تتسع دائرة الأصوات المطالبة بالتضامن مع الناشطة هيفاء الأمين بعد تعرضها للتهديد من مجموعات تابعة لأحزاب دينية في محافظة ذي قار الجنوبية، وبالتحديد من مركزها مدينة الناصرية، حيث يخيرونها& بين ارتداء الحجاب أو القتل.
بغداد: تتعرض الناشطة المدنية هيفاء الأمين لتهديدات عدة منها القتل أو مغادرة مدينتها لسبب غريب، وهو عدم ارتدائها الحجاب، وهو ما استفز الكثير من العراقيين خاصة من التيار المدني الذين استنكروا التهديدات، خاصة أن الامين شاركت في الانتخابات البرلمانية الاخيرة في مدينتها عن التحالف المدني الديمقراطي وحصلت على أكثر من 14000 صوت، لكنها لم تستطع الدخول إلى البرلمان بسبب النظام الذي اتبع في الانتخابات.
ويعتقد البعض أن السبب في التهديدات أن هناك جهات من أحزاب ومنظمات الإسلام السياسي خلفها، بعدما وجدوا أن هذه الناشطة قد تشكل خطراً عليهم في الانتخابات المقبلة أو في ما يخص العمل النسائي الذي يطالب بالحقوق المشروعة، وهم يرون أنها تشكل تحدياً لسياستهم التي تحاول أن تحجب حقوق المرأة في العمل السياسي والاستقلالية الفكرية. وعلمت (إيلاف) أن الأمين تقدمت بشكوى في الناصرية لحمايتها من التهديدات.
التهديد حق لهم!
وتعقيبًا على ذلك، أكد الكاتب رشيد الخيون تضامنه مع هيفاء الامين، ساخراً من التهديدات التي طالتها. وقال: الحق معهم حسب مفاهيمهم أن تهدد هيفاء الأمين بالناصرية بلدة الفن والمرح، من حقهم يهددونها لأنها عينت عشرات آلاف الفضائيين في الجيش العراقي، وهي التي سلمت الموصل إلى بضع سيارات محملة بداعش، وهي التي نهبت جامعة البكر، ونهبت مطار المثنى، وهي التي قبض عليها ترشي في الانتخابات ويحكم عليها بغرامة ثم تدخل البرلمان بلا أصوات وتصبح رئيسة للجنة القانونية، وهي التي استوردت الأجهزة الفاسدة كاشفة المتفجرات، وهي التي لعبت بالمال العام، واغتالت كامل شياع وهادي المهدي، وفرقت التظاهرات السلمية في ساحة التحرير بالقوة، وهي التي أسست الميليشيات، وهي التي قتلت نساء زيونة.
وأضاف: من حقهم يخيرونها بين الحجاب والقتل أو مغادرة الناصرية قلعتهم، دعوهم يلعبون بالدين والمال، فالفضائح روائحها أخذت تزكم الأنوف.
أمر معيب
اما الكاتب والاعلامي حميد الكفائي، فقد استغرب الامر وقال إنه لا يليق بمدينة مثل الناصرية، وأضاف: السيدة هيفاء الأمين من الشخصيات المحترمة في مدينة الناصرية والكل يشهد لها بالفضل والعمل الدؤوب لأهل المنطقة، ناضلت ضد النظام السابق وهاجرت مثل كثير من العراقيين إلى بلدان أخرى وعادت بعد سقوط النظام إلى مدينتها الناصرية وهي تعيش وتعمل هناك بين أهلها وأصدقائها، رشحت في الانتخابات الماضية لتمثيل مدينتها في البرلمان العراقي، وحصلت على 14 الف صوت لكنها لم تفُز بمقعد برلماني، بينما فاز من لم يحصل إلا على بضع مئات… وسبب هذا الظلم هو نظامنا الانتخابي غير العادل الذي يفضل المنتمين للقوائم الكبيرة، مكان هيفاء الأمين هو في البرلمان في بغداد فهذا حقها لأنها حصلت على المرتبة الثالثة أو الرابعة بين المرشحات في العراق كله من حيث عدد الأصوات.
وأضاف: لم تهتم هيفاء الأمين لهذا الظلم، بل بقيت في مدينتها بين أهلها وأصدقائها تعمل من أجل أهالي الناصرية الذين تحبهم، لقد التقيت بها قبل ستة أشهر في مهرجان مسرح الطفل لمحافظات الجنوب الذي استضافته الناصرية في حزيران الماضي، ونسمع الآن أن هناك من هددها لأنها غير محجبة! إنه أمر معيب جدًا ولا يليق بالناصرية تحديدًا فهذه المدينة هي مدينة الثقافة والفن والشعر منذ زمن بعيد والعراق كله بلد التنوع الثقافي ومن لا يعجبه التنوع لن يعجبه أي شيء، وأي بلد وأي قومية وأي دين وأي مذهب وأي معتقد. وختم بالقول: هيفاء الأمين تستحق أن نقف معها جميعًا لأنها تمثل الرقي الإنساني والثقافة العصرية والوطنية العراقية الحقيقية.
نفر من الجهلة
اما عدنان حسين، رئيس تحرير جريدة المدى، فقد استنكر ما اسماه بـ "الحميّة" الكاذبة على الدين والشريعة، وقال: في الناصرية (مركز محافظة ذي قار) ضجّة.. المتسبب فيها نفر من الجهلة الذين لم يُدركوا ان ما زاد عن حدّه انقلب ضدّه، وهم زادوا الأمور عن حدّها، بإظهارهم "غيرة" زائفة و"حميّة" كاذبة على الدين والشريعة.
وأضاف: الآن "ينتفض" بعض السفهاء في وجه السيدة هيفاء الأمين ليهددوها بالقتل ما لم تتحجب أو تغادر محافظتها من غير رجعة... نعم إنهم سفهاء لأنهم يرون الدين والشريعة في غطاء الرأس فحسب ولا ينظرون في ما داخل الرأس كما الناس البسطاء في الريف والأهوار.. نعم سفهاء فلو لم يكونوا كذلك لفكّروا بأنهم بهذا يزكّون داعش وسواه من التنظيمات الإرهابية التي لا تكتفي نساؤها بحجاب الرأس، وانما يُحجبن أيديهن ووجوههن ولا يكشفن الا عن أعينهن عبر النقاب.. نعم سفهاء فلو لم يكونوا كذلك لأدركوا أن الدستور يحرّم عليهم ما يفعلونه.. انه يُلزم الدولة بكفالة الحريات الشخصية.
وختم بالقول: أجهزة الدولة في محافظة ذي قار مطالبة بتطبيق الدستور وعدم السماح لـ "السفهاء" بانتهاك أحكامه.
ناشطة نسوية مناضلة
من جهتها، أكدت الناشطة النسوية دينا الطائي: نستغرب أن تطلق تهديدات بحق ناشطة نسوية مناضلة حصلت على 14 الف صوت في مدينة الناصرية خلال الإنتخابات البرلمانية الماضية.. لكن لا نستغرب ذلك ممن إعتاشوا على القتل والدمار و الفساد و التخريب.
وأضافت: علينا أن نرفع اصواتنا جميعًا وخاصة أعضاء وأصدقاء وجماهير التحالف المدني الديمقراطي للتضامن مع هيفاء الأمين والوقوف بالضد من الهجمة الشرسة..مع تمنياتنا بالسلامة و الصمود لرفيقتنا المناضلة السيدة هيفاء الأمين.
سيدة النضال العنيد
كما أبدى الكاتب حسين العادلي اسفه لتعرض الامين للتهديد، وقال: هيفاء الأمين، سومرية الأصل، فـ (أور) وهبت لها الأصل والذاكرة والعمق، لا أعرف هذه السيدة شخصياً، أعرفها بالدور والرسالة، بنت الناصرية هذه سيدة النضال العنيد ضد حكم البعث الأسود ولعقود خلت، وما زالت قامة نضالية.
وأضاف: هيفاء الأمين امرأة جامعية ولديها ثلاثة أبناء، وهي عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ونصيرة في قوات الأنصار التي حاربت نظام البعث وعضو في رابطة المرأة العراقية، دخلت الإنتخابات الأخيرة في مدينتها وحصدت 16 ألف صوت ولم تفز... سيدة النضال هذه من المؤسف أن تتعرض اليوم&لتهديد بالقتل أو الخروج من مدينتها، لذلك نقول انصروها دفاعاً عن التاريخ والحقوق والأمل بالغد.
سجن معتم
إلى ذلك اعرب الكاتب علي حسين عن حزنه عمّا يحدث، وقال: لا فرق بين ما جرى في مقهى سيدني وهؤلاء الذين يطاردون هيفاء الامين لأن جميعهم يريدون تحوّيَل البلدان إلى سجن معتم، وكهف من مغارات القرون الوسطى، وإذا ظهر المتطرفون اختفت الحرية وظهر الرعب والخوف والدمار.
وأضاف: مثير للسخرية أن يبحث مسؤولو أحزابنا الدينية عن عراق يعيش أبناؤه متجهمي الوجوه، نادبين حظهم، يهربون من ملاذات الدنيا طلبًا لنعيم الآخرة، فيما يتنعم السادة " المتدينون " وأقاربهم والمقربون منهم والمتزلفون لهم بكل نعم الحياة، حتمًا سنصرخ جميعًا وبصوت واحد لنقول لهم إن مثل تلك البلاد لم تعد تعيش في ضمائر العراقيين.
التعليقات