إيلاف من مراكش: تحتضن مدينة مراكش المغربية، تحت شعار "الإيقاعات والرموز الخالدة"، بداية من مساء اليوم الخميس، فعاليات الدورة ال53 للمهرجان الوطني للفنون الشعبية، التي تنظمها جمعية الأطلس الكبير، برعاية الملك محمد السادس، وبشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والاتصال، ودعم من ولاية جهة مراكش آسفي ومجلس جهة مراكش آسفي ومجلس بلدية مدينة مراكش وبلدية المشور بالمدينة ذاتها .


من دورات سابقة للمهرجان الوطني للفنون الشعبية بمراكش

من دورات سابقة
وتستضيف دورة هذه السنة الصين كضيف شرف، مع مشاركة بوركينا فاسو وإندونيسيا، فيما تكرم الفنان المغربي نعمان لحلو.

وتمثل الفرق المغربية المشاركة فنوناً شعبية متنوعة تمثل مختلف جهات المملكة، تشمل "أحواش" و"كناوة" و"عبيدات الرمى"و"الركادة" و"الدقة المراكشية" و"أحيدوس" و"عيساوة" و"أولاد سيدي احماد وموسى" و"الكدرة"، وغيرها.

ويتوزع البرنامج الفني للتظاهرة على أربعة فضاءات بالمدينة الحمراء، حيث سيكون الموعد مع عرض رئيسي بالمسرح الملكي، تحت عنوان "الإيقاعات والرموز الخالدة"، وعروض موضوعاتيةبقصر الباهية التاريخي، يتضمن في يومه الأول عرضا متنوعا، في شكل سهرة "مغربية صينية"، تتضمن فقرة تمثل الصين، تحت عنوان "طريق الحرير"، وعروضا شعبية مغربية تمثل "الحوزي" و"الدقة المراكشية" و"الحصادة" و"المازنية" و"عبيدات الرمى" و"أحواش الحوز" و"كناوة" و"التبوريدة". أما اليوم الثاني، تحت عنوان "سهرة دولية"، فتتضمن عروضا من إندونيسيا والصين وبوركينا فاسو، فضلا عن المغرب من خلال عرض لفن "كناوة". أما اليوم الثالث فيخصص ل"أحواش الأطلس الكبير"،ممثلة في "أحواش تيدلي" و"أحواش تارودانت" و"أحواش آولوز" و"أحواش إمنتانوت". أما اليوم الرابع، فيأتي في صيغة شهرة للراي والركادة. بينما تختتم التظاهرة على إيقاع عصري، ضمن برنامجه مشاركة للفنان فؤاد الزبادي.

أما فضاء ساحة جامع الفنا، فيتضمن برنامجه الفني عروضا تحت عنوان "فرجة الإيقاعات" تشارك فيه، على مدى خمس سهرات، فرق من البلدان الأربعة المشاركة. فيما تحمل العروض المبرمجة بساحة حديقة الحارثي عنوان "فرجة الرموز".

ويقول المنظمون إن هذا الحدث الفني، الذي يتميز في دورة هذه السنة، بمشاركة 600 فنانا، من مختلف مناطق المغرب، فضلا عن الفرق القادمة من الصين وإندونيسيا وبوركينا فاسو، صمم لكي يسلط الضوء على تنوع وثراء التراث الفني المغربي، سعيا إلى تعزيز الروابط بين الأجيال من خلال تعريف الشباب بكنوز وأهمية الفنون الشعبية المغربية، من خلال عروض ساحرة، أصيلة وإبداعية.

ويقول المنظمون أيضاً، إن "الإيقاعات والرموز الخالدة" ليس مجرد شعار، بل "دعوة للانغماس في تاريخ المغرب الحي"، و"احتفاء بالهوية الوطنية من خلال الموسيقى والرقص والغناء والحرف اليدوية"، بشكل يصير معه المهرجان "احتفاء بالهوية الوطنية، يغنى على إيقاعات المهارات والقصص التي عبرت العصور، مؤكدا الأهمية الحاسمة للحفاظ على هذه التعبيرات الثقافية وترسيخها".


ملصق المهرجان الوطني للفنون الشعبية بمراكش

ومن شأن حفظ الفنون التقليدية، بحسب المنظمين، أن يمكن من "تعزيز الروابط وصقل الحوار بين الماضي والحاضر، في عالم سريع التطور، حيث تتقاطع الثقافات ويتأثر بعضها من بعض"، لذلك يبقى "من الضروري الحفاظ على حيوية هذه الأشكال الفنية التعبيرية التي تحدد الهوية المغربية".

ويقول المنظمون إن دور المهرجان الوطني للفنون الشعبية يتعاظم، في هذا السياق، ك "حارس لهذه الكنوز التي لا تقدر بثمن، من خلال ضمان استمراريتها وجعلها قريبة من قلوب وعقول الجموع، وخاصة شباب المغرب"، مشيرين إلى أن هذا الحدث الفني يقدم "بانوراما ثقافية غنية ومتنوعة"، حيث تحمل كل منطقة فيه "تراثاً فريداً، يتجلى من خلال أنغام ساحرة ورقصات مبهرة وتعبيرات فنية متجذرة في عمق الزمان". وهذه التقاليد، التي تنتقل من جيل إلى جيل، ليست مجرد ذاكرة، يضيف المنظمون، بل هي "نبض حي لمجتمع يحتفل بالحياة بشغف وإبداع على خشبات مسارح المهرجان، يتجلى فيها التراث الشعبي في انفجار من الألوان والأصوات، حيث يتناغم إيقاع الطبول مع وقع أقدام تضرب على الأرض، وحيث ترتفع الأصوات لتحكي قصصاً جامعة للأساطير والواقع"، لتقدم العروض مشاهد بصرية مدهشة تعكس مجتمعاً يحافظ بعناية على أصداء ماضيه وهو على درب التحديث.

لذلك، يشدد المنظمون على أن الفن المغربي، بكل روعته، يبقى "ركيزة للهوية الوطنية، رابطاً لا ينقطع، يجمع القلوب حول جوهر تراثهم الراسخ الذي لا يتغير".

ويعد هذا الحدث الفني أقدم مهرجان فني في المغرب، والتظاهرة الفنية الوحيدة تقريباً التي تسلط الضوء على التراث الشعبي النابع من مختلف مناطق المملكة، فضلاً عن أنه يشكّل مناسبة لتثمين الموروث الثقافي المغربي، وفرصة لإنعاش القطاع السياحي بالمدينة الحمراء.

وتتميز الفنون الشعبية المغربية بالتعددية التي تتجلى في اللهجات المختلفة والإيقاعات والتعابير الجسدية والموسيقية المتنوعة، والتي لها بعدها الثقافي والميثولوجي العميق.

وإذا كانت الفنون الشعبية، في المغرب، تشكل جزءاً من الحياة اليومية للمغاربة ومرجعية للهوية الوطنية، فإن المهرجان الوطني للفنون الشعبية، الذي انطلق، في دورته الأولى، سنة 1960 تحت مسمى "مهرجان فولكلور مراكش"، ظل يشكل، حسب عدد المتتبعين، شهادة للوحدة في التنوع، من خلال تقديم ثقافة تتشكل من ثلاثة مكونات أساسية، عربية وأمازيغية وأفريقية، تعتني بالموروث المتوسطي والآثار الأندلسية، فيما تنفتح باستمرار على الثقافات الأخرى، من دون أن تفقد أصالتها.