رأت دراسة أن الأمراض المتمثلة بالقلب والسرطان لا ترتبطبالبدانة او النحاقة بقدر ما ترتبط باللياقة والغذاء السليم .
أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون أميركيون وأوروبيون ان خطر الاصابة أو الموت بأمراض القلب أو السرطان لا يزيد بين اصحاب الوزن الثقيل والسمان عليه بين ذوي الوزن الطبيعي طالما ان عملية التمثيل الغذائي لديهم تجري بصورة طبيعية رغم ارتفاع وزنهم.
درس الباحثون معلومات عن 43265 متطوعا سجلوا في مركز أبحاث خلال الفترة الواقعة بين 1979 و2003. وأجاب المتطوعون عن أسئلة استبيان تتعلق بنمط حياتهم وتاريخهم الطبي وخضعوا أيضا لفحوص بدنية واختبارات للدم وفحصهم على جهاز السير الكهربائي لقياس مستوى لياقة القلب والأوعية الدموية. وصنف الباحثون مجموعة البدناء في عينة المتطوعين على أنهم اصحاء بقدر تعلق الأمر بعملية التمثيل الغذائي إذا كانوا ، باستثناء وزنهم ، لا يعانون من مقاومة الانسولين والسكري وهبوط مستوى الكولسترول الحميد ومن الدهون الثلاثية وارتفاع ضغط الدم. وتأهل نحو نصف المتطوعين البدناء بوصفهم أصحاء من ناحية التمثيل الغذائي.
وبالمقارنة مع البدناء الذين سُجل لديهم مؤشران على الأقل من المؤشرات المذكورة أعلاه الى اعتلال الصحة فان خطر الموت المبكر لأي سبب يقل بين البدناء لكنهم أصحاء من ناحية التمثيل الغذائي يقل بنسبة 38 في المئة. وفي الحقيقة ان خطر الموت بين البدناء لكنهم يتمتعون بلياقة لا يزيد عليه بين المشاركين ذوي الوزن الطبيعي والأصحاء من ناحية التمثيل الغذائي.
وتتناقض هذه النتائج مع الاعتقاد الشائع بأن الوزن بحد ذاته مؤشر الى الصحة بل تبين ان مستوى اللياقة البدنية للشخص ايضا مهم بالاضافة الى وزنه أو وزنها. ونقلت مجلة تايم عن الدكتور تيموثي تشرتش الذي شارك في إعداد الدراسة ان الوزن يكون قضية كبيرة حين يقترن بشذوذ في عملية التمثيل الغذائي. وعندما يكون المرء صاحب وزن زائد مع مقاومة الانسولين أو وزن زائد مع ارتفاع ضغط الدم أو وزن زائد مع كولسترول ضار ، تكون لديه مشكلة في هذه الحالة. ومن البديهي انه كلما زاد الوزن وكلما أفرط المرء في البدانة زادت احتمالات اصابته بخلل في العملية التمثيلية ، بحسب الدكتور تشرتش.
وتتفق الدراسة الجديدة مع أبحاث أخيرة بينها دراسة قُدمت مؤخرا في مؤتمر الجمعية الاوروبية لطب امراض القلب وجدت بالاستناد الى 14 عاما من المعلومات التي جمعها مسح اجراه مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها ان البدانة ، حين يتعلق الأمر باحتمالات الموت المبكر ، قد لا تكون مهمة بقدر اهمية الاماكن التي تتوزع عليها الشحوم في الجسم. وبحسب الدراسة فان احتمالات الموت المبكر بين أصحاب الوزن الطبيعي ولكن لديهم كرشا تزيد مرتين على احتمالاتها أصحاب الوزن الطبيعي من دون كرش. كما ان احتمالات الموت بين الأشخاص الذين لديهم كثير من الشحوم المتركزة في منطقة البطن تكون أعلى منها بين الأشخاص البدناء في كل مناطق الجسم.
وأضافت دراسة اخرى نُشرت في آب(أغسطس) أدلة جديدة الى ما تُسمى مفارقة البدانة بعد ان وجدت ان بين المصابين بالسكري من النوع الثاني يعيش البدناء أطول من أقرانهم النحفاء. وعلى الغرار نفسه اكتشف باحثون بعد دراسة نحو 65 الف مصاب بمرض القلب ان احتمالات الموت كانت أقل بين البدناء وذوي الوزن العالي منها بين ذوي الوزن الطبيعي أو الأقل من الطبيعي وان احتمالات الموت كانت الأعلى بين مرضى القلب ووزنهم أقل من الطبيعي.
ويكمن السبب في عملية التمثيل الغذائي واللياقة البدنية. وأوضح الدكتور تشرتش ان أكبر مستهلك للسكر في جسم الانسان هي العضلات التي تتسم بأهمية بالغة للكثير من المتغيرات ذات العلاقة بالتمثيل الغذائي مثل السكر في الدم. وبالتالي فان من المنطقي ان تكون عملية التمثيل الغذائي لدى صاحب اللياقة البدنية أحسن بكثير منها لدى من يفتقرون الى اللياقة البدنية.
ولهذا السبب يمكن لبعض ذوي الأوزان الثقيلة ان يكونوا اصحاب لياقة من الداخل واصحاء حتى أكثر من اقرانهم الأنحف. وقال تشرتش ان كثيرين يلتزمون بحمية غذائية لكنهم لا يمارسون تمارين بدنية لخفض الوزن ، قد يصلون تقنيا الى الوزن quot;الصحيquot; ولكن مستوى لياقتهم لا يتناسب مع انخفاض وزنهم. وهم قد يبدون رشيقين من الخارج ولكن يبقى لديهم الكثير من الدهون الحشوية أو دهون البطن والقليل من العضلات في الداخل. والمفتاح هو ما دأب الأطباء وخبراء الصحة العامة على قوله منذ البداية ، أي ممارسة التمارين البدنية سواء أكان المرء نحيفا او بدينا.
وقال الدكتور تشرتش ان المرء لا يحتاج الى عمل الكثير لتحقيق اللياقة البدنية. ويتطلب تحقيق اللياقة نحو 30 دقيقة من المشي خمسة ايام اسبوعيا في المتوسط. ولا يحرق مثل هذا النشاط البدني الكثير من السعرات بل من السهل ان يكون المرء بدينا من الناحية الفيزيولوجية وصاحب لياقة من الناحية البدنية في الوقت نفسه.
وتوصي السلطات الصحية الفيدرالية في الولايات المتحدة بما لا يقل عن 2.5 ساعة من التمارين الهوائية المعتدلة اسبوعيا.قصارى القول ان نتائج هذه الدراسات ليست ذريعة لبقاء المرء بدينا. وعلى الرغم من ان الأبحاث تشير بصورة متزايدة الى ان زيادة الوزن وحدها قد لا تؤدي بالضرورة الى المرض أو الموت المبكر فان البدانة تزيد احتمالات التعرض الى عوامل خطر أخرى تتعلق بعملية التمثيل الغذائي بما يسهم في الاصابة بأمراض مزمنة إذا كان وزنك يزيد على الحد المطلوب صحيا.
التعليقات