحسب لاجتذاب الشباب، حيث برمجت مسابقات أخرى في المستقبل المنظور مثل:شاعر الجزائر، أفضل مذيع تليفزيوني، أحسن موهبة في كرة القدم.
ويراهن منظمو مسابقة quot;فرسان القرآنquot; على الأخيرة كي تشكل امتدادا عميقا في المجتمع، ويجزم المشرفون بأنّ التظاهرة التي تشكل سابقة من نوعها في الجزائر، ستأتي أكلها لأنها صنيع أهل القرآن الذين عكفت الدولة على رعايتهم وتأطيرهم وتكوينهم في المدارس القرآنية والجامعات.
سياحة دينية
وقبيل انطلاق المرحلة النهائية، ارتضت لجنة التنظيم التجوّل بالستة عشر مترشحا عبر مختلف المعالم الدينية والتاريخية في شمال إفريقيا ضمن جولة ترفيهية وتثقيفية، فبعد زيارتهم للمغرب قبل شهر، أين ساح فرسان القرآن في جامع القرويين بمدينة فاس، وجامع حسان بالرباط، ومسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، قام الشباب الـ16 بزيارة مواقع دينية في تونس على غرار جامع الزيتونة، ومسجد عقبة بن نافع بالقيروان (150 كيلومتر جنوب العاصمة)، قبل أن يحطوا الرحال بمصر، وزار المتأهلون الأسبوع الجاري جامع الأزهر الشريف أحد أبرز المعالم الدينية والحضارية في أرض الكنانة، وتمّ استقبالهم من طرف وكيل الأزهر الشيخ عبد الفتاح علام باسم شيخ الأزهر سيد طنطاوي الموجود حاليا في مهمة بالمملكة العربية السعودية، كما سيزور فرسان القرآن معالم أخرى في القاهرة كالحرم الحسيني ومسجد السيدة زينب، إضافة إلى معالم تاريخية ومزارات سياحية كالأهرامات وخان الخليلي وغيرها.
التعليقات