حال مشروع الحكومة اللبنانية ما زال يتأرجح بين الأطراف الذين يتحدثون كل مرة عن إنفراج في الأزمة ويعيدون الحسابات وخلط الأوراق مجددا. الأقطاب السياسية تتناقل كرة التعيينات والحقائب. بعضهم يثبت على مواقفه وآخرون يبدون قابلية للتساهل والرضى، وغيرهم يحاول التوفيق بين الجميع يقترح حقيبة على هذا ويمنع حقيبة عن ذاك. أما الحال فهو هو. لبنان ما زال دون حكومة جديدة يرأسها سعد الحريري. ولبنان بحكومة تصريف أعمال طال عهدها أكثر مما يلزم تصريف أي أعمال.


بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان قبل ايام تحدث الوزير السابق النائب سليمان فرنجية لمندوبي وسائل الاعلام عن المساعي الجارية لتشكيل الحكومة فقال إن ما يتركز العمل عليه حالياً بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون هو توزيع الحقائب والاسماء ، بشكل لا يخرج منه أي من الاثنين وكأنه quot; مكسور quot; أمام الآخر . وأوضح فرنجية ان على المعنيين بتشكيل الحكومة ان يعملوا ما بوسعهم لإرضاء العماد عون ، مشدداً في الوقت نفسه على انه لا يقبل حصول اهتزاز في صورة رئيس الحكومة المقبل ولا يرضى أبداً ان يراه مكسوراً لأن ذلك يعني كسراً لرئيس حكومة كل لبنان .

كلام فرنجية أمسك لب المشكلة التي توقفت عندها عملية التأليف على حد قول اوساط متابعة لهذه العملية أكدت ان اللقاءات والاتصالات التي يقوم بها الرئيس المكلف مع سائر الاطراف ، والتي كان آخرها زيارته رئيس اللقاء النيابي الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في منزله في بيروت تصب في اتجاه واحد ألا وهو الخروج بحكومة وفق الشعار المعروف quot; لا غالب ولا مغلوب quot; ولكن بعد تعديله ليصبح quot; لا كاسر ولا مكسور quot; عملاً بارشادات فرنجية الذي تطوع للقيام بدور الوسيط بين quot; بيت الوسط quot; حيث مقر الرئيس المكلف و quot; الرابية quot; حيث يقطن العماد عون ، وفق قاعدة الانفتاح على الأول والثبات في التحالف مع الثاني .

هذا ورغم الحديث عن ان تسعين بالمائة من عملية تأليف الحكومة قد انجز كما صرح بذلك فرنجية نفسه ، فان في العشرة بالمائة المتبقاة تكمن العقدة المستعصية التي تتطلب مفتاح quot; لا كاسر ولا مكسور quot; لكسرها وهذا ما بدا صعباً حتى الساعة لكن غير مستعصٍ كما استشف من التصريح الذي أدلى به الرئيس المكلف بعد لقائه رئيس الجمهورية أمس .

وفي نظرة الى المحطة قبل الأخيرة التي توقف عندها قطار التأليف تتكشف الصورة التالية:
-تراجع الرئيس المكلف عن قراريه بسحب وزارة الاتصالات من تكتل التغيير والاصلاح وعدم توزير الراسبين أظهرته مكسوراً مرتين .

-إشترط الحريري مقابل ابقاء وزارة الاتصالات مع التكتل المذكور عدم اعطائها للوزير الذي يشغلها حالياً جبران باسيل في محاولة للتعويض عن الانكسارين السابقين إلا أنه بذلك quot; يكسر quot; كلمة الجنرال الذي صرخ في لحظة غضب عند التكليف الأول انه لن تكون هناك حكومة من دون وزارة الاتصالات وفي يد باسيل تحديداً .

-إقتراح الحريري على عون استبدال وزارة الطاقة بوزارة السياحة رفضه الجنرال معطلاً بذلك على الرئيس المكلف فرصة التباهي أمام حليفه حزب الكتائب بالمقدرة على انتزاع حقيبة وزارية وازنة من أحضان التكتل وإهدائها للحزب الرافض لابقاء السياحة في عهدته.

-محاولة الحريري إقناع جنبلاط بـ quot; إعارة quot; وزارة الاشغال لعون عله يغض الطرف عن انتزاع الطاقة أو غيرها منه باءت بالفشل اذ ذكرت معلومات ان جنبلاط رمى الكرة في ملعب الحريري بعد ان اشار عليه ابقاء الاتصالات مع عون وارضائه بوزارة التربية ايضاً التي تعد من quot; ممتلكات quot; تيار المستقبل .

كيف السبيل للخروج من الحلقة المفرغة وتحقيق ما طالب به فرنجية في باحة القصر الجمهوري ؟

اوساط رئيس مجلس النواب نبيه بري لا تبدو متشائمة وتعتبر ان سباق تأليف الحكومة أضحى في الشوط الأخير بعد ان ادرك المتسابقون ان افضل طريق لبلوغ نقطة النهاية واعلان الجميع فائزين ، ليس بينهم كاسر أو مكسور ، السير باتجاه ابقاء القديم على قدمه الذي كان بري أول من نصح به الرئيس المكلف إثر تكليفه الأول قبل أكثر من خمسة أشهر ...