برلين: رغم سنواتها التسع في الحكم لا تزال المستشارة الالمانية انغيلا ميركل في اوج شعبيتها، وينتظر ان يجري تنصيبها مجددا على رأس حزبها المحافظ الذي تطغى عليه بشخصيتها.

ويبدو ان هناك نقطة واحدة على جدول اعمال مؤتمر الاتحاد المسيحي الديموقراطي، الذي سينعقد في كولونيا (غرب) يومي الثلاثاء والاربعاء هي ميركل. وقال المحلل السياسي تيلمان ماير من جامعة بون (غرب) "ان ذلك سيكون استفتاء للمستشارة"، موضحا "ان المندوبين سيعطون مباركتهم للسياسة التي تنتهجها". وانغيلا ميركل (60 عاما) هي المرشحة الوحيدة لخلافة نفسها على رأس حزب تتزعمه منذ 14 عاما، ويعتبر ركنا مهما في الحياة السياسية الالمانية لما بعد الحرب.

في هذا الاطار لفت ينس فالثر من جامعة دوسلدورف (غرب) الى ان المؤتمر "سيدور حول المستشارة ونجاحاتها". واثناء اعادة انتخابها على رأس الاتحاد المسيحي الديموقراطي في العام 2012 حققت ميركل افضل نتيجة لها (97,94% من الاصوات) منذ وصولها الى رأس هرم الحزب في العام 2000 مع انتهاء عهد هلموت كول.

ومنذ ذلك الحين بدأت الزعيمة الالمانية ولايتها الثالثة كمستشارة مع شعبية لا تزال في اوجها. وهي تحصد 67% من الاراء الايجابية في اخر استطلاع شهري للمحطة التلفزيونية العامة اي ار دي، وتبدو بذلك بدون مزاحم لخوض الانتخابات التشريعية، المرتقب اجراؤها في 2017 في حال ترشحها مجددا. وبحسب استطلاع نشرته نسخة الاحد من صحيفة بيلد اليومية، فان 56 بالمئة من الالمان يرغبون في حكومة رابعة لميركل.

وفي مجلس النواب، يحظى الاتحاد المسيحي الديموقراطي وحده بنحو نصف المقاعد (311 مقعدا من اصل 631)، مقابل 193 للحزب الاشتراكي الديموقراطي. وقد اضطرت ميركل على اثر الانتخابات التشريعية في ايلول/سبتمبر 2013 لتشكيل "ائتلاف كبير" مع الخصم الاشتراكي الديموقراطي، لكنها لا تزال تجني فوائد "زواج العقل" ذلك الذي يرضي 53% من الالمان، بحسب استطلاع لمؤسسة انفراتيست-ديماب.

وفي المشهد السياسي الالماني "يسود حاليا مناخ تهدئة كبيرة"، على ما قال& تيلمان ماير، مضيفا "يمكن ان تحسد المانيا لمناخ التهدئة هذا، لانه يمكن الحكم بهدوء هنا، لكن يمكن التساؤل عما اذا كان مستحسنا على المدى الطويل ان لا يكون هناك اي جدال". ففي خضم الازمة التي تعيشها اوروبا، نجحت ميركل في فرض وجهات نظرها، فارغمت بلدان الجنوب المديونة على اتخاذ تدابير تقشفية قاسية تسببت احيانا بمعاناة الشعب واثارت معارضة شديدة.

ولفت ماير الى ان "ميركل حاضرة بقوة على المستوى الدولي" في النزاع الدائر في اوكرانيا، حيث اصبحت المحاور الوحيد تقريبا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك يدعم ايضا صورتها" لدى الالمان. كذلك لا يوجد حاليا الكثير من الجدالات لدى الحزب المحافظ، رغم التحولات الايديولوجية الكبرى التي اتخذها مع ميركل خصوصا مع سياسة اسرية تشجع اكثر عمل النساء او التخلي عن النووي.

واوضح ماير في هذا السياق "هناك الانطباع بانه يسود قليلا مناخ من عدم التسييس، عدم اثارة جدل بل القول +كل شيء على ما يرام+". لكن ثمة ظلا قاتما وحيدا في المشهد، وهو صعود حزب "البديل لالمانيا" الرافض لليورو، الذي دخل لتوه في ثلاثة برلمانات اقليمية في شرق البلاد. ويرى المحللون ان هذا الحزب الجديد الذي يدعو الى الخروج من منطقة اليورو يشغل في اليمين الارضية التي تركها الاتحاد المسيحي الديمقراطي شاغرة منذ ان اعاد تمركزه.

وقد استبعدت المستشارة اي تحالف مع حزب البديل لالمانيا، والاحتمال ضئيل ان يحصل ذلك اثناء مؤتمر الاتحاد المسيحي الديمقراطي. وبرأي فالثر "فان استراتيجية الاتحاد المسيحي الديمقراطي تقوم على (فكرة) التحدث اقل ما يمكن عن حزب البديل لعدم اعطائه اهمية اكبر مما هو عليه في الواقع".