الرباط: في سابقة من نوعها، يخوض الفنان المسرحي المغربي أمين غوادة مسيرة احتجاجية سيرا على الأقدام، انطلاقا من مدينة آزرو (جهة فاس - مكناس) وصولا للعاصمة الرباط، لمسافة 400 كيلومتر، تنديدا بتأخر صرف الدعم المخصص للفرق المسرحية من طرف وزارة الثقافة والاتصال.

أسباب المسيرة

عن فكرة هذا الأسلوب الاحتجاجي الجديد والأسباب التي دفعته للقيام بالمسيرة، يقول غوادة في اتصال مع"إيلاف المغرب"هناك ثلاثة دوافع رئيسية، تهم أولاها التهميش الذي يتعرض له الشباب ويطال مشاريعهم الفنية، ثانيا ، كون الفنانين المغاربة لا يحظون بمكانة اعتبارية مهمة، فضلا عن تماطل وزارة الثقافة في صرف مستحقات ودعم الفرق المسرحية".

و اختار الكاتب والممثل والمخرج المسرحي غوادة هذا الشكل من الاحتجاج بعدما كان يعتزم القيام بمسيرة من نوع آخر، ذات بعد فني وإبداعي، تروم القيام بالبحث والاستقصاء من أجل الاستعداد لمشروع"بلماون" الجديد صحبة فرقة Visage التي أخذت على عاتقها قضية البحث في الثقافة المغربية الأصيلة.

يضيف غوادة "كنت أنوي القيام بسفر مدروس استعدادا لهذا المشروع، لكن تماطل الوزارة المعنية في الوفاء بتعهداتها للفنانين المسرحيين جعلني أخوض مسيرة مشيا على الأقدام من دون مال و عتاد أو وسائل مواصلات، مستعينا بعربة حديدية يدوية تحمل حاجياتي الشخصية من ملابس، خيمة وقارورة ماء" ، مشيرا الى انه للعربة "دلالة رمزية أكثر من كونها مجرد وسيلة لحمل بعض الأغراض التي قد أحتاجها، فهي تجسيد للمعاناة التي يكابدها الشباب حاملي المشاريع الفنية".

الاحتجاج الكلاسيكي

و عن إمكانية تأثير مسيرته الاحتجاجية في مسؤولي الوزارة بهدف توصل الفنانين المسرحيين بمستحقاتهم، خاصة أنهم خاضوا في السابق وقفات احتجاجية أمام مقرها بالرباط دون جدوى، يقول الفنان الشاب"الاحتجاج الكلاسيكي لا يحدث ضغطا كبيرا، لأن المسؤولين ببساطة اعتادوا عليه، إضافة لكونه لا يثير الصحافة ، ووسائل الإعلام، ذواتنا هي رأسمالنا وهي عنصر أساسي في العمل الفني، وعلينا توظيفها في أشكال احتجاجية أخرى، حتى يصبح بمقدورها مواجهة القسوة والتحديات المطروحة، والتي تمثل إفادة للفنان، لأن الجسد يدخل في مرحلة من النقاء الروحي".

ويرى غوادة أن تنظيم مسيرة احتجاجية جماعية بهذا الشكل مسألة صعبة للغاية، على اعتبار أن الغالبية المطلقة من الفنانين لن يكون بمقدورهم خوضها، ومن الممكن أن يتخلف البعض عن إتمامها لاحقا.

ويضيف غوادة "أخذت على عاتقي القيام بهذه المبادرة، والتي أمثل من خلالها جميع الفنانين المتضررين، هو تحد كبير قبلته، وكنت حريصا في البداية على عدم الإفصاح عنه سوى لمحيطي الأسري".

المسرح المغربي

و عن رأيه في حال المسرح المغربي في الآونة الأخيرة، يضيف غوادة"المسرح في تطور مستمر، بفضل التكوين الحاصل في المجال منذ نهاية 1986 والذي ظهر بشكل ملحوظ مع بداية المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط، إضافة إلى تلاقح التجارب الفنية بين المغرب و دول أخرى، وكذا الانسجام الحاصل بين جيل الرواد والشباب، وهي كلها معطيات ساهمت في تطوره وازدهاره".

واشاد غوادة بالأوراش المفتوحة بفضل العاهل المغربي الملك محمد السادس من تنمية القطاع، و هو ما يتجلى من خلال الاهتمام بالمسارح ودور العرض وغيرها من المؤسسات الثقافية والفنية، في مقابل تسجيل نقص تدريجي في الميزانية التي تخصصها الوزارة، مما ينعكس بالسلب على الفنانين الشباب المبدعين الذين لا يتلقون مساعدات لإخراج مشاريعهم لحيز الوجود.

يقول المخرج المسرحي"فرقة Visage "على سبيل المثال تمتلك مشروعا فنيا كبيرا، مضيفا" اشتغلنا عليه لمدة ثلاث سنوات رفقة ممثلين كبار، حصلنا على الدعم من مسرح محمد الخامس بالرباط، لكن الميزانية الخاصة بالعرض غير كافية، إضافة إلى أن المؤسسات والشركات التي تدعي مساندتها للفنانين غالبا ما لا تلتزم بوعودها ، حينما يتعلق الأمر بفنانين شباب، لكونهم ليسوا وجوها معروفة لدى عامة الجمهور المغربي وليسوا أسماء كبيرة في عالم الفن بالبلاد، متجاهلين بذلك القيمة الفنية والبحثية للأعمال المقدمة، والتي تهدف تسليط الضوء على التراث اللامادي والمساهمة في تطوير المغرب".