أعلنت المملكة العربية السعودية البدء في تدريس مقرر اللغة الصينية في صفوف الدراسة المتوسطة الأولى خلال الأيام المقبلة، وذلك بعد إعلان وزارة التعليم عن المدارس التي ستقوم بتدريسها في 6 إدارات تعليمية بالسعودية، وقد وصل بالفعل مدرسون صينيون إلى المملكة.

وستقوم الصين بإيفاد 800 معلم لتدريس اللغة الصينية إلى السعودية، بعدما وقع البلدان العام الماضي اتفاقاً يهدف إلى تعزيز تعاونهما بشأن التعليم باللغة الصينية، وقد وصل منهم حتى الآن 175 معلماً صينياً.

وقالت صحيفة "تشاينا ديلي" الحكومية الصينية، إن 175 معلماً صينياً وصلوا السعودية بالفعل وسيباشرون عملهم في تعليم اللغة الصينية في مدارس السعودية.

وسيتم تدريس اللغة الصينية رسمياً في الرياض، ينبع، المنطقة الشرقية، جدة، جازان، تبوك، وبذلك تصبح اللغة الثالثة في مناهج التعليم السعودي، إلى جانب اللغتين العربية والإنجليزية.

وجاء القرار تنفيذا لاتفاقية بين الصين والسعودية لتعزيز التبادل الثقافي والتعليمي، حيث سيتم تدريس اللغة الصينية في السعودية، وتدريس اللغة العربية في الصين.

"هيتكلموا عربي"

وأثار وصول المدرسين الصينيين اهتمام المغردين السعوديين على منصة إكس، واستقبلوهم بالفكاهة، والتأكيد على أن الصينيين هم من سيتعلمون العربية وينسون الصينية.

وكتب مستخدم على إكس، "أخاف يعودون يرطنون عربي ولا علموا ورعانا أعجمي".

وغرد آخر، "سيتعلم الصينيون اللغة العربية ويستفيدون أما السعوديين لن يفلحوا".

دوافع مختلفة

وعن أسباب إقرار السعودية للغة الصينية في مناهجها الدراسية، أشارت تقارير سعودية إلى أنها تأتي وفقاً لاتفاقيات بين البلدين لتعزيز تعاونهما الثقافي والتعليمي والتجاري والسياسي أيضاً.

ويقول محمود عادل، مدرس ومترجم لغة صينية في الخليج، لبي بي سي، إن الفترة الماضية شهدت إقبالاً كبيراً من السعوديين على تعلم اللغة الصينية، لأسباب عديدة، وتخرج العشرات من برامج تعلم اللغة.

وتشير تقارير سعودية إلى أن تدريس اللغة الصينية يأتي في إطار توجهات استراتيجية للسعودية نحو الصين والبحث عن علاقات اقتصادية وسياسية معها، وانتهجت الرياض "خطة المواءمة" بين رؤية المملكة 2030 ومبادرة "الحزام والطريق" الصينية.

وأشار عادل إلى أن الكثير من الشباب يسعى للعمل في مجال السياحة "سواء الدينية أو الترفيهية، أو الترجمة الصناعية والتجارية، أو حتى عمل بيزنس خاص".

ومن خلال إقامته في دول الخليج والتنقل بينها أوضح أن هناك تدفقاً كبيراً للاستثمارات والشركات الصينية على الخليج خاصة السعودية والإمارات، وأصبح طموح الكثير من الشباب الخليجي العمل في شركات صينية أو عمل مشروعات تكنولوجيا بالتعاون مع الصينيين.

وكشف معلم اللغة الصينية، أنه لاحظ إقبالاً كبيراً من الإناث في السعودية، أكثر من الذكور، وأن الكثير من الطالبات تخرجن وأصبحن الآن معلمات للغة الصينية.

وعلق مستخدم على منصة إكس، على خبر وصول المدرسين الصينيين إلى المملكة، بأن اللغة الصينية: "لغة المستقبل لغة التجارة والنجاح".

بداية القصة

بدأت قصة اللغة الصينية في السعودية منذ شباط (فبراير) 2019، أثناء زيارة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان إلى الصين، وأعلن من هناك عن خطة لإدراج اللغة الصينية كمقرر دراسي على جميع المراحل التعليمية في المدارس والجامعات السعودية.

وسريعاً في نفس العام وقعت جامعة الملك سعود اتفاقاً مع معهد كونفوشيوس لإنشاء قسم لتعليم اللغة الصينية.

وقد استحدثت العديد من الجامعات السعودية قسمًا للغة الصينية في كلياتها، تدرس إلى جانب اللغات الأخرى.

وفي عام 2020، بدأت وزارة التعليم ‏في المملكة تنفيذ التوجهات الجديدة وتدريس اللغة الصينية في 8 مدارس للبنين بالمرحلة الثانوية واعتبروها مادة اختيارية للتسجيل بها.

ثم ارتفع عدد المدارس الثانوية التي تعلّم اللغة الصينية في كانون الأول (ديسمبر) 2021، إلى أكثر من 700 مدرسة في المجموع.

وفي كانون الأول (ديسمبر) 2022 وقعت مذكرة تعاون لتعليم اللغة الصينية بين وزارتي التعليم في المملكة وجمهورية الصين الشعبية، تضمنت توفير المقررات التعليمية وما يتعلق بها من مواد تعليمية سمعية وبصرية، وتوفير معلمين صينيين لتعليم اللغة الصينية في مدارس التعليم العام.

وفي 23 كانون الثاني (يناير) 2023، صوّت مجلس الشورى بالموافقة على مشروع مذكرة تعاون بين وزارة التعليم في المملكة ووزارة التعليم في الصين لتعليم اللغة الصينية.

وفي آذار (مارس) 2023، وافق مجلس الوزراء على مذكرة تعاون لتعليم اللغة الصينية بين وزارة التعليم في ونظيرتها في الصين.

وكانت وزارة التعليم قد أعلنت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2023، عن فتح باب التقديم للابتعاث من أجل دراسة اللغة الصينية للمعلمين والمعلمات، والحصول على درجة الدبلوم العالي أو الماجستير في تدريس اللغة الصينية.

وتعتبر الصين هي الشريك الاقتصادي الأكبر للسعودية، فضلاً عن أنها ثاني أكبر اقتصادات العالم، وسيمنح التحدث باللغة الصينية المواطن السعودي أولوية كبرى تمكنه من الاستفادة من الاقتصاد الصيني على مستوى التجارة والسياحة، كما أن المملكة تسعى للاستفادة مستقبلاً من هذه الاستراتيجية في المجال السياحي من خلال استهداف 20 مليون سائح صيني.

صعوبة التعلم

وتعد اللغة الصينية من أصعب اللغات العالمية، وتتكون من 48 ألف رمز، لكن كان هناك إقبال من السعوديين على تعلمها لأسباب كثيرة.

وعلقت مستخدمة على صعوبة تعلم اللغة وحروفها الكثيرة وطريقة كتابتها الغريبة، وقالت على منصة إكس، "نفسي أعرف كم أحتاج وقت عشان أتعلم الأساسيات فقط! أحس حتى أساسياتها معقدة".

بينما وصفت مستخدمة أخرى على إكس اللغة الصينية، بأنها "أصعب لغة في العالم".

وهناك من رأى أنها لغة سهلة يمكن تعلمها بشكل سريع، لكن تحتاج إلى الإقامة في الصين لفترة.

وقال مستخدم على إكس، "إن أشخاصاً من أفريقيا عاشوا في الصين وتعلموها بسهولة".

لغة غير مفيدة

واعتبر البعض اللغة الصينية "غير مفيدة".

وهناك من شكك في الحاجة لتعلم اللغات أصلاً في ظل توافر برامج الترجمة والذكاء الاصطناعي.

وقال مستخدم على منصة إكس "هناك وظائف لن يكون لها حاجة وبإجماع كل التقنيين.. وأولها الترجمة.. ولن يكون هناك حاجة لمترجم".

وهناك من قدم نصائح مهمة لأولياء الأمور لمساعدة أبنائهم في رحلة تعلم اللغة الصينية.

ورد مستخدمون آخرون بأن تعلم اللغات أمر هام ومفيد، وطالب بإدراج لغات جديدة.

وقال مستخدم إن تعليم اللغة الألمانية "يفضل أن يكون إلزاميا".