رأى عدد من المحللين السعوديين أن قرار عودة السفراء الخليجيين إلى قطر، نقطة تحول هامة، ستبدد المخاوف من انهيار مجلس التعاون الخليجي، معددين الأسباب التي أدت إلى الوصول لهذه النهاية السعيدة لأزمة استمرت على مدى ثمانية أشهر.


الرياض: أكد عدد من المحللين السعوديين، أن عودة سفراء كل من السعودية والبحرين والإمارات إلى العاصمة القطرية الدوحة بعد ثمانية أشهر من القطيعة، كانت بمثابة خطوة مفصلية ومصيرية ضمنت عدم انهيار مجلس التعاون الخليجي، مشيرين إلى أن أبرز الدروس التي خرجت منها هذه التجربة هو &الحذر من التصعيد الذي قد يؤدي إلى عواقب خطيرة مع أهمية فسح المجال أمام حيوية القبول بالخلاف والتنسيق في المشتركات.

وكانت القمة الخليجية الاستثنائية التي استضافتها العاصمة السعودية أمس الأحد16 نوفمبر، قد أقرت عودة &السفراء إلى الدوحة، حيث أكد بيان مشترك أنه تم الاتفاق على عدة أمور اعتبرت بمثابة وضع النقاط فوق الحروف.

وذكر البيان أنه بناء على دعوة كريمة من &الملك عبد الله بن عبد العزيز، اجتمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي و توصلوا إلى اتفاق تكميلي يعد&إيذانا بفتح صفحة جديدة ستكون مرتكزا لدفع مسيرة العمل المشترك.

وانعقد الاجتماع برعاية العاهل السعودي، الملك عبد الله بن عبد العزيز،&وبحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، والشيخ محمد بن زايد، فيما تغيبت سلطنة عمان عن الاجتماع.&

الاهتمام بقضايا الخليج

المحلل السياسي جمال خاشقجي، رئيس قناة العرب، أوضح أن منظومة مجلس التعاون الخليجي كانت على المحك حيث كانت بين خيارين، إما أن تستمر الخلافات وينهار المجلس، أو &تجاوز الخلافات واستمرار العمل الخليجي المشترك، مشيرا في حديثه لـ"إيلاف" إلى أن خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز، &تبنى منذ أشهر الخيار الثاني وسعى بشكل دؤوب إلى إكمال هذا الاتفاق إلى أن تحقق له النجاح، بعد خلافات غير مسبوقة &وصلت إلى حد القطيعة

وشدد خاشقجي على أهمية تنظيم الخلافات بين الأشقاء، وما يحصل من اختلافات في وجهات النظر بين الدول الصديقة أمر طبيعي، مبيناً أن الدول الأوروبية غير متفقة على كل شيء، لكنها لا تأخذ خلافتها إلى سقف القطيعة.
&
وأضاف قائلا: من يعتقد أن دول الخليج يمكن أن تتوافق على كل شيء بنسبة 100%، فهو واهم، لأن هذا ينافي طبيعة الأمور، لذلك حسنا فعلت دول الخليج في منع تفاقم المشاكل "غير البينية" أي التي ليست بين دولة خليجية ودولة أخرى، والاستمرار في طريقهم .

وحول اختلاف السياسات الخارجية، قال خاشقجي انه ما لم تنحز دولة خليجية&إلى طرف أجنبي ضد دولة خليجية&أخرى - وهذا لم يحدث -&لا بأس باختلاف وجهات النظر الخارجية، حيث شدد بأن على دول مجلس التعاون أن تعود إلى القضايا التي أهملتها فهناك ضغوط سياسية وتحديات أمنية واقتصادية، "وبالتالي نحتاج أن نعيد الاهتمام بملف&توحيد الأسواق الخليجية والتعاون الأمني وغيرها، وهذه كلها أفكار عظيمة كانت موجودة في أدراج مجلس التعاون يجب أن يعود الاهتمام بها".

السياسات الخارجية

الإعلامي والكاتب في صحيفة الوطن السعودية، عبد العزيز قاسم، قال إن الخلافات بين الأشقاء الخليجيين كانت ذات تباين واضح، فدولة قطر كانت تسير على خطوات تركيا في دعم تنظيم الإخوان المسلمين والربيع العربي ، فيما كانت السعودية والإمارات ضد هذا التوجه، بينما اختطت الكويت وعمان موقفا وسطا لم يكن واضحا بشكل كبير.

وأشار قاسم في حديثه لـ "إيلاف" إلى أن تلك التباينات في السياسة الخارجية انعكست خلافا حادا داخل المجلس، لكن كعادة المملكة التي تعتبر الأخ الأكبر استطاعت احتواء الموقف بين ابوظبي والبحرين من جهة والدوحة من جهة ، ولعل هناك بنود سرية نأمل أن تساهم في توحيد الرؤى في المستقبل

وحول أبرز الأسباب التي قد تكون عجلت&في المصالحة ، أوضح عبد العزيز قاسم أن المهددات الأمنية بالتأكيد كانت أحد ابرز الأسباب، فالمنطقة تعيش حالة استثنائية وهناك قوى متطرفة تتربص بالخليج ، فضلا عن العامل الاقتصادي و انخفاض أسعار النفط &الذي يستدعي توحيد الرؤى والجهود.

وأردف قائلا: انسحاب بعض دول الخليج من منظومة مجلس التعاون الخليجي، كان مهددا بارزا ، حيث لو تم لكان بمثابة الكارثة ما سيؤدي إلى تفكك المنطقة و توالد تحالفات جديدة من دول خارجية كانت بلا شك لتكون مصدرًا للقلق والتوتر ينعكس على المنطقة وشعوبها بأسرها.

التنسيق في المشتركات

من جهته، أكد المحلل السياسي مهنا الحبيل أن الانفراج الذي حصل في الأزمة الخليجية مهم جدا، خاصة بعد أن تبين للجميع أن تفاقم الأزمة ليس من صالح احد، حيث تسبب بتعكير الأجواء الشعبية، مشيرا في حديثه لـ "ايلاف" إلى أن تحوّل المملكة إلى موقف الوسيط هو ما ساعد على تحقيق المصالحة وهو الدور الطبيعي للرياض والذي ساعده مبادرة الشيخ صباح وسعيه المتواصل لإنهاء الملف.

وبيّن أن المصالحة قد يتبقى منها بعض الخلاف بين عضوين في المجلس لتباين السياسات ووجود رواسب ليست بالهيّنة لكن &للزمن دوره في إزالة هذه الرواسب.

كما بين الحبيل، إن ابرز الدروس التي يمكن أن تخرج بها دول الخليج من هذه التجربة، هو الحذر من التصعيد الذي قد يؤدي إلى عواقب خطيرة وفسح المجال أمام حيوية القبول بالخلاف والتنسيق في المشتركات، خاصة أمام قمة الدوحة التي لديها ملفات مراجعة ضخمة منها موقف دول الخليج العربي في حرب داعش، والتي من الواضح أن إيران هي الشريك المستفيد لواشنطن وليس الخليج العربي الذي قد تستنزف أمواله دون حصيلة إستراتيجية مفيدة لأمنه القومي.