مصر تنتظر رئيسها الجديد، وبغض النظر من يكون، لن يعتلي سدة الرئاسة مبتسمًا هانئًا، بل مهمومًا مثقل الكاهل بتحديات واستحقاقات كثيرة، تفتح لها quot;إيلافquot; باب النقاش على مصراعيه، في ملف متكامل.
القاهرة: ما إن أعلن الرئيس المصري الموقت المستشار عدلي منصور تعديل خريطة الطريق، بإجراء الانتخابات الرئاسية أولًا، حتى ساد شعور عام في مصر أن البلد يخطو خطوته الأولى نحو مسير لن يطول، لتلج مصر أبواب الاستقرار، سياسيًا وإقتصاديًا وأمنيًا.
لن يتأخر انتخاب رئيس جديد لمصر عن شهر نيسان (أبريل) القادم، بحسب ما نص الدستور الجديد، وما رسمته خريطة الطريق التي أنهت حكم الاخوان المسلمين في 20 حزيران (يونيو) 2013. ومع وصول رئيس منتخب، مدعوم بتوافق شعبي، يرجح أن يكون المشير عبد الفتاح السيسي، يمكن حينها وضع حد نهائي لصراعات داخلية، تستفيد منها جماعة الإخوان المسلمين وأترابها من الجماعات والتنظيمات الإسلامية المتشددة والتكفيرية، التي تهدّد الأمن والاستقرار.
تحديات تنتظره
إلا أن الرئيس المصري العتيد سيجد أمامه جملة من التحديات، عليه أن يشحذ كل همّته ووطنيته وقوة شكيمته ليتجاوزها، ساحبًا مصر إلى بر الأمان. ومن هنا، كانت المطالبة العارمة برئيس قوي، يمكنه أن يمسك البلاد من ناصيتها، وأن يلجم الاخوان.
أول التحديات هي المصالحة الوطنية، التي سترد المواطن إلى وطنه، وستعيد الوطن إلى قلوب كل المواطنين. فالمصالحة مطلوبة، والاقصاء غير وارد، كما أجمع كل من استقصت quot;إيلافquot; رأيهم، وخصوصًا إقصاء التيار الاسلامي، اللهم إلا من تلوثت أيديهم بدم المواطنين ورجال الشرطة والجيش، أي لا مصالحة مع الارهابيين، فهؤلاء لن يجدوا أمامهم إلا المحاكمة.
وهذه المصالحة كفيلة بإعادة الاستقرار والأمان إلى الربوع المصرية، ما سيساهم حينئذ باستقطاب الاستثمارات الأجنبية الكبيرة، لتعود إلى سابق تدفقها نحو مصر، كما ستنتعش السياحة وكل القطاعات المتصلة بها، ما سيعيد إلى مصر دخلًا كبيرًا، يرفد نموها الاقتصادي.
ثالثة!
والمصريون الذين ثاروا مرتين، على الرئيسين حسني مبارك ومحمد مرسي، لن يجدوا غضاضة في الثورة ثالثًا ورابعًا وخامسًا، إن لم يصلوا إلى مطالبهم الأساسية، أي الحرية والعدالة الاجتماعية.
فالشعب المصري عانى الأمرّين من حكومات كثيرة غاب عنها البعد الاجتماعي، وهو مستعد للتغاضي قليلًا عن بعض حريته مقابل أن يتحقق العدل الاجتماعي. فغياب أي مشروع اجتماعي عن الحكومات السابقة، حتى الأخيرة التي استقالت قبل أيام، كان السبب في قيام الثورتين المصريتين. ولهذا، ينصح الناشطون الحقوقيون أي رئيس آتٍ أن يضع الشأن الاجتماعي في رأس أولويات عهده، إذا أراد فعلًا تجنب الثورة الثالثة.
والمصريون لن يقوموا بثورة ثالثة، إذا توفرت الثقة في شخص الرئيس القادم، خصوصًا إذا كان المشير السيسي، وقد يتحملونه بخيره وشره.
حريات
يقف ملف حقوق الإنسان في مصر تحديًا لا مفر امام الرئيس الجديد من مواجهته، لأنه مصيري في ظل تردي أجهزة الدولة، وارتفاع سقف تطلعات المصريين، خصوصًا أنه متصل بشكل وثيق بملف الأقليات المصرية، من أقباط ويهود وبهائيين وبدو.
الرئيس مطالب منذ الآن بتحقيق استقلال القضاء، وتغيير قانون الإجراءات الجنائية، وقانون الأحزاب السياسية، وقانون الصحافة، وقانون العقوبات، وقانون الجمعيات، وقانون الأحوال الشخصية، وقانون النقابات، وقانون الهيئات القضائية المختلفة، إلى جانب إصدار قراره بتأسيس مجلس قومي للثقافات المحلية، يحافظ على اللغات المحلية من الاندثار، ويمنع تعرض الأقليات للتهميش والإقصاء، في ضوء اعتراف الدستور الجديد بالثقافات الموجودة في مصر.
التعليقات