إيلاف من موسكو: في شقته الفاخرة بأحد أبراج موسكو، يقف بشار الأسد محدقًا عبر نافذة زجاجية شاهقة، بعيدًا عن دمشق التي حكمها بقبضة من حديد. لم يعد الجنرالات مصطفّين أمامه، ولم يعد بإمكانه إصدار الأوامر بلمحة بصر. تقرير نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" يكشف كيف أن الأسد، الذي أُخرج بأمر مباشر من فلاديمير بوتين، لم يكرر خطأ القذافي، بل استعد جيدًا ليوم السقوط، فنقل أمواله وهرب قبل أن تدركه النيران.

أموال مهربة وقصور في موسكو
لم يكن الأسد ينتظر أن تنهار دمشق فوق رأسه. منذ أكثر من عقد، بدأ في تهريب ثروته إلى روسيا، حيث ضخّ الملايين في سوق العقارات الفاخرة. مصادر الصحيفة تؤكد أن عائلته تمتلك 19 شقة فارهة في موسكو، بعضها في "مدينة موسكو" الفاخرة، حيث تصل أسعار الشقق إلى 5 ملايين دولار.

أحد الوسطاء العقاريين في موسكو كشف: "لم يكن هناك أي مساومة على الأسعار، الأسد كان يريد الأفضل ويدفع نقدًا، وكأنه يعلم أن المنفى قادم لا محالة".

250 مليون دولار على متن طائرات عسكرية
لم يكن خروج الأسد ارتجاليًا، بل جاء بعد عمليات تهريب مالية ضخمة. تقرير الصحيفة يكشف أن 250 مليون دولار نقدًا، أي ما يعادل طنين من الأوراق النقدية، تم نقلها إلى موسكو عبر 20 رحلة جوية عسكرية. بينما كان خصومه يعدّون له نهاية دامية، كان هو يؤمّن ملاذه الفاخر، متأكدًا أن المال وحده سيشتري له حياة جديدة.

لماذا يعيش الأسد في الظل؟
رغم ثروته الضخمة، لا يظهر الأسد في المناسبات العامة، ولا في اجتماعات موسكو السياسية. تقرير الصحيفة يرجّح أن غيابه ليس خيارًا، بل تعليمات صارمة من الكرملين، إضافة إلى هاجس الاغتيال الذي لا يفارقه.

مصدر أمني روسي أكد: "الأسد ليس مجرد لاجئ سياسي، إنه ملف حساس. نصف جهاز الأمن الفيدرالي الروسي مكلف بحمايته". مخاوفه مبررة، فهناك مقاتلون سابقون من الجماعات الجهادية يتجولون في روسيا، بعضهم قد يرى في اغتياله "قصاصًا مؤجلًا".

أسماء في عزلة طبية.. وحافظ يمهد لوراثة النفوذ
بينما يراقب الأسد من شرفته الفارهة، تعيش زوجته أسماء في عزلة تامة داخل أحد المستشفيات الراقية في موسكو، بعد أن تفاقم مرضها بسرطان الدم. المصادر تشير إلى أن وضعها الصحي أصبح أكثر خطورة، مما أجبرها على الانعزال التام عن أي تواصل خارجي.

أما حافظ الأسد، الابن الأكبر، فهو الأكثر تأقلمًا مع الحياة الروسية. أكمل دراسته للدكتوراه في جامعة موسكو الحكومية، ويبدو أنه يجهّز نفسه ليكون الوجه الجديد للعائلة، بعدما أصبح مقربًا من الأوساط الروسية النافذة.

المال هو السلطة الجديدة
بعيدًا عن المشهد السياسي، بدأ الأسد بتحريك ثروته داخل روسيا. التقرير يكشف أن ابن عمه، إياد مخلوف، أسس في 2022 شركة عقارية في موسكو، والتي وصفتها الصحيفة بأنها "واجهة واضحة لأموال الأسد".
أحد المراقبين الروس قالها بوضوح: "الأسد خسر عرشه، لكنه يشتري النفوذ بالمال. هذا هو سلاحه الجديد".

نادي الديكتاتوريين المخلوعين
موسكو لم تعد مجرد عاصمة، بل أصبحت الملاذ الأخير للزعماء المخلوعين. الأسد ليس وحيدًا، فهو يتشارك المنفى مع فيكتور يانوكوفيتش، الرئيس الأوكراني السابق الذي لجأ إلى روسيا بعد سقوطه عام 2014.
أحد الصحافيين الذين أعدوا التقرير قالها بجرأة: "القاعدة في موسكو واضحة: إذا كنت ديكتاتورًا مخلوعًا، فابقَ صامتًا. الأسد فهم الدرس، ولهذا السبب لا يظهر علنًا ولا يُسمع عنه شيء".

الأسد لم يعد رئيسًا، لكنه لم يعدم الوسائل ليبقى في اللعبة، وإن كان ذلك خلف كواليس موسكو، حيث تُباع السلطة لمن يملك المال والشبكات المناسبة.

*أعدت إيلاف التقرير عن "إسرائيل اليوم": المصدر