ريما زهار من بيروت: أن تحمل شهادة جامعية في لبنان لا يعني أنك ملكت السلاح لمجابهة مصاريف الحياة الباهظة، او اصبحت أمام تحقيق حلم الارتباط وتأسيس عائلة، فالجامعيون اللبنانيون عند تخرجهم يصابون بخيبة الامل جراء المعاشات الضئيلة التي يكسبونها والتي لا توفر لهم الحياة الكريمة التي حلموا بها على مقاعد الدراسة وهم يتفوقون عامًا بعد عام، ولعل هذا الامر من الاسباب الرئيسة التي تدفع بالكثيرين من أصحاب الشهادات الى التوجه خارج لبنان حيث يجدون فرص عمل أكبر تؤمن لهم معاشات يستحقونها، ولعل هذه المشكلة هي من الاساسيات التي يجب ان يتباحث بها المسؤولون بغية توفير فرص عمل أكبر في لبنان من خلال تأمين معاشات محترمة توفّر للجامعيين المتخرجين حياة أفضل وتمنع بالتالي توجههم الى الخارج.

تقول جوي ( تخرجتفي كلية الآداب ) إنه منذ اليوم الاول لمجيئنا على هذا الكوكب، لا نسمع سوى كلمة علم. فما نلبث أن نبلغ عمر الثلاث السنوات حتى يحملنا أهالينا، ويضعونا في المدارس، ويرسموا لنا مستقبلاً مليئًا بالعلم والمراكز العالية. ندخل الجامعات ونتخرج، وإذا بنا نتسمّر في بيوتنا، أو في مكاتبنا، وبمعاشات يخجل المرء ان يتكلم بها. هذا مع العلم ان الاموال تبذر يمينًا وشمالاً لنتعلم، ولكن ما من أحد يبذر أمواله بطريقة شريفة ومقدّرة ليوظفنا، وتضيف:quot; هذا ما نعانيه، نحن الجامعيون، أجيال الحاضر والمستقبل، ومن كان والده صاحب شركة أو مؤسسة عريقة، يوفّر عليه الكثير من الجهد والتعب. ولكن نحن الذين كافحنا وناضلنا لنحصل على شهاداتنا بشرف، فإذا بنا نرمى في منازلنا، وفي أكثر الحالات نرمى في وظيفة لا تناسبنا، ولكن نسكت، ونخرس فقط لننال لقمة عيشنا، وكي لا نذل ونجبر على الانحراف نحو الطريق السيئ، واسمحي لي، تضيف جوي، أن أوجّه نداء، إلى الحكومات، وإلى كل من يتسلم وزارة في البلاد، أن يفكّر على الاقل بهؤلاء الذين تخّرجوا، والذين يقبعون في منازلهم، فقط لأنهم لا يملكون ما يدعى ويعرف بالـ quot;الواسطةquot;، هؤلاء الذين تهدر حياتهم يومًا بعد يوم، والذين يُقمع ذكاؤهم. أهكذا يكافأ ابن العلم؟

ريشار حلو ( تخرّج مهندسًا ميكانيكيًا ) يقول انه يقبض اليوم فقط 700 دولار وهو يعمل في شركة، وحلمه ان تكون لديه شركته الخاصة، لكنه لن يستطيع تحقيق ذلك في ظل المعاش الذي يقبضه، وهو ينوي مستقبلاً الهجرة من لبنان، لكنه يستطرد:quot;مجالات العمل اصبحت ضيقة حتى في الخارج مع نشوء الازمة العالمية الاقتصادية فمن كان يذهب الى دول الخليج اصبح اليوم يقتنع بالعمل في لبنان، لان مثل هكذا فرص عمل لم تعد مؤمّنة.

رانية عوض (تعمل منذ اكثر من 4 سنوات معلمة) تقول انها لا تطمح بشيء غير ان يصبح لديها معاش محترم خصوصًا وانها ليس بحديثة في مجال العمل، وتضيف:quot;ان تجد وظيفة في لبنان امر جيد خصوصًا مع كثرة المتعلمين، حتى ان سوق العمل لم تعد بالتالي تحتمل كل حاملي الشهادات، لكن يجب ان تعد خطة من قبل المسؤولين من أجل النظر برواتب الموظفين لانها quot;بهدلةquot; بنظرها، ولا تكفي quot;تنكة البنزينquot; خصوصًا وان كل شيء أصبح باهظ الثمن هذه الايام، وتضيف رانيا:quot;أنا أُعين زوجي من خلال راتبي لكنني حتى الآن، وبعد سنة من زواجنا لم أفكر بانجاب الاطفال لان ذلك يتطلب مصاريف كثيرة لا طائل لنا عليها.

باتريسيا ( تتخرج هذا العام من كلية الآداب قسم فرنسي) تقول انها قبل أن تبدأ اختصاصها في كلية الآداب عمدت الى التخصص في الحقوق، غير انها لم تفلح في ايجاد وظيفة كمحامية وطرقت كل الابواب، ما اضطرها الى التوجه الى الآداب علّها تجد مجالاً اوسع فيه، وتقول انها وجدت عملاً في إحدى المدارس لكن المعاش ضئيل، وهي رغم ذلك ترضى به، كي لا تضطر الى الاستدانة مجددًا من أهلها خصوصًا وانها اصبحت في عمر ليس بصغير، ومن كان بعمرها لديه اليوم وظيفته الثابتة مع معاش افضل بكثير من معاشها.

رياض طرابلسي ( يتخرج هذا العام من كلية الطب) يقول ان اعداد الاطباء في لبنان اصبحت اكثر من المرضى انفسهم، ويسود نوع من تحكم الاطباء القدماء بالوظائف في لبنان، فالطبيب الجديد قد لا يجد عملاً، رغم انه كافح ولسنوات عدة للحصول على شهادته، واذا ما توفرت له فرصة خارجية مع quot;معاش محترمquot; كما يقول فانه لن يتأخر عنها.