إيلاف من بيروت: أعلنت مؤسسة الشارقة للفنون عن إطلاق أول إصداراتها التسجيلية على أسطوانات الفينيل، بعنوان «منزل ماكيدبا» للفنان نيو مويانغا.
قدم مويانغا هذا العمل الموسيقي للمرة الأولى في بينالي الشارقة 14 (2019)، احتفاءً بذكرى المغنية الجنوب إفريقية ميريام ماكيبا (1932-2008).
ورغم الكتابات الكثيرة التي تناولت ماكيبا بوصفها مغنية جاز ومثقفة طليعية، إلا أن دورها تقلص في التاريخ الحديث ليتحول إلى مجرد سطرٍ مكتوب على الهامش، ولم يأت التاريخ الحديث على ذكرها سوى كمترجمة أساسية لمعنى أن يكون المرء إفريقياً في عالم يشهد أفول الإمبراطوريات، وجرى إلى حدٍ بعيد التعتيم على دورها و«تدجينه». وعلى خلفية عجزها عن العودة إلى ديارها بسبب إجهارها بآرائها المناهضة لنظام الفصل العنصري (الأبارتيد)، عاشت ماكيبا لفترة في «إفريقيا المسلمة».
بالنسبة لمويانغا، تكمن قيمة ماكيبا اليوم في أنها توجّهنا إلى مستقبل عالمي حافل بالاحتمالات التي تفترض أن الوطن مكان ثابت ومتجانس وآمن.
لا يعدّ العمل الصوتي «منزل ماكيدبا» تكريماً لميريام ماكيبا فقط، بل أيضاً لماكيدا (بلقيس)، ملكة سبأ، حيث تتداخل في المشروع «أصوات» هاتين الشخصيتين، ويتساءل مويانغا عن احتمالية ما يعنيه لو أنهما لم تلدا بمعزل عن بعض بفارق أكثر من 2000 سنة، بل كانتا معاصرتان تعرفان بعضهما وتتحدثان أيضاً معاً.
في ضوء الوباء العالمي المستمر، كتب مويانغا بعض الأفكارعن العمل وأصوله، متناولاً السياق الحافل بالمعاني الذي يمكن أن يقدمه لمن يراوده شعور النزوح من الحرية والأمان والأمن المالي؛ وذلك عبر سيرة ثلاث نساء ملهمات تخطين اليأس في الأوقات الحالكة:
«تخطى المنفى، المعنى الماثل بكونه فترة محدّدة مرتبطة بعمر ثوري واحد، بل كأسلوب حياة يومي، مجسداً إحدى السمات المميزة للواقع المعاصر في القرن الحادي والعشرين. يعيش العديد من الناس في جميع أنحاء العالم بشكل دائم كمواطنين نازحين مهملين، وهذا يجعلهم أعضاء في ما أطلق عليه علماء الاجتماع «بريكاريا» وهي فئة من الناس يعيشون في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية غير مستقرة أو آمنة. ونتيجة لذلك، أصبحت العديد من الأمراض الاجتماعية والعلل الجسدية أيضاً جزءاً من الوضع الراهن، حتى في أجزاء كثيرة من العالم التي لا تعدّ، من الناحية الفنية، في حالة حرب. «منزل ماكيدبا» هو تسجيل التأمل الصوتي حول مفهوم المنفى، وما يصاحب ذلك من عرض خيالي لرعب مفاده أن تهديد اليأس العميق قد ينتصر قريباً. تم تسجيل العمل بشكل حي مع مجموعة من المغنين والآلات الإلكترونية الموجودة في كيب تاون، جنوب إفريقيا، وهي محاولة للنظر من جديد في الإرث الذي وهبته لنا شخصيات بارزة مثل ماكيدا (الملكة الأسطورية في سبأ)، ماكسكي (الناشطة والقيادية الثورية الإفريقية)، وماكيبا (الأم الفذة للأغنية الأفريقية)، حيث تقدم لنا حياة هؤلاء النساء الثلاث دليلاً على كيفية خلق الأمل في أوقات اليأس».

عن نيو مويانغا
نيو مويانغا مؤلف موسيقي وعازف، وكاتب أغاني خاصة بالمسرح والأوبرا. تجول مويانغا في بقاع كثيرة من العالم مقدّماً عروضاً فردية أو بالاشتراك مع فرق موسيقية. ألف مسرحيات موسيقية، وأغاني كورالية، وعدداً من الأعمال الأوبرالية لموسيقا الحجرة والفرق الأوركسترالية.

شارك مويانغا عام 2008 في تأسيس المنصة الموسيقية الحية والبوابة الإلكترونية-التقنية الأفريقية «سبيس ستيشن» بالتعاون مع الناشر/المحرر نتون إجابي، وتعاون عام 1996 مع الثنائي الغنائي بلك سونشاين وماساوكو تشيبيمبير. له العديد من الألبومات: «القراءة المستعملة» (2016)، و«تورو سي سيكيتي» (2015)، و«ديبالو» (2011)، «حياة طيبة» (2009)، و«النار المجاعة الطاعون والزلازل» (2007)، و«غرفة الاستماع» (2003) و«بلك سونشاين» (1999). نُشِر له: الأوبرا «قلب الاحمرار» (2015)، وأوبرا موسيقا الحجرة «زهرة شمبي» (2012)، والمسرحية الموسيقية «ذاكرة الشعور» (2010).

شارك مويانغا في برنامج الإقامة في مهرجان موزارت الدولي في جوهانسبرغ (2017) والمهرجان الوطني للفنون في جنوب أفريقيا (2017)، برنامج بيرلينر كونستلير ديس داد (2016). وساهم في المنظمات الناشطة «سونك للعدالة الجندرية»، و«إكوال إديوكيشن» (مساواة التعليم) وجمعية تنمية الموارد المجتمعية، وعمل باحثاً منتسبا في كلية الدراما في جامعة كيب تاون، ومركز الدراسات الأفريقية، ومعهد ويتس للبحوث الاجتماعية والاقتصادية (وايسر) ومعهد بحوث العلوم الإنسانية، جامعة كاليفورنيا في إيرفين. وهو أيضا زميل في مبادرة القيادة الأفريقية ومعهد أسبن.

درس «مادريجال الغناء» (غناء مجموعة من الأصوات من دون موسيقا وكل صوت يؤدي نغمة مختلفة) بإشراف المايسترو بييرو بوكلن في كلية العالم المتحدة في تريستي، إيطاليا. ولد في سويتو، ويعيش ويعمل حالياً في كيب تاون.


حول مؤسسة الشارقة للفنون
تستقطب مؤسسة الشارقة للفنون طيفاً واسعاً من الفنون المعاصرة والبرامج الثقافية، لتفعيل الحراك الفني في المجتمع المحلي في الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، والمنطقة. وتسعى إلى تحفيز الطاقات الإبداعية، وإنتاج الفنون البصرية المغايرة والمأخوذة بهاجس البحث والتجريب والتفرد، وفتح أبواب الحوار مع كافة الهويّات الثقافية والحضارية، وبما يعكس ثراء البيئة المحلية وتعدديتها الثقافية. وتضم مؤسسة الشارقة للفنون مجموعة من المبادرات والبرامج الأساسية مثل «بينالي الشارقة» و«لقاء مارس»، وبرنامج «الفنان المقيم»، و«البرنامج التعليمي»، و«برنامج الإنتاج» والمعارض والبحوث والإصدارات، بالإضافة إلى مجموعة من المقتنيات المتنامية. كما تركّز البرامج العامة والتعليمية للمؤسسة على ترسيخ الدّور الأساسي الذي تلعبه الفنون في حياة المجتمع، وذلك من خلال تعزيز التعليم العام والنهج التفاعلي للفن.