استخراج برميل من النفط في العراق يحتاج الى أربعة براميل من المياه العذبة التي تحقن في الآبار، وهذه المياه تعاد إلى مصادرها ملوثة، حيث تنقل المكونات النفطية السامة والمضرة بالصحة، عبر الأنهار والبحيرات والمياه الجوفية إلى الكانسان والكائنات الحية.


وسيم باسم من بغداد: يدرك المهندس النفطي حسام الجبوري الذي خدم لعقدين في مجال استخراج النفط في العراق والإمارات والكويت أن استخراج النفط بالعراق سيتسبب في كارثة بيئية اذا لم توضع السبل الكفيلة لمنع تلوث المياه المستخدمة في استخراج النفط.

ويوضح الجبوري المشكلة بالقول ان استخراج برميل من النفط في العراق يحتاج إلى أربعة براميل من المياه العذبة التي تحقن في الآبار، وهذه المياه تعاد إلى مصادرها ملوثة، حيث تنقل المكونات النفطية السامة والمضرة بالصحة، عبر الأنهر والبحيرات والمياه الجوفية إلى الإنسان والكائنات الحية.

تقنية الحقن في المياه

وكانت وزارة البيئة العراقية قد انتبهت الى حجم التلوث الحاصل فحذرت من ان الاستثمار النفطي عبر تقنية الحقن في المياه والذي يتزايد في مختلف مناطق العراق النفطية سيؤدي إلى كارثة بيئية للمياه الجوفية.

وبحسب الجبوري فان الشركات المستثمرة تستخدم المياه من مصادرها القريبة كالأنهار والبحيرات، كما تلجأ في حالة غياب المصادر، الى المياه الجوفية التي تستخدم ومن ثم تعود الى مصادرها من دون معالجة.

48 مليون برميل من المياه

وإذا استمر الأمر على هذا النحو من إنتاج سيبلغ خلال السنوات الخمس المقبلة نحو 12 مليون برميل يومياً، فان هذا يتطلب من المياه العذبة أربعة أضعاف أي بمقدار 48 مليون برميل يوميا.

ولم تفصح الشركات إلى الآن عن خططها في معالجة المياه المستخدمة وفي ذات الوقت فانها غالبا ما تعلن خططها في التوسع في الإنتاج من دون اكتراث للأضرار البيئية المترتبة على ذلك.


وتتوافد على العراق الكثير من الشركات النفطية التي توقع عقوداً مع الحكومة لتطوير الحقول النفطية.

وغالبا ما تتوسط الحقول أراض تعاني من من التلوث والإهمال منذ عشرات السنين لاسيما الملوحة التي بدت سمة من سمات ملايين الدونمات من أراضي المنطقتين الوسطى والجنوبية من العراق.

التنقيب والبيئة

ويقول المهندس الكيمياوي سليم حسن من قضاء الزبير في البصرة وعمل في استخراج النفط من الحقول النفطية في منطقة مجنون
ان النشاطات التنقيبية طوال عقود لم تضع البيئة في حساباتها.


ويتابع : كان جل هدف الحكومة والشركات التي تعاقدت معها منذ سبعينيات القرن الماضي، هو استخراج النفط فحسب، على حساب صحة الإنسان والبيئة.
ويضيف : نعاني اغلب مناطق الحقول النفطية من النفايات الملوثة ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة.

وتصحب عمليات استخراج النفط في الغالب ترشحات وتسربات عديدة للبيئة المحيطة المتمثلة في الهواء والماء والتربة بسبب المنتجات البترولية والزيتية من حقول النفط.


ويصف الجبوري وسيلة استخراج النفط عبر الحقن بالماء water Injection بانها احدى الطرق الشائعة الانتشار اليوم حيث يحقن الماء داخل البئر مما يخلق ظروفاً ملائمة لزيادة سحب النفط وتحسين الإنتاجية.

الوسط المسامي

وتعمل المياه على إزالة النفط من الوسط المسامي عبر فصل القوى الشعرية والتي من خلالها يبقى النفط في المكمن.

ويؤدي تلوث المياه بالنفط الى تكوين طبقة زيتية ثقيلة تمنع التبادل الغازي كما تمنع وصول الضوء الكافي للكائنات النباتية.

ويقول الباحث البيئي من جامعة بابل احمد سلمان ان استمرار استخدام الشركات لمياه العراق في عملياتها التنقيبية والتخلص من تلك المياه بلا معالجة سيؤدي الى انقراض النباتات والكائنات البحرية لاسيما الاسماك.

وبحسب الدراسات الجيولوجية فان العراق يحتوي على أكثر من خمسمائة موقعا تحتوي دلائل احتوائها على مخزن نفطي هائل، مما يزيد فرص انتاج نفطي كبير لكن البيئة ستتضرر اكثر بكل تأكيد.

إجبار الشركات على دفع الأضرار
ويطالب سلمان الحكومة بإجبار الشركات على دفع الأضرار التي سببتها للبيئة في العراق، وفي ذات الوقت اشتراط العمل وفق ضوابط بيئة صارمة في المستقبل.
ولا تقتصر مصادر المياه على استخدامها في عمليات الحقن النفطي، فبحسب الجبوري فان عمليات النقل عبر أنابيب الحفر آو خطوط استخراج النفط غالبا ما تصاحبها تسربات تلوّث التربة المحيطة.
كما يؤدي التسرب في الخزانات المغمورة الى تلوث المياه الجوفية ومصادر المياه القريبة.