سليمان والمستقبل يدعوان للعودة إلى الحوار الهادئ
سجن رومية يخترق الجمود الداخلي لتأليف الحكومة

بعد هجوم عون وردّ الحريري الهادئ المتمسّك بالدّستور
مصير تشكيل الحكومة ينتظر تحرّكًا سعوديًّا ndash; سوريًّا جديدًا

بيروت: في تطور أمني جديد، أوقفت مخابرات الجيش اللبناني أحد أعضاء quot;جند الشامquot; الأمير السلفي وسام طحيبش لدى محاولته دخول مخيم عين الحلوة، وهو من المتهمين بالمشاركة في اغتيال القضاة الأربعة، وصهر مؤسس عصبة الانصار هشام شريدي. ويبدو أن إلقاء القبض عليه جاء ثمرة الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذت حول بعض المخيمات في أعقاب فرار السجين حاجي سليمان.

إلا أن المشهد السياسي لم يفرز أي جديد أمس يوحي بقرب تشكيل الحكومة التي لم يُعثر عليها بعد، خلافًا للموقوف الفار من سجن رومية، وإن يكن قد سجلت في الوقت الضائع حركة ظاهرة للرئيس المكلف سعد الحريري على أكثر من خط، ساهمت نسبيًا في كسر جليد الانتظار الثقيل، من دون أن تذيبه، بينما بقيت طريق الرابية ـ quot;بيت الوسطquot; مقطوعة بسواتر الحملات المتبادلة والشروط الصعبة، علمًا أنها تشكل ممرًا إلزاميًا لأي تسوية. وأكملت quot;السفيرquot; انه إزاء هذا الواقع، استمر الأقطاب الصائمون على صيامهم، بل إن الرئيس نبيه بري لاحظ أمام نواب لقاء الاربعاء النيابي quot;أن حزب الصائمين صار كبيرًاquot;، فيما نُقل عن رئيس الجمهورية ميشال سليمان قوله أمام زواره إن العقدة التي لا تزال تحول دون تشكيل الحكومة هي محلية وليست خارجية، مشيرًا إلى أن الخارج حاول أن يساعد في انجاز عملية تأليف الحكومة.

وألمح سليمان الى ان مطالب بعض الاطراف الداخلية المتصلة بالاسماء والحقائب مرتفعة السقف، موضحًا انه طلب من الرئيس المكلف سعد الحريري تفعيل مشاوراته ولقاءاته مع مختلف القوى من أجل الاسراع في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية. وشدد سليمان على أنه يتصرف حيال الملف الحكومي انطلاقًا من موقعه كحَكم وكرئيس توافقي، ولكنه لفت الانتباه الى استعداده للتدخل من أجل الدفع في اتجاه تأليف الحكومة بأسرع وقت ممكن.

ولكن أوساطًا واسعة الاطلاع في المعارضة قالت لـquot;السفيرquot; إنها تزداد قناعة بوجود عقدة خارجية تؤخر تأليف الحكومة، وتتعلق بحسابات مصرية وأميركية، يبدو أن الرئيس المكلف يتأثر بها، quot;وإلا ما الذي يمنعه من أن يطرح صيغة حل وسط على عون تقضي بتوزير جبران باسيل وإبقاء وزارة الاتصالات معه، مقابل تنازله عن الحقيبة السيادية، وهي صيغة يمكن ان تحظى بقبول رئيس تكتل التغيير والاصلاحquot;. ورأت انه لا يجوز التذرع بالمؤتمر الصحافي الاخير لعون من أجل رفض التحاور معه، لأن هجومه جاء رد فعل على الحملة التي كان قد تعرض لها طيلة الفترة الماضية.

في هذا الوقت، رأت الامانة العامة لقوى 14 آذار، التي تكرر غياب حزب الكتائب عن اجتماعها، انه في أساس الصيغة التي وافق عليها quot;حزب اللهquot; أن تكون حقيبتان سياديتان من حصة رئيس الجمهورية، مشيرة الى أن المطالبة بإحداهما ليست سوى محاولة لانتزاع جزء أساسي من الدور المرجح المتفق عليه للرئيس، وبالتالي إضعاف دوره، واعتبرت أن التصعيد الأخير في مواقف عون لا يمكن أن يحصل من دون موافقة quot;حزب اللهquot;.

إلا ان أوساطًا مقربة من حزب الله لفتت الانتباه الى ان عون لا ينتظر موافقة او ممانعة حزب الله عندما يريد إصدار موقف معين، وشددت على ان الحزب ليس وسيطا بين عون والرئيس المكلف بل هو حليف لرئيس تكتل التغيير والاصلاح، واعتبرت أن quot;إقناعه بتقديم تنازلات هو أمر من اختصاص الرئيس المكلف لا حزب الله، وبهذا المعنى المطلوب من الحريري فتح حوار مباشر معه حول مطالبه، ثم إذا كان يراد من حزب الله ان يؤدي دورا ما في تسهيل الحوار بين الرابية والحريري، فإن الامر لا يتم تحت الضغط وتوجيه الإتهامات الى الحزبquot;.
وأشارت الأوساط إلى أن الحزب ساهم في إقناع عون بصيغة 15ـ10ـ5 ولا يجوز تحميله أكثر من ذلك، وبالتالي فإن كل ما يتعلق بالاسماء والحقائب يجب ان يبحث بالدرجة الأولى بين عون والرئيس المكلف.

في هذه الاثناء، لوحظ أن الحريري خرج من وضعية الانكفاء وضخ شيئًا من الحرارة في أسلاك التواصل مع بعض أطراف المعارضة، وإن يكن بعض المراقبين قد اعتبروا ان الدينامية المستجدة لدى الحريري، على أهميتها، لا يمكن ان تكون منتجة بما فيه الكفاية إذا لم تُستخدم لفتح الابواب على حوار مع الرابية.

من جهته، أكد رئيس الحكومة الاسبق عمر كرامي اشارته الى ان quot;كلام العماد ميشال عون عن وجود رئيس واحد للدولة هو رئيس الجمهورية، إنما يستفز السنة في لبنان بمعزل عن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والموقف منه، ولا سيما اننا نعيش في مناخ طائفي محموم ساهم في تعزيزه قانون الستين الانتخابيquot;. لافتًا الانتباه الى انه quot;بعد اتفاق الطائف أصبح هناك ثلاثة رؤساء، وهذا ما تبينه محاضر المناقشات في الطائفquot;.

كما رأى انه وبمجرد صدور مرسوم التكليف أصبح الحريري هو رئيس الحكومة المكلف وليس النائب المكلف، حتى لو لم يشكل الحكومة بعد ولم تنل الثقة، وهذا ما حصل على سبيل المثال مع الراحل أمين الحافظ الذي أصبح quot;دولة الرئيسquot; وتمتع لاحقًا بكل امتيازات رئيس الوزراء السابق برغم انه لم ينجح في تشكيل الحكومة، بل كُلف فقط بتأليفها. كما رأى انه وبمجرد صدور مرسوم التكليف أصبح الحريري هو الرئيس المكلف وليس النائب المكلف، حتى لو لم يشكل الحكومة بعد ولم تنل الثقة، وهذا ما حصل على سبيل المثال مع الراحل أمين الحافظ الذي أصبح quot;دولة الرئيسquot; وتمتع لاحقًا بكل امتيازات رئيس الوزراء السابق برغم انه لم ينجح في تشكيل الحكومة، بل كُلف فقط بتأليفها.

واستقبل الحريري في بيت الوسط، وزير الشباب والرياضة طلال أرسلان، واستبقاه الى مائدة الغداء. وقال أرسلان ان الموضوع الحكومي استأثر بجزء من النقاش، معتبرا ان quot;هناك ايضاحات عدة مطلوبة من الموالاة والمعارضة، وإن شاء الله تتحلحل الامور كلها، ونصل الى أجوبة حول التساؤلات التي تطرح، لأن لا أحد في المعارضة أو في الموالاة، يريد تأخير عمل الحكومة او تأليفها quot;.

ومع ان لقاء رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري والوزير طلال ارسلان أمس، وفق صحيفة quot;النهارquot;، أثار اجتهادات وانطباعات ذهبت في اتجاه الحديث عن وساطة يتولاها ارسلان بين الحريري والعماد ميشال عون، فان مصادر اطلعت على نتائج زيارة ارسلان للحريري نفت هذه المعلومات وقالت لـquot;النهارquot; إن ارسلان لم ينقل أي رسالة من اي طرف الى الحريري. وأوضحت ان لقاء الحريري وارسلان كان متفقًا عليه سلفًا، وقبل زيارة الأخير للعماد عون أول من أمس. وأشارت الى ان الحديث تناول الشأن الحكومي بما فيه موضوع تمثيل ارسلان والحزب الديمقراطي اللبناني في الحكومة والذي كان في الفترة الأخيرة مثار جدل بين ارسلان وبعض اطراف المعارضة.

وعلى الرغم من إلتزامه بالصوم الكلامي، لم تفت رئيس مجلس النواب نبيه بري في لقائه والنواب أمس، عقب زيارته لقصر بعبدا، الاشارة الى ازدياد عدد الصائمين عن الكلام والتلميح الى ان الأمور على السكة الحكومية لم تتقدم حتى الآن، كأنها تراوح مكانها. وتحفّظ بري عن الاجابة عن اسئلة نواب عن quot;الجهة الاقليمية او الدوليةquot;، التي لم تستقبل بارتياح عودة الحرارة بين الرياض ودمشق. كما اكتفى بعبارة quot;لا أعرفquot; في الاجابة عن استفسارات عن عقدة التأخير في الحكومة. وكتبت quot;المستقبلquot; تقول، أنّ وفدًا من نواب quot;اللقاء الديمقراطيquot; سيزور البطريرك الماروني نصر الله صفير في الديمان اليوم تأكيدًا على الرابطة التي تجمع quot;اللقاءquot; بالكنيسة ومواقفها الوطنية.

في هذا الوقت، استمرّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي في quot;صيامه عن الكلامquot; ونقل عنه نواب quot;لقاء الأربعاءquot; قوله quot;إن حزب الصائمين صار كبيراًquot;، كما نقلوا عن أجوائه أيضًا إصراره على التوافق وأنه quot;سيبذل المزيد من الجهد في هذا الإطار ومن أجل تقريب وجهات النظر بين الجميعquot;.
من جهة أخرى، رشّح نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللواء عصام أبو جمرا نفسه ـ وهو راسب آخر في الانتخابات النيابية ـ لتولي حقيبة الداخلية، وأكد إصرار quot;التيار الوطني الحرّquot; على تلك الحقيبة quot;نظرًا لأهميتها، وإذا لم تكن من حصة التيار فسنطالب بحقيبة الدفاع أو بوزارة الماليةquot;.

واعتبر النائب روبير غانم أن ما اقترحه النائب عون أخيرًا من آليات جديدة فيه مخالفة خطيرة للدستور وتساءل quot;إذا أراد كل فريق أن يسمي ويختار الوزارات التي يريدها ويختار الأشخاص لهذه الوزارات فما هو دور رئيس الجمهورية، وما هو بالتالي دور الرئيس المكلف في تشكيل الحكومة؟quot;.

وكان النائب بطرس حرب قدحمّل أمس quot;التيار الوطني الحرّquot; والنائب ميشال عون مسؤولية عرقلة الحكومة داعيًا التيار إلى quot;العودة عن سلوكه الراهنquot;، كما رأى عضو كتلة quot;المستقبلquot; النائب محمد قباني quot;أن بعضهم يطرح شروطًا تعجيزية للمشاركة في الحكومةquot;، وأن بعضهم quot;يسمي مرشحيه للحكومة كما لو أنه على الرئيس المكلف الأخذ بهذه الأسماء وتوقيع مراسيم تشكيل الحكومة من دون اعتراض على أحد، وهو ما ينطبق أيضاً في رأي هؤلاء على رئيس الجمهوريةquot;. أما القيادي في quot;تيار المستقبلquot; والنائب السابق مصطفى علوش فلفت إلى أنّ quot;موعد ولادة الحكومة ليسَ بعيداًquot;.

من ناحية أخرى، أكد مسؤول منطقة الجنوب في quot;حزب اللهquot; الشيخ نبيل قاووق أن quot;الإسراع في تشكيل الحكومة يعزز قوة لبنان في مواجهة التحديات الخارجيةquot;. وأضاف quot;لا يمكن أن يشغلنا عن المقاومة أي استحقاق داخليquot;. ونقلت صحيفة quot;اللواءquot; عن قيادي بارز في الاكثرية اشارته الى ان مخطط المعارضة الذي يتولى العماد ميشال عون بإيعاز من quot;حزب اللهquot; تنفيذه، ازعج رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قاد عملية الاتفاق على الصيغة السياسية وحمله على الصوم عن الكلام تعبيراً عن هذا الانزعاج.

وأكملت صحيفة quot;اللواءquot; نقلا عن القيادي في الأكثرية اعتباره أنّ كلام رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري حول الصلاحيات يحمل تهديداً مبطناً بأنه لن يبقى طويلاً جالساً في قاعة الانتظار، بل سيعمد قريباً الى تشكيل حكومته وفق الأسس والقواعد التي أطلقها بعد التكليف ويعرضها على الهيئة العامة لمجلس النواب وفق الاصول الدستورية.

من جهة أخرى، نقلت صحيفة quot;اللواءquot; عن مصادر في المعارضة كشفها عن أن الامين العام لـquot;حزب اللهquot; السيد حسن نصر الله أجرى إتصالاً بالعماد ميشال عون قبل المؤتمر الصحافي الذي عقده، وتمنى عليه عدم إقفال الباب أمام رئيس الحكومة المكلف من دون أن يكون ملزماً بالتخلي عن شروطه في التشكيلة الوزارية التي يتعاطف معها شخصياً.

واعتبرت أوساط المعارضة أنّ هذا الاتصال من السيد نصر الله ربما يشكل ممراً لإعادة الاتصال بين الحريري والعماد عون على خلفية الدعوة التي وجهها الحريري للعماد عون قبل خمسة ايام وما زال ينتظر تلبيتها من العماد عون الذي يأخذ على الرئيس المكلف في مكان ما انه يتجاهله وانه لم يعرض عليه حتى الآن اي تشكيلة حكومية.

حدث رومية إعتداء صارخ على أمن الدولة
ونقلت صحيفة quot;الأخبارquot; عن مسؤولين أمنيين رفيعين أن القوى الأمنية عثرت في حوزة المجموعة التي حاولت الفرار من سجن رومية على هاتفين خلويين صالحين للاستخدام، لكنهم نفوا وجود أي دليل على أن الهاتفين كانا موجودين في السجن بعلم أي مسؤول أمني، لافتين إلى أن هذا الأمر يحسمه التحقيق.

ولفت مسؤول في الأمن الداخلي إلى أن فرع المعلومات كان قد قدم دراسة نفذتها مجاناً شركة فرنسية تتضمن تكلفة وضع أجهزة تشويش على الاتصالات الخلوية داخل السجن، فضلاً عن زرع كاميرات مراقبة، وهو ما يكلف 500 ألف دولار، إلا أن quot;الخلافات السياسية بين أعضاء مجلس قيادة المديرية منعت من وضع الدراسة قيد التنفيذquot;.

الى ذلك، قالت quot;السفيرquot; انه وبعد حوالى 24 ساعة على نجاح الموقوف في quot;فتح الاسلامquot; طه أحمد حاجي سليمان في الفرار من سجن رومية، تمكنت وحدة من مغاوير الجيش اللبناني من اكتشاف مكان اختبائه والقبض عليه في أحراج بلدة بصاليم المحاذية للسجن، بعد رصد دقيق وتمشيط واسع، وتردد أن قوة المغاوير عثرت عليه مختبئا وسط الاشواك أو quot;جب البلانquot;، واقتيد على الفور الى مديرية المخابرات في الجيش حيث يخضع الى التحقيق والاستجواب.

وهكذا، يكون الجيش قد نجح في لملمة فضيحة الهروب الكبير والحد من خسائرها، من دون ان يعني ذلك ان الملابسات الامنية والسياسية لعملية الفرار قد طويت، بفعل ما يحيط بها من علامات استفهام وتعجب، تحتاج الى إجابات وتفسيرات.

وادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر على ضابطين ورتيبين وأربعة عناصر من قوى الامن الداخلي من العاملين في سجن روميه في جرم الاهمال في القيام بالوظيفة، وأحالهم الى قاضي التحقيق العسكري المناوب القاضي مارون زخور طالبا توقيفهم. فاستجوبهم القاضي زخور وأصدر مذكرات وجاهية بتوقيفهم سندًا الى مواد الادعاء على أثر فرار السجين من quot;فتح الاسلامquot; طه الحاج سليمان ومحاولة فرار آخرين وإحباط المحاولة.