بدت المخرجة الإيرانية المقيمة في الولايات المتحدة، شيرين نِشاط، مدركة للانتقادات والاعتراضات التي يمكن أن تجلبها لها مغامرتها في مقاربة شخصية تعد أيقونة فنية كبرى في العالم العربي، الذي تجهل لغته وتفتقد إلى تصور دقيق لتاريخه وملامح واقعه وتقاليده وأزيائه، وإن كانت تجد فيه تشابها كبيرا مع بلادها (إيران) التي تغربت عنها.

وقد حرصت نِشاط على أن تضمن هذه الانتقادات في قلب فيلمها "البحث عن أم كلثوم" الذي يعرض هذا الأسبوع ضمن فعاليات مهرجان لندن السينمائي، بل وجعلها المحور الرئيسي في بنائه، ما دامت تنهج في نظرتها لموضوعها نهجا ما بعد حداثوي يتعكز كثيرا على المنهج التفكيكي في تحليل تمظهرات الهوية والنوع الاجتماعي (الجندر) وعلاقات القوة التي تتحكم به.

ولجأت لتحقيق ذلك إلى استخدام لغة سردية شارحة (Metalanguage) تقدم عبرها حكايتها وتشرح في الوقت نفسه آليات وتقنيات تقديمها فضلا عن تفكيك الانحيازات الأيديولوجية التي تقف وراءها، واختارت لتجسيد ذلك استخدام تكنيك فيلم داخل فيلم.

وتوزعت هذه الانتقادات بعد كل مشهد من مشاهد الفيلم الذي تصوره عن أم كلثوم داخل فيلمها، وتأتي على لسانها، عبر شخصيتها كمخرجة للفيلم أو على لسان الشخصيات الأخرى في الفيلم: من ممثليها الرئيسيين، كشخصية الممثل الرجل أحمد/لطيف أو مساعدها في الإخراج أو منتجي العمل، بل حتى شخصيتها الرئيسية أم كلثوم نفسها تتجسد أمامها في نهاية الفيلم لتحاكمها وتعاتبها على طريقة تصويرها لها وتحريفها لحقائق تاريخية تتعلق بها، لتخلص إلى وصف فيلمها بأنه "مجرد عجرفة" وهو الرأي الذي تختتم به الفيلم.

مهرجان لندن السينمائي: حضور قوي للمرأة ومشاركة عربية مميزة في "مهرجان المهرجانات"

افتتاح مهرجان لندن السينمائي: "تنفس" رسالة أمل وبحث عن فرح في قلب المأساة

فيلم داخل فيلم

لا تقدم نِشاط فيلم سيرة عن سيدة الغناء العربي أم كلثوم الملقبة بكوكب الشرق بشكل مباشر، بل تضع سيرة انتصارها وشهرتها كامرأة تجاوزت قدر المرأة المهمشة في المجتمع الذكوري وشقت طريقها فيه لتتحول إلى أيقونة فنية كبرى، بالتقابل (وربما بالتضاد) من حكاياتها هي نفسها كامرأة شرقية تسعى لتحقيق نجاحها وشهرتها في عالم الفن، وعبر هذا التقابل تسعى إلى تفكيك علاقات القوة التي تحيط بالمرأة الشرقية في العالم الاسلامي تحديدا، ومحاولتها التعبير عن نفسها بعيدا عن هيمنة الواقع الأبوي الذكوري (البطريركي).

هذه الثنائية تتحكم في شكل الفيلم، الذي نجده ينقسم إلى فيلمين، الأول عن مخرجة تحاول أن تصنع فيلما عن أم كلثوم، وتبدأ في البحث عن ممثلة تجسد دورها وسط عدد من المتقدمات في عملية (الكاستنغ) لإختيار الممثلة المناسبة للدور، ويقع اختيارها على غادة (ياسمين رئيس)، المعلمة في مدرسة الأطفال والتي تتمتع بصوت ساحر في الفيلم يمكنها تقليد أغاني أم كلثوم.

ويتوازى هذه الخط السردي مع مشاهد من فيلمها عن أم كلثوم، الذي تختار فيه لحظات تاريخية فاصلة في حياتها، وبشكل سريع ومبتسر، من طفولتها حيث كانت تقرأ التواشيح الدينية إلى جانب والدها، ثم شهرتها في عالم الغناء في عهد الملك فاروق، الذي تجعل لحظة استقباله لها لحظة جوهرية وفاصلة بين تاريخين في شخصية أم كلثوم وعلاقتها بعائلاتها، واقترابها من عوالم الشهرة والسلطة، وتحولها نفسها من شخصية إنسانة ريفية بسيطة الى شخصية تحضر في عوالم القوة تلك، ففي استعارة رمزية واضحة تجعل الأب والأخ اللذان قدما معها يخرجان من القاعة لحظة لقائها بالملك، ثم يختفيان كليا من مشاهد الفيلم المتبقية التي تحضر بها لوحدها.

ثم تعود الى مقاربة هذه الموضوعة : الإنسان أم الأيقونة، الشهرة والنجاح أم الحياة العائلية البسيطة، والثمن الذي ندفعه من حياتنا تلك لكي نحقق هذا النجاح، في المحطات التي تقدمها عن أم كلثوم في زمن جمال عبد الناصر ولكن هذه المرة من منطلق أزمة المخرجة الشخصية مع عائلتها وابنها ومجتمعها.

وعلى الرغم من من منظور نِشاط النسوي (فيمنست) في تناول سيرة أم كلثوم إلا أن العجلة في انتقاء محطات محددة منها جعلها لا تصل بعمق إلى اكتشاف الكثير من التفاصيل في سيرتها التي تدعم هذا المنظور، فاكتفت بعدد من المشاهد مثل إلباسها ملابس الأولاد في طفولتها للخروج لغناء التواشيح الدينية في مولد الرسول مع والدها.

ويسير الخطان (فيلم السيرة عن أم كلثوم وفيلم أعداده) في مسار متواز، ويلتقيان في مشاهد، حلمية في الغالب، في ذهن المخرجة تجمع فيها بين أزمتها الشخصية وصورة الشخصية التي تصورها.

في خط السرد الأول، نتابع أزمة المخرجة التي تسعى إلى تحقيق نفسها في عالم الفن، ولكننا نلمح أن ذلك يأتي على حساب عائلتها، والذي يتوضح عبر علاقتها المأزومة مع ابنها الذي يعبر عن كراهيته لها، فقد تركته خلفها في بلادها من دون أن نعرف ملابسات أزمتها هناك وعدم قدرتها على العودة إلى بلدها والعيش مع ابنها.

وينعكس هذا الواقع المأزوم على علاقتها بالشخصية التي تصورها (أم كلثوم) فعندما تصل تلك الأزمة الى ذروتها باختفاء الأبن، تصاب بأزمة اكتئاب حادة ويحاول مساعدها إكمال مشاهد الفيلم المقررة بدلا عنها، لكنها تعود إلى العمل في الفيلم وتغير من منظورها إلى الشخصية وتكمل تصوير الفيلم في ضوء منظورها الجديد، لا ما هو مقرر في السيناريو، ما يقودها إلى صدام مع منتجي الفيلم، اللذين يصفاها بأنها لا تعرف ما تريد.

فبعد فقدان الإبن تحاول نِشاط أن تصفي حسابها مع أم كلثوم: الشخصية العامة وايونة الشهرة والمجد لديها، لمصلحة الإنسانة فيها وهي انعكاس لأزمة المخرجة نفسها كأم فقدت ابنها ودفء الحياة العائلية.

وينعكس هذا التغيير في الفيلم الذي تصوره في تحريف الحقيقة التاريخية عن لقاء أم كلثوم بعبد الناصر وغنائها لأغنية أنت عمري بحضوره (والحقيقة أن عبد الناصر كان وراء جمع أم كلثوم والموسيقار عبد الوهاب في هذه الأغنية، لكنه حضر في حفلات أخرى لها)، فبعد كل المشاهد التي احتفت فيها بها كأمرأة قوية وإنسانة صنعت قدرها، وبنت شهرتها الأسطورية في العالم الذكوري الذي يهمش المرأة، تظهر أم كلثوم في المقطع الأخير ضعيفة جدا تتلعثم في أداء الأغنية في الحفل الذي يحضره عبد الناصر، ويسبق ذلك مشهد ينقلها عناصر من الجيش من منزلها، وتبدو وكأنها معتقلة بينهم على الرغم من انهم كانوا ينقلونها الى حفل ينتظرها فيه عبد الناصر لتكريمها، حيث يترك لها المايكرفون بعد أن يصفها بأنها هرم مصر الرابع.

لقد تركت نِشاط هذا المشهد ملتبسا وعرضة لتفسيرات متعددة، بين أن يبدو انعكاسا لأزمتها الداخلية، حيث تنتقم المخرجة من الشخصية العامة والايقونة الجماهيرية الكبيرة لمصلحة الانسانة وصورة الم التي فقدتها، أو موقفا سياسيا ضد العسكر، لاسيما وأنها قدمتها في المشهد السابق وكأنها معتقلة من قبلهم، على الرغم من احتفائهم بها، (وفي ذلك تجاوز واضح على الحقيقة التاريخية في العلاقة بين عبد الناصر وأم كلثوم).

أما التفسير الثالث فيكمن في تصادم الشخصيتين الكارمزيتين، عبد الناصر وأم كلثوم، إذ على الرغم من خلفيتهما الطبقية الريفية الواحدة وتأثيرهما الكبير في الجماهير (قدم الفيلم مقاطع وثائقية للجماهير التي سارت في جنازتيهما)، إلا أن المخرجة جعلت من لحظة اللقاء تلك لحظة تصادم بين ممثل تاريخ طويل من الهيمنة الذكورية ، وهو بنظرها الزعيم القادم من قلب المؤسسة العسكرية، وأم كلثوم الاستثناء النسوي في هذا المجتمع الذكوري، فغيرت المخرجة من الحقيقة التاريخية لتخضعها لنموذج نظري مستمد من النزعة النسوية (فيمنست) وتعيدها إلى علاقة الهيمنة التي تراها واقعا لا فرار منه في هذه المجتمعات الشرقية.

لم تنس نِشاط (التي تعاونت في كتابة النص والإخراج، كما فيلمها السابق، مع زوجها شجاع آذري) أن تلجأ هنا إلى حيلتها في نقد ما تقوم به، وتفكيك آلياته فبعد أن تنجز هذه المشهد وتترك الفيلم تعود إلى منزلها على البحر لترى أم كلثوم نفسها على الشرفة التي تسألها لم فعلت ذلك بها "ليه حطمت صورتي؟"، فتجيبها "تعبت من شهرتك وعظمتك"، فتحاججها أم كلثوم بأنها تجاوزت وحرفت الحقيقة التاريخية وتخلص إلى وصف عملها بأنه "مجرد عجرفة".

غنى بصري

جاءت نِشاط الى السينما من تجربة فنية بصرية غنية عبر عملها الفني كمصورة فوتغرافية و فنانة بصرية اشتهرت بعمل تنصيبات أو انشاءات فنية (Installations) اعتمدت على مزج وسائط متعددة (Mixed Media)، واستندت إلى منظور نسوي (فيمنست) في تصوير واقع المرأة، والإيرانية على وجه الخصوص، بين سلسلة من التضادات التي تتحكم بها: كالتقليد والحداثة، الدين والعلمانية، الشرق والغرب، الذكوري والنسوي، الشخصي والعام، ومحاولة ايجاد معادلات بصرية وتجسيدات مكانية تعكس هذه التضادات، واقامت العديد من المعارض الفنية منذ منتصف التسعينيات بعد تخرجها من جامعة كاليفورنيا، كما نالت العديد من الجوائز العالمية.

وقد انعكست هذه الخبرة على فيلمها الذي تميز بغني بصري مميز في رسم كادراته، عمّقه استخدام مدير التصوير النمساوي، مارتن غيشلاخت، الذي سبق أن عمل معها في فيلمها الأول "نساء من دون رجال" ورشح لأكثر من جائزة عنه من بينها أفضل تصوير في جوائز الفيلم النمساوي.

كما حصلت نِشاط على جائزة الأسد الفضي في مهرجان فينيسيا في عام 2009 عن هذا الفيلم-القصيدة الذي يقدم حياة أربع نساء إيرانيات من طبقات وبيئات مختلفة في لحظة جوهرية وملتبسة من التاريخ الإيراني في عام 1953 إبان الانقلاب الذي دعمته الولايات المتحدة لإعادة الشاه إلى الحكم والإطاحة برئيس الوزراء حينها مصدق.

وبرزت جماليات كاميرا غيشلاخت في المشاهد الحلمية، لاسيما في حركة الترافيلنغ التي تتابع دخول الشخصية في مشهد الحلم في بداية الفيلم،(التي كررها في مشاهد أخرى)، وفي رسم كوادره بإنارة مميزة تجسد تلك الأجواء الحلمية.

كما نجحت نِشاط في استخدام حركات كاميرته كوسائل سردية تختصر الكثير من زمن الأحداث، كما في تلك الحركة الدورانية للكاميرا حول أم كلثوم وهي تستعد للغناء في مسرح فارغ لتكتمل الدورة بمسرح ممتلئ بالجمهور.

ونجح واضع الموسيقى التصويرية، التونسي أمين أبو حافة، في تجنب غواية محاكاة التخت الشرقي في أغاني أم كلثوم التي يتحدث الفيلم عنها، فحرص على أن يقدم ميلودي غربي تماما وموسيقى معبرة ظلت في أجواء الموسيقى الكلاسيكية بعيدة عن أجواء الطرب والموسيقى الشرقية التي يصور الفيلم احدى رموزها. ولعل فِي هذا تغريب مقصود ينبع من أن الشخصية الرئيسيّة في الفيلم هي المخرجة نفسها وليس ام كلثوم التي هي قناع أو بطلة مضادة إذا جاز لي استخدام مثل هذا التعبير تكتشف البطلة عبرها ذاتها وأزمتها الإنسانية، كما أنه بهذا الحل أبقى صوت الغناء لأم كلثوم نقيا لوحده واقتصرت موسيقى التخت الشرقي على أغانيها في المشاهد التي تظهر فيها.

سبق أن نال أبو حافة جائزة سيزار أفضل موسيقى تصويرية عن فيلم تومبكتو، كما اشتهر بوضع الموسيقى التصويرية لعدد من المسلسلات التلفزيونية، وله في مهرجان لندن هذا العام فيلم آخر هو "على كف عفريت" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية.

مشكلات الدقة التاريخية

لم تشغل نِشاط نفسها بالدقة التاريخية والتجسيد الدقيق للأماكن أو الأزياء والمراحل التاريخية التي صورها الفيلم، منطلقة من أنه يخاطب أصلا جمهورا غربيا، فضلا عما فرضته الظروف الانتاجية والتصوير بعيدا عن مصر، موقع معظم الاحداث الحقيقية، إذ صور الفيلم في المغرب والنمسا.

فبدت الأزياء أقرب الى الأزياء المغربية منها إلى أزياء الريف أو المدينة المصرية، بل إنها في مقاطع بدت كأنها تصور في أزمنة أخرى وواقعة تحت هيمنة منظور استشراقي، فمشاهد الريف المصري بدت وكأنها من فيلم تاريخي يصور الحياة في فجر الإسلام أو في عصور البداوة قبله.

وكذلك الحال مع مشاهد المدينة، حيث الأفندية يرتدون الطرابيش في مشاهد يفترض أنها في الستينيات، كما بدا جمهور حفلات أم كلثوم خليطا من أناس يرتدون ازياء فلكلورية وجلابيب ريفية، وامتد ذلك الى الكثير من التفاصيل أو الرموز المكانية التي بدت بعيدة عن البيئة المصرية ومجرد استعارات استشراقية عن المكان المشرقي.

وقد أفقد ذلك الفيلم الكثير من صدقيته التاريخية، لكن هل كان ذلك مجرد خيار إنتاجي ام استخدام مقصود لمثل هذا التغاضي عن الدقة والتشويه التاريخي لخدمة حبكة الفيلم نفسه التي تُعنى بمخرجة كانت تبحث عن ام كلثومها الخاصة بها وليس تصوير فيلم عن سيرة سيدة الغناء العربي نفسها، التي تصبح مجرد مبرر أو قناع لتقديم أزمة المرأة والفنانة على وجه الخصوص في الشرق.

وانسحب ذلك على الأداء في الفيلم فكنا إزاء نمطين من الأداء، حتى لدى الممثل الواحد نفسه بين الفيلم والفيلم المصور في داخله (سيرة أم كلثوم)، فالشخصيات داخل فيلم السيرة اختنقت بنمطيتها، سواء أم كلثوم النجمة الشهيرة نفسها، (جسدتها ثلاث ممثلات: وهي صغيرة نور قمر، ثم في شهرتها ونضجها ياسمين رئيس، وعند تقدمها بالعمر ناجية الصقلي).

وقد توضح ذلك في أداء رئيس التي بدت مقنعة جدا في دور غادة، الفتاة المعلمة الخجولة التي تتمتع بصوت جميل وتتقدم للعمل في الفيلم أو في مشاهد علاقتها بالمخرجة ميترا، ومرتبكة جدا في تجسيد شخصية أم كلثوم في مشاهد الفيلم الذي يجري تصويره.

وسبق أن أدت شخصية أم كلثوم ممثلات مصريات أخريات، كما هي الحال الممثلة صابرين في مسلسل أم كلثوم، والممثلة فردوس عبد الحميد شخصية أم كلثوم في فيلم "كوكب الشرق" للمخرج محمد فاضل في أواخر التسعينيات.

وكذلك الحال مع شخصيتي أحمد/ لطيف التي أداها الممثل الفلسطيني قيس ناشف (اشتهر بدور سعيد في فيلم الجنة الآن)، الذي بدا نمطيا مرتبكا في دور ابن البلد الذي جاء من نفس قرية أم كلثوم، أو في صورة الشاعر المأخوذ من شخصية أحمد فؤاد نجم (ونراه دائما إلى جانب مغن كفيف شبيه بالشيخ أمام أدى دوره العربي ميسكالي)، مع مشكلات واضحة في اتقان تلفظ اللهجة المصرية ،(وهي مشكلة طبعت معظم ممثلي الفيلم)، لكننا نراه أكثر حيوية في مشاهد كواليس تصوير الفيلم وتعليقاته الحادة وخلافه مع المخرجة.

وتنجو الممثلة ندى رحمانيان (ممثلة إيرانية معظم أعمالها للتلفزيون) التي جسدت دور المخرجة ميترا من هذه الازدواجية ما قادها إلى أداء ناجح في دور المخرجة المأزومة، وكذلك الممثل مهدي معين زاده في دور أمير مساعد المخرجة، وسبق لزادة أن مثل في فيلم نشاط السابق "نساء من دون رجال" كما ظهر في فيلم آيلا للمخرج التركي الالماني سو تورهان / وعدد من الاعمال التلفزيونية.

وتكرست مشكل الأداء النمطي تلك، وثغرات الدقة التاريخية مع ممثلي الشخصيات التاريخية التي قدمها الفيلم كما هي الحال مع الملك فاروق (أدى دوره الممثل عادل كتاني) أو عبد الناصر الذي لم يكن الممثل المغربي محمد بويح مناسبا لتجسيده، سواء بملامحه الجسدية أو بطبقة صوته الرفيعة والقائه الذي يشبه إلقاء السادات لخطبه لا عبد الناصر، فضلا عن لكنته في الكلام.

شكل "البحث عن أم كلثوم" مقاربة ذكية ذات غنى بصري واضح بيد أنها اختنقت تحت هيمنة نموذج نظري استمد من النزعة النسوية الكثير من خلاصاته، ومنظور استشراقي في تجسيد الأجواء والبيئة التي تدور فيها أحداث الفيلم، أفقدها الكثير من الدقة التاريخية المطلوبة والتأثير المتوقع في الجمهور العربي، الذي سيظلم الفيلم كثيرا إذا انشغل في المقارنات بين الأجواء التي جسدها الفيلم وصورتها في الواقع الحقيقي.