يركز الخبراء في السنوات الأخيرة على تحقيق حلم اطالة العمر من خلال مكافحة امراض ترافق الشيخوخة بشكل عام مثل امراض القلب والسرطان والسكري والخرف، بدلا من معالجة الشيخوخة نفسها او تأخيرها.


ميسون أبو الحب: لا أحد يفلت من الموت ولكن ان يعيش المرء حتى الثمانين مثلا افضل من ان يعيش اقل من ذلك لانه قد يشعر بالرضا بشكل اكبر من فترة وجوده في الحياة.

أظهرت مجموعة دراسات نشرتها مجلة علوم ان تجارب عديدة اجريت على تأخير الشيخوخة من خلال التحكم بآلية عمل الخلايا نفسها.

وكتب مات كابرلاين استاذ الباثولوجي في جامعة واشنطن مع زملائه في مقدمة لهذه الدراسات يقول "التقدم في العمر هو اكبر خطر يواجه الانسان لانه سبب الموت الرئيسي في الدول المتقدمة".

يضيف: "ومع ذلك، ركزت اغلب الابحاث البيولوجية على الامراض بشكل منفصل دون الاهتمام بالعلاقة بين المرض والشيخوخة".

ولاحظت صحيفة التايم ان هذه حرب جديدة يخوضها المختصون على جبهات عدة لمكافحة الامراض المرتبطة بالتقدم بالعمر مع مكافحة الشيخوخة ويبدو ان العلماء حققوا بعض التقدم في عدد من المجالات.

الميكروبات المعوية

هناك ترليونات من البكتريا داخل الجهاز الهضمي في جسم الانسان وهي مفيدة لانجاز عملية الهضم. ولكن ومع التقدم في العمر يختلف تكوين هذه البكتريا ويلاحظ تزايد لنوع من البكتريا يسمى باكترويدز& bacteroides وعادة ما تكون نافعة طالما ظلت داخل الجهاز الهضمي ولكنها تتحول الى سم قاتل إن تسللت الى انسجة اخرى إذ قد تسبب التهابات بشكل خاص.

ولاحظ الخبراء بشكل عام ان تغير تركيبة البكتريا داخل الجهاز الهضمي يؤثر على المناعة وعلى الوظيفة الادراكية وعلى النسيج العضلي وهذه كلها من اعراض الشيخوخة.

ومع ذلك يعتقد علماء ان قضية هذه البكتريا سهلة وبسيطة مقارنة بمشاكل اخرى ترافق التقدم في العمر.

التيلوميرات

هذه تكوينات تسمى ايضا التقسيمات الطرفية وتقع عند اطراف الكروموسومات وتقصر كلما تقدم الانسان في العمر ما يؤدي الى ضعف مقاومة الانسان للامراض.

وتقول اليزابيث بلاكبيرن من جامعة كاليفورنيا والحائزة على جائزة نوبل للطب في دراسة نشرتها مجلة علوم إن وتيرة تقلص التيلوميرات تعتمد على الموروث الجيني للشخص بنسبة تتراوح بين 30 الى 80 بالمائة اما النسبة المتبقية فتعتمد على متغيرات خارجية مثل نوع الطعام وتلوث البيئة والرياضة والتوتر والاجهاد.

ويعني هذا ان تحسين نوع الاغذية وتكريس وقت اطول للرياضة ومحاولة التقليل من الاجهاد والتخلص من الملوثات قد يحسن الصحة.

ولكن، ايا كان السبب وراء تقلص طول التيلوميرات فيجب توفر انزيم يزيد طولها يعرف باسم التيلوميراز غير ان التحكم بهذا الانزيم مسألة فيها خطورة.
وتقول بلاكبيرن التي اكتشفت وجود هذا الانزيم إن ما بين 80 الى 90 بالمائة من الاورام الخبيثة سببه تخلخل في افراز هذا الانزيم.

ومع ذلك يعتقد خبراء ان التحكم بهذا الانزيم قد يعطي الامل في مكافحة الشيخوخة بشكل فاعل شرط السيطرة على النتائج الخطيرة المرافقة له. وهو ليس بالامر السهل ولذا يبقى ذلك تحت اسم امل فقط.

الخلايا الجذعية

عمال البناء داخل الجسم هم هذه الخلايا الجذعية التي تستطيع اعادة تكوين الاعضاء واعادة بناء انظمة اخرى لانها تتحول الى اي نسيج يحتاج اليه الجسم.

وعادة ما يضعف انتاج هذا النوع من الخلايا ويضعف أداؤها مع التقدم في العمر وهو ما يؤدي لاحقا الى ضعف في مختلف اعضاء الجسم.

ويمكن للملوثات البيئية والسموم والطعام السيئ والتعرض لاشعة الشمس ان تلحق اضرارا بهذه الخلايا ولكن هناك وسيلتان لمنع ذلك او على الاقل لإبطاء تلف هذه الخلايا او موتها.

إذ أظهرت تجارب عديدة ان خلايا جذعية مأخوذة من عضو متقدم في السن تستعيد حيويتها عندما يتم حقنها في عضو ما يزال شابا والعكس صحيح. اي ان الخلايا الشابة تتعرض الى التلف عند حقنها داخل عضو متقدم في السن.
&
ونحصل على النتيجة نفسها عند حقن بلازما او مكونات دم تؤخذ من شباب في اجسام متقدمين في السن.

هذا ولوحظ أنه في حالة تعرض الخلايا الجذعية الى تلف بسبب نوعية الطعام او الاجهاد او قلة ممارسة الرياضة لدى اشخاص في مقتبل العمر يمكن تغيير الامور والتخلص من هذا التلف عند تغيير نمط الحياة وهو أمر لا ينطبق تماما بشكل كامل على المتقدمين في السن.

انهيار الميتوكوندريا

هذه حجرة مكائن صغيرة تقع داخل الخلايا المسؤولة عن تأييض الطاقة والحفاظ على الخلايا حية وهي مهمة الى درجة ان العلماء يعتقدون ان لها جهازا او عضوا خاصا يحركها. ومن المعتقد ان لها ايضا حمضا نوويا خاصا بها.

لكن هذا الجهاز يبدأ بالتلف مع التقدم في العمر وهو ما يؤثر على مجمل الطاقة والحيوية لدى الانسان. لكن الخبر الجيد هنا هو ان الباحثين بعرفون ان هذا المكون يؤدي دورا أساسيا في عملية التقدم في العمر اما الخبر السئ فهو ان وقف تلف هذا المكون لا يؤدي الى وقف عملية الشيخوخة.

وهنا يعتقد خبراء ان تلف الميتوكوندريا له علاقة بطريقة عمل البروتينات التي لها وجود كثيف داخل هذا الجهاز إذ لوحظ ان عمل هذه البروتينات اقل فعالية لدى كبار السن.

وتمكن علماء من التدخل في هذه العملية وتحسين اداء البروتينات لدى الديدان غير انهم لم يلاحظوا تحسنا في عمر الحيوان.

وانتهى واضعو هذه الدراسة الى خلاصة مفادها ان تلف الميتوكوندريا من عدمه لا يؤثر لوحده على التقدم في العمر ولكنه يؤدي دورا مهما رغم ذلك.

بقي ان يتوصل الخبراء الى تحديد معالم هذا الدور كي يحققوا بالنتيجة حلم البشرية كلها وهو وقف التقدم في العمر او ابطاؤه على الاقل.