حوّلتشبكة المجاري المتآكلة مدن العراق الى بالوعة كبيرة من الفضلات الصلبة والسائلة والتي تهدد الحياة اليومية بالتلوث.
ويقول الموظف البلدي سعيد الشاوي ( 70 سنة ) والذي عمل في مجال معالجة مياه الصرف الصحي لثلاث عقود وتزيد ، ان انقطاع التيار الكهربائي المتكرر، وغياب ادامة وتحديث الشبكات والمحطات لعقود من الزمن ، إضافة إلى النقص الكبير في الخبرات بسبب انغلاق العراق على العالم لعقود ، إضافة إلى أعمال تخريب المشاريع التي رافقت الحروب لاسيما بعد عام 2003 ، تسببت في انهيار تام لبني الصرف الصحي التحتية في كل مدن العراق قاطبة ، ولا يستثنى من ذلك العاصمة بغداد. نهر صغير بين البيوت وفي المدن الصغيرة في العراق ، حيث تخلو الإحياء من شبكات الصرف الصحي ، يلجأ الأهالي الى شق نهر صغير بين البيوت ، يكون بمثابة مجرى لمياه الصرف الصحي. ويضطر الحاج عادل حسين الى تنظيف المجرى لعدة أمتار بquot; الكركquot; ، تحسبا لتجمع الأوساخ والمياه أمام بيته ، وفي الوقت الذي ينظف فيه الحاج حسين النهر تنبعث الروائح التي تنتشر بين البيوت. وترتبط في مدينة مثل بابل (100 كم جنوبي بغداد ) حوالي خمسة بالمائة من البيوت بنظم الصرف الصحي، التي تغيب عن اكثر المناطق وان وجدت فهي إما مسدودة أو منهارة. وفي وسط مدينة كربلاء (108 من جنوبي بغداد) ، يتحدث سعيد الخفاجي ، صاحب متجر ، عن ارتفاع منسوب مياه المجاري إذا أمطرت كثيرا حيث تنبعث الروائح الكريهة من البالوعات وتصعد الفضلات الصلبة إلى الأعلى. ويشير المهندس المدني ليث الطائي الى النقص الكبير في التيار الكهربائي، الذي يوقف عمل محطات الضخ والمعالجة مما يؤدي إلى تدفق المياه غير المعالجة ، و يضطر الجهات المعنية إلى جعلها تتدفق مباشرة إلى أنهار العراق من دون معالجة. تفشي الأمراض ويقول الدكتور سعيد ناصح ان تفشي الأمراض سيبقى أمرا محدقا اذا لم تتم معالجة فعالة لمياه الصرف الصحي ، كما حدث عام 2007 حين تفشى وباء الكوليرا في بعض مدن العراق. وبحسب تقرير لليونسيف فان مياه الصرف الصحي غير المعالجة من بغداد وحدها تكفي لملء 370 حوض سباحة أولمبي يومياً. وفي منطقة الصالحية في بغداد يشتكي كريم اللامي من طفح مياه المجاري التي غالبا ما تملأ الشوارع والبيوت. لكن المراقب يلاحظ ان اعمال انشاء شبكات صرف صحي جديدة تجري على قدم وساق اليوم في اغلب مدن العراق لاسيما بغداد ، حيث رصدت ميزانية كبيرة لتحديث الشبكات. وفي جنوب بغداد بعد منطقة الدورة باتجاه محافظة بابل ، تنتصب مئات الأنابيب الكونكريتية الضخمة عبر مسافات تمتد لعشرات الكيلومترات ضمن مشروع صرف صحي ضخم. ويقول محمد سعيد من منطقة الشعب في بغداد أن من الأسباب التي تعطل شبكات المجاري ، تلك (التخسفات) التي تولدها العجلات الثقيلة وهي تسير في الشوارع التي تعاني من طفح المجاري. وبسبب انهيار أعمال معالجة مياه الصرف الصحي ، فان صب شبكات الصرف مباشرة في الأنهر يؤدي إلى ازدياد نسب التلوث ، حيث أثبتت القياسات في نهر دجلة ان نسبة الزنك ارتفعت الى ثلاثة أضعاف عن النسب المسموح بها، إضافة الى ارتفاع نسب الرصاص و النحاس.
وسيم باسم من بغداد: تعاني اغلب مناطق العراق من أنابيب صرف صحي اندثرت بسبب التقادم والاستهلاك، وانهيار محطات المعالجة التابعة للبلديات ، التي أُعطبتها والحرب والإهمال الذي رافق العقوبات الاقتصادية التي فرضت على العراق في فترة التسعينيات والتي دامت عقداً من الزمن.
ويقول ليث كامل احد عمال صيانة المجاري في الكرادة في بغداد ان سوء الأوضاع الأمنية إضافة الى التفجيرات بعد عام 2003 ، أدى غالى شلل تام في أعمال الصيانة إضافة الى انهيار تام لشبكات المجاري في العراق.
ويتابع: عثر عمال الصيانة على عشرات الجثث في بالوعات العاصمة وفي أنابيب المجاري. فأصبحت المجاري أيضا مكانا لجمع المتفجرات والأسلحة ، وبسبب ذلك قتل الكثير من عمال المجاري.
و أنشئت شبكات الصرف الصحي في العراق بصورة فعلية وعملية في خمسينيات القرن الماضي، وكان العراق متقدما في هذا المجال بين دول المنطقة لكن عدم مواكبة توسع المدن وزيادة عدد السكان ، وانحسار الإدامة ، أدى إلى اندثار الشبكات وانسدادها.
ومن المظاهر التي تؤثر على بيئة العراق وضع المضخات التي تنقل مياه الصرف الصحي عبر الأنابيب لكن عدم أحكام العمل يؤدي الى رمي المياه الثقيلة في العراء.
التعليقات