يبدو أن وزير الدفاع الاميركي الجديد سيرث مشكلة قديمة وشائكة، هي علاقة باراك أوباما الصعبة بالجيش ووزراء دفاعه. فالجنود الذين ما زال يرسلهم إلى ساحات القتال ينتظرون من الرئيس قصة تبرر تضحياتهم.
إعداد عبد الاله مجيد: قال مسؤولون كبار في الادارة الأميركية إن الرئيس باراك أوباما اختار العالم الفيزيائي آشتون كارتر مسؤول المشتريات العسكرية السابق في البنتاغون لتولي وزارة الدفاع بعد استقالة أو إقالة تشاك هيغل الاسبوع الماضي.
&
لكن مراقبين لاحظوا ان وزير الدفاع الجديد سيرث مشكلة قديمة وشائكة هي علاقة أوباما الصعبة بالجيش ووزراء دفاعه الذين كثيرا ما كانوا يشككون في حماسته والتزامه بمهمة الجيش. فان أوباما، القائد العام للقوات المسلحة، الذي تعهد إنهاء حربي الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، عليه أن يجد ما يشحذ همم جنوده الذين ما زال يرسلهم إلى ساحات القتال. وإذ يرى هؤلاء الجنود مآلات حرب الولايات المتحدة في هذين البلدين، يتساءلون عما إذا كانت السنوات الاثنتي عشرة الماضية من الحرب تستحق ما قُدم من تضحيات.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مدير مشروع ترومان للأمن القومي مايك برين "أن الجيش والمحاربين القدماء ينظرون إلى الرئيس كي يعطيهم قصة تبرر تضحياتهم. وهم يسألون "من أجل ماذا وهبتُ العقد الأخير من حياتي؟".
أسئلة لن يجيب عنها كاتر
وقد لا يستطيع وزير الدفاع الجديد آشتون كارتر أن يجيب عن هذه التساؤلات رغم أنه أمضى شطرًا كبيرًا من حياته المهنية قريبًا من الجيش والبنتاغون ومعروف بكونه تكنوقراطيًا واسع الاطلاع على برامج التسلح في وزارة الدفاع وعملية تموليها.
كما أن كارتر لم يكن من مخططي استراتيجيات الحرب في العراق وأفغانستان وبخلاف سابقيه لم يخدم يوماً واحداً في الجيش. ولعله يتولى وزارة الدفاع في وقت عصيب على الجيش الأميركي الذي يواجه استقطاعات كبيرة في ميزانيته ومجاهيل بشأن مصير حربه في أفغانستان وينفذ مهمة عسكرية في سوريا والعراق قال مسؤولون في البنتاغون انها يمكن ان تستمر سنوات.
والأرجح أن تزداد هذه التوترات التي سيرثها كارتر حدة خلال ولايته. وحاول البيت الأبيض يوم الثلاثاء التقليل من شأن المشكلة بتصريح المتحدث الرسمي جوش ايرنست الذي قال "إن هناك دائماً بعض التوتر الطبيعي بين البنتاغون والبيت الأبيض".
قضيتان خاسرتان
والمعروف عن الرئيس أوباما أنه استخدم الطائرات بدون طيار ضد تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات الجهادية أكثر من الرئيس السابق جورج بوش في بلدان مثل باكستان واليمن والصومال.
ولكن مثل هذا التوجه قد لا يكون مجديًا لتهدئة الجنود والضباط الذين خدموا أكثر من مرة في العراق وأفغانستان. وقال الجنرال المتقاعد ديفيد بارنو قائد القوات الأميركية السابق في أفغانستان لصحيفة واشنطن بوست "ان البعض في الجيش ينظرون بعدم ارتياح بالغ إلى كون هذين الحربين على وشك ان تصبحا قضيتين خاسرتين".
من الحرب إلى السلام
وكان المفترض أن يقود تشاك هيغل عملية الانتقال من الحرب إلى السلام بسلاسة ولكنه واجه صعوبة في اختراق حلقة أوباما الداخلية وكان مسؤولون كبار في الادارة ينتقدونه قائلين انه لا يحسن تمثيل سياسات الرئيس.
في كارتر اختار أوباما شخصًا أوسع اطلاعًا على دواخل البنتاغون ويُفترض به أن يكون قادرًا على إدارة أكبر جهاز بيروقراطي في واشنطن بكفاءة أعلى. ورغم أن كارتر لم يخدم في الجيش فانه تمكن من إقامة علاقات متينة مع العديد من القادة العسكريين خلال السنوات الماضية.
كما يُرجح أن يكون كارتر مدافعًا أقوى عن وجهة نظر الجيش في البيت الأبيض من هيغل الذي كان بعض المسؤولين في وزارة الدفاع ينتقدونه قائلين انه كان احياناً يفتقد إلى المعرفة العميقة بالقضايا التي تواجه الجيش بخلاف سابقيه.
تنقصه الحماسة!
ولكن اختيار كارتر لن يبدد الاحساس السائد بين بعض الضباط الكبار بأن الرئيس كثيرًا ما تعوزه الحماسة لمهمتهم. ففي أفغانستان أعطى أوباما الأولوية لخفض القوات الأميركية خلال العامين الأخيرين من ولايته. ويُراد بالاطار الزمني الذي فرضه البيت الأبيض فرضاً أن يحدَّ من طموحات القادة العسكريين ويثبت وفاء أوباما بالوعد الذي قدمه للشعب الأميركي بانهاء أطول نزاع في تاريخ الولايات المتحدة.
ويقول مسؤولون في البيت الأبيض إن المواعيد التي حددها الرئيس تعكس اهتمامه بالجنود وعائلاتهم. وأكد مسؤول في البيت الأبيض طلب عدم كشف اسمه "ان من أصعب القرارات التي يتعين على الرئيس ان يتخذها هو قرار ارسال جنودنا في طريق الأذى ولا أحد يأخذ هذه المسؤولية بجدية كما يأخذها الرئيس أوباما".
ولكن كثيرين في الجيش يرون أن المعارك المديدة بشأن حجم القوات التي ستبقى في أفغانستان تشير إلى تدخل البيت الأبيض في أدق التفاصيل والجزئيات. وتساءل قائد عسكري خدم عدة مرات في العراق وأفغانستان طالبًا عدم كشف اسمه "متى أصبح طبيعياً الاعلان قبل سنوات عن عدد الجنود الذين ستدفع بها إلى نزاع ما وتعتقد ان هذا يعطيك أفضلية؟".
ممانعة أوباما
وفي العراق وسوريا حيث تشارك مروحيات حربية أميركية في الضربات الجوية ضد داعش ويعمل مستشارون عسكريون أميركيون مع الجيش العراقي أكد الرئيس أوباما ان الجنود الأميركيين لن يشاركوا في عمليات قتالية.
ولكن البعض في الجيش الأميركي يرى أن اصرار البيت الأبيض على الاشارة إلى القوات الأميركية في العراق على انها قوات غير قتالية يعكس جهلا بالثقافة العسكرية وممانعة من جانب الرئيس عن الاعتراف بأن الولايات المتحدة عادت تخوض حرباً في العراق وسوريا حيت تقاتل عدوا شرسا.
وقال الجنرال المتقاعد والباحث حاليا في مركز الأمن الأميركي الجديد ديفيد برانو ان عدم تسمية المهمة التي تقوم بها القوات الأميركية في العراق مهمة قتالية يقلل من شأن المخاطر التي تواجه هؤلاء الجنود.
التعليقات