ابراهيم عوض من بيروت
بعد أقل من ساعتين على اعلان الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري اعتذاره عن عدم متابعة المهمة ، سألت ايلاف عضو quot;كتلة المستقبلquot; النائب محمد قبّاني في حفل افطار كان يحضره ممثلاً الحريري عن الخطوة التالية فأجاب حازماً : quot; إعادة تكليف الحريري الذي سيشكل حكومة لكن لا يسألني أحد متى يتم ذلكquot; . و أبدى اعتراضه على ما سمعه من أحد الحاضرين عن وجود اتجاه لدى الحريري بالعزوف عن خوض معركة التشكيل مرّة ثانية في الوقت الراهن.

ماقاله قبّاني لم يكن مفاجئاً بالتأكيد انما يعكس الانطباع السائد لدى نوّاب المستقبل و فريق الأكثرية يشاركهم في ذلك قسم كبير من المعارضة، بأن عودة الحريري حتمية بدليل ان رئيس مجلس النواب نبيه برّي أعلن صراحة خلال لقائه النواب يوم الاربعاء الماضي انه في حال اعتذر الحريري سيعمد الى اعادة تسميته لتأليف الحكومة. كما أن صاحب الشأن نفسه لم يصدر عنه بعد الاعتذار ما يفيد بابتعاده عن ساحة الترشّح لرئاسة الحكومة المقبلة، و ثمة شرائح واسعة في quot; تيّار المستقبلquot; تعتبر عدم عودة رئيسه الى تشكيل الحكومة اعترافاً بهزيمة الحقتها المعارضة بصورة عامة و رئيس تكتّل التغيير و الاصلاح النائب العماد ميشال عون بصورة خاصة، ليس بشخص الرئيس المكلّف فحسب بل بالطائفة التي يمثـّل و هو أمر غير مقبول على الاطلاق.

و يلفت المراقبون، في هذا الاطار ، الى ما نقل عن لسان الرئيس المكلّف ، خلال لقائه الاخير مع المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل و المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل لجهة قوله بأن هناك من يريد افشاله و ابعاده عن رئاسة الحكومة. و هذا ما أضاء عليه العضو البارز في كتلة المستقبل النائب نهاد المشنوق في حفل الأفطار الذي أقامته جمعية كترمايا الخيرية الإجتماعية غروب أوّل من أمس حيث تحدث عن quot; ان هناك في المعارضة وفي المنطقة من اعتبر انه حان الوقت للاغتيال السياسي لسعد الحريري ولنتائج الانتخابات التي حققها مع حلفائه في لبنانquot;.

واذا كانت مسألة إعادة تكليف الحريري بدت محسومة حتى عقب الإعتذار فإنها لم تعد كذلك اليوم بعد ان صدرت تصريحات عن نواب في كتلة المستقبل وحلفاء لهم في الساعات الثماني و الأربعين الماضية تفيد بأن الحريري عاكف على دراسته للأمر من جميع جوانبه قبل اتخاذه قرار الاستعداد لقبول التكليف ثانيةً من عدمه، على ان يعرض ما توصل اليه على اعضاء كتلته النيابية ومن ثم حلفائه في قوى 14 آذار.


هذه الأجواء عكسها بوضوح عضو كتلة المستقبل النائب الدكتور احمد فتفت بقوله لـquot; إيلافquot; : ان quot; لا قرار نهائياً بعد بشأن تكليف الحريري تشكيل الحكومة المقبلة، وإن كنا في تيار المستقبل نرغب توليه المهمة مرة ثانية quot;. ولم يستبعد اللجوء الى تشكيل حكومة تكنوقراط تعنى بالأمور الحياتية و الاقتصادية و الإجتماعية و المعيشية ، على ان تواكبها هيئة الحوار الوطني بحيث تشكل حكومة اقطاب تتولى البحث في الشؤون السياسية الكبرى. وذكر فتفت بأن اقتراح تشكيل حكومة اقطاب يبقى وارداً ايضا. كما ان منسق الأمانة العامة الـ 14 آذار النائب السابق فارس سعيد طالب بالذهاب الى حكومة أقطاب باعتبارها الحل الأنسب في الوضع الراهن.

وفي استطلاع صحفي شمل قيادات وشخصيات تحمل صفة quot;الاقطابquot; من بينهم الرئيسان سليم الحص وعمر كرامي والوزير طلال ارسلان والنائب بطرس حرب بدا واضحاً عدم ممانعة هؤلاء تأليف حكومة اقطاب شرط ان تحظى على موافقة كافة الأطراف، ويتوفر الانسجام داخلها. وتذكـّر اوساط سياسية مطلعة هنا بما نشر في بعض الصحف عن ان الحريري طرح هذه الفكرة (حكومة اقطاب) خلال لقائه العماد عون في قصر بعبدا الذي رحب بها. الا ان رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط لم يبدُ متحمساً لها وقد نفى عضو كتلته النائب وائل ابو فاعور صحة ما نشر وقال ان الموضوع غير مطروح.

وتربط الاوساط السياسية المطلعة بين تريث الحريري quot;المستجدquot; في مسألة التكليف، وتقدم الحديث عن حكومة اقطاب الى ما صدر عن قيادات في الموالاة والمعارضة حول صورة الحكومة المنوي تأليفها، خصوصاً بعد التساؤلات التي اثيرت بشأن كيفية تعاطي الحريري في حال اعيد تكليفه مع صيغة 15/10/5 إذا ما بقيت سارية المفعول ومع مطالب المعارضة quot;التعجيزيةquot; على حد قوله، والتي أدت الى اعتذاره. وتلفت الاوساط المذكورة الى ان مسارعة الرئيس بري والنائب جنبلاط وكذلك حزب الله الى تأكيدهم التمسك بالصيغة المشار اليها باعتبارها تشكل الأرضية الصالحة للمجيء بحكومة وحدة وطنية، حملت الحريري على مراجعة حساباته والتروي قبل قول كلمته في موضوع التكليف والتأليف، خصوصا بعد ورود معلومات عن رفض بري وجنبلاط لحكومة تكنوقراط من منطلق انها لا تصلح للمرحلة الراهنة كون المشكلة سياسية بامتياز، فيما حكومة الاقطاب وان بدت مقبولة ومرحب بها الا ان دونها عقبات منها امتناع quot;اقطابquot; عن المشاركة فيها لاسباب شتى.