إيلاف من الرياض: إن كان يصح القول بوجود صناعة درامية تلفزيونية سعودية فالأساس لهذه الصناعة هي الأعمال الكوميدية، والجمهور السعودي بسبب تفاعله مع هذه الأعمال أصبح جزءاً من هذه الصناعه بتسويقه لها.
من البدايات من أيام المونولوجستات سعد التمامي وعبدالعزيز الهزاع، مرورا بجيل محمد الطويان ومحمد العلي، وبالفترة الأهم التي شكلت ارث تاريخي واجتماعي مهم وهنا أعني "طاش ماطاش" بقيادة القصبي والسدحان.
هذا الإرث وخاصة فترة طاش أصبحت تثقل كاهل كل من أتى بعدهم من الممثلين السعوديين، حيث تعددت الأعمال و معظمها إن لم يكن كلها تكون على قياس مسلسل طاش، كحلقات منفصلة لشخصيات ومواضيع متنوعة .

كوميديا مختلفة
يأتي هذا العام مسلسل سكة سفر أحد أحدث انتاجات أم بي سي من بطولة سعد عبدالعزيز وصالح أبو عمرة ومحمد الشهري، ومن إخراج أوس الشرقي عملا ً مختلفا ً كمسلسل كوميدي متصل منفصل.
يحكي المسلسل عن قصة ثلاثة أخوة ورثوا من والدهم محطة بنزين وفندق صغير وبقالة في منطقة صحراوية بعيدة.
هذه المحطة هي مسرح للأحداث ومحطة الاستقبال للمسافر والعابرين، تمر عليهم العديد من المواقف وفي كل مرة يحيدون عن الطريق الصحيح يظهر لهم شبح والدهم المتوفي كموبخ ومؤدب لهم، وليديلهم للفعل الصحيح. والمضحك أن الحوار يتم وكأن أبيهم بعيش بينهم أي أنه لا يتم بطريقة درامية حزينة.
التميز في المسلسل بدأ من تتر البداية والأغنية الجميلة "على هذا الطريق" من أداء سعد عبدالعزيز وتأتي الحلقات متوالية لتقدم لنا وجبات كوميدية خفيفة وذكية، وأجمل مافيها هو البعد التام عن سيطرة الكوميديان أو النجم عليها، أي أننا أمام قصة مكتوبة وأبطال العمل ليسوا سوى أدوات مؤثرة فيها.
الفكرة البسيطة والبعد عن التعقيد والإعتماد على كوميديا الموقف هي من أهم أسباب نجاح وتميز هذا المسلسل، أفكار غاية بالبساطة عرضت بذكاء وبطريقة سهلة يضاف لذلك تواجد العديد من النجوم كضيوف شرف كالسوري رشيد عساف والمصرية روجينا و العديد من النجوم السعوديين كخالد صقر وإلهام علي ومحمد القس وعبدالله السدحان والذي ظهر لنا بشكل جميل أعاد لنا ذكريات أدواره المميزة في وقت مضى. وبالمناسبة فكرة تنوع ضيوف الشرف أضافت وهج ورونق خاص للمسلسل.

تمثيل دون مبالغة وتعقيد
مايلفت الإنتباه في المسلسل هو التميز في أداء الممثلين خاصة صالح أبو عمرة و محمد الشهري في تجربة هي الأول لهم في الكوميديا والثانية لهم من بعد مسلسل فندق الأقدار، تشعر وأنت تشاهدهم أنك أمام ممثلين اعتادوا الوقوف أمام الكامير فالحضور مميز يضاف لذلك تلقائية عالية وسهولة في الأداء فكانوا شركاء في البطولة تماما مع الممثل سعد عبدالعزيز الذي يثبت نفسه عاما ً بعد آخر كممثل سعودي موهوب جداً، له حضوره الطاغي وكاريزمته العالية.
ومثلما تميز سعد عبدالعزيز قبل سنتين في مسلسل "أوريم " ذهب هذا العام في منطقة كوميدية مختلفة لاتشبه خطوته الأولى، وكأنه لايريد حصر نفسه بدور معين أو يستثمر نجاح عمل معين بل العكس يريد أن يجرب مناطق جديدة ومختلفة ولم لا ؟ .
هذا التميز للمثلين الثلاثة والإنسجام التام فيما بينهم ماكان ليتم بهذا الإتقان لولا وجود مخرج خبير كأوس شرقي، المخرج القادم من خبرات كوميدية متعددة للعديد من الأعمال السعودية والخليجية المتفاوتة في نجاحاتها، لكن يأتي هذا العمل ليعيد له بريقه من جديد فأخرج لنا عملا ً جميلا ً بصورة جميلة وسيطرة تامة على ممثلين شباب فكان وارد أن نشاهد استسهال او مبالغة في الأداءات والكوميديا في بعض الحلقات لكن لم نشاهد ذلك أبدا. ً فشاهدنا عملا ً كوميديا ً متقنا ومتوازنا ً دون الوقوع في فخ التهريج والتكرار .

"سكة سفر" عمل كوميدي جيد الصنع ووجبة كوميدية سهلة الهضم قدمت بذكاء بعيدا ً عن التهريج والإستستسهال.