الرئيس المصري المقبل مطالب بالحفاظ على حقوق الاقباط والبهائيين والبدو كمعيار حقيقي لتلبية مطالب الثورتين المصريتين.

القاهرة: يحمل حقوقيون quot;إيلافquot; العديد من الوصايا للرئيس المصري القادم، حول قضايا أمنية وكيفية التعاطي معها، بالاضافة إلى قضايا خاصة بالشباب، وحقوق الأقليات وفي طليعتهم الأقباط، بالاضافة إلى مختلف حقوق الإنسان.
ويلوح قي الافق سؤال محيّر: كيف سيتعامل الرئيس القادم مع هذه الملفات في ظل ظروف الانفلات الأمني والموجات الارهابية المتصاعدة، وتردي الاوضاع الاقتصادية؟
تفعيل الدستور لحل كافة الازمات السياسية
يقول المستشار نجيب جبرائيل، رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان: quot;على الرئيس القادم تفعيل مبدأ المواطنة، الذي يمكن من خلاله حل جميع الأزمات السياسية التي تواجه الجمهورية المصريةquot;. وأكد لـ quot;إيلافquot; أن هذا لا يتأتى إلا بتفعيل مواد الدستور الجديد التي تطالب بذلك، كالمادة 53 من الدستور التي ألزمت بتجريم التمييز على أساس الدين.
وطالب جبرائيل بضرورة إصدار قانون لبناء الكنائس ودور العبادة المسيحية، أسوة بكافة العقائد في ظل المعاناة الحقيقية التي يعيشها الأقباط، وعدم وجود فرصة حقيقية لممارسة عقائدهم وبناء كنائسهم.
وأشار جبرائيل إلى وجود العديد من المشاكل التي تواجه الرئيس القادم، وفي طليعتها مشكلة الإرهاب، ثم مياه النيل وتحقيق العدالة الاجتماعية، فضلاً عن مشكلة تفعيل الدستور، والمطالبة بالمساواة التي عانى منها الأقباط والمرأة، quot;وهذا يتطلب تفعيل سيادة القانون، الذي يمثل مطلبًا رئيسًا لثورتي كانون الثاني (يناير) وحزيران (يونيو) من العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
وأضاف: quot;تحقيق هذه المطالب وتفعيل سيادة القانون على المسؤول قبل المواطن البسيط يضع مصر على الطريق الصحيح لتحقيق مطالب الجميعquot;.
مجلس قومي
وفي حديث لـ quot;إيلافquot;، قالت أماني الوشاحي، مستشارة رئيس منظمة الكونغرس العالمي الأمازيغي لحلف أمازيغ مصر، إن الأقليات في مصر تعاني مشاكل جمة من التهميش والإهمال والإقصاء.
ووفقًا للدستور الجديد، لا يملك الرئيس القادم كافة الصلاحيات، وإنما أصبحت الكرة في ملعب السلطتين التنفيذية والتشريعية.
لذا، على رئيس مصر القادم أن يتعامل مع ملف الأقليات والحفاظ على حقوقهم بـ quot;إصدار قرار بتأسيس مجلس قومي للثقافات المحليةquot;، ويرتكز دوره على دور مجمع اللغة العربية، ومن ثم يحافظ على اللغات المحلية من الاندثار، ومعالجة سياسة التهميش والإقصاء، خاصة أن الدستور اعترف بالثقافات الأخرى.
التعاطي مع الشباب
أما الحقوقي محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، فأكد لـ quot;ايلافquot; أن أحد الملفات الشائكة التي تواجه الرئيس القادم هو الملف الأمني، وكيفية تعامل الأجهزة الأمنية مع الشباب والنشطاء السياسيين، في ظل زيادة وعي الشباب واحساسه بالمسؤولية تجاه وطنه، خصوصًا أن على الجانب الآخر فئة من مثيري الشغب.
ومن خلال تلك المعطيات، لا يمكن التعامل مع هذا الملف إلا من خلال تحقيق المساواة والعدالة بين أفراد المجتمع، وسريان القانون على كافة أفراد المجتمع وعلى الرئيس قبل الوزير.
وقال: quot;لن يحدث ذلك إلا من خلال احترام القانون، وإعلاء دولة المؤسسات وتطبيق سياسة الحياد من جانب رئيس الجمهورية، وأن ينشط الأجهزة الأمنية، علمًا أنها ليست طرفًا في صراع، ويقتصر دورها على القبض على الجاني من دون توجيه أي اتهامات ضده أو إهانته بالألفاظ الخادشة والجارحة، وعلى القضاء إثبات إدانته أو براءتهquot;.
وأضاف زارع: quot;على الرئيس القادم أن يقنع الجهاز الأمني بأنه جهاز لتحقيق الأمن، وتنفيذ القانون وليس من سلطته العقوبة فلا يتجاوز القانون وألا يتخطى حدود اختصاصات وظيفته.
وقال الباحث مينا ثابت، عضو التحالف المصري للأقليات، إن ملف الأقليات خطير للغاية، وإن لكل من النوبة وبدو سيناء والأقباط والبهائيين وغيرهم طبيعته، quot;فبالنسبة إلى النوبة، على الرئيس القادم المحافظة على اللغة والثقافة النوبية، مع حق عودة النوبيين لأراضيهم، ووقف بيع أراضي النوبيين للمستثمرين، على أن توفر الدولة ممثلة في رئيسها حياة كريمة لهم، ليمارسوا نمط حياتهم بشكل طبيعي، خصوصًا أن المجتمع قائم على التنوع والتعددية.
بدو وبهائيون
أشار مينا في حديثه لـ quot;إيلافquot; إلى أن بدو سيناء عانوا كثيرًا من التهميش، فضلًا عن الإجراءات التعسفية ضدهم، وحالة التضييق الأمني التي يعيشونها، quot;لذا فعلى الرئيس القادم أن يتعامل بحذر مع هذه الفئة، وأن ينزع القيود الأمنية المفروضة على حياتهم اليومية، وأن يدشن مشروعًا قوميًا يتضمن مشروعات تنموية من شأنها إعمار سيناء والقضاء على الإرهاب وتوظيف أهالي المنطقة، على أن يكونوا العماد الأساسي لتنمية منطقتهم، وتقليل نسبة البطالة مع توفير المدارس وإعادة تأهيل الأهالي بسيناءquot;.
كما عليه، بحسب مينا، الاهتمام بالمسيحيين والبهائيين واليهود وبمعابدهم بالقاهرة، لأنها تراث ثقافي وجزء من هوية مصر ومن السياحة المصرية، تجذب قطاعًا كبيرًا من السياح المهتمين بهذا النوع من السياحة.
وطالب مينا الرئيس العتيد بالاهتمام بالبهائيين، وألا يغفل مصالحهم، quot;فالدولة لا تعترف بهم وتضيق عليهم الخناق، رغم حصولهم على حكم محكمة بالسماح لهم بكتابة ديانتهم في البطاقة الشخصية في الخانة الخاصة بالديانة، والدولة لا تعترف بعقود زواج البهائيين، وعليه تطبيق المادة القانونية التي تنص على عدم الانتقاص من جوهر الحقوق والحريات، وتطبيق المواثيق والعهود الدوليةquot;.
الاقلية القبطية
كما أكد ثابت أن الأقباط أكبر أقلية في مصر، ومع ذلك لم ينقذهم عددهم من المشاكل، ولم تكف يد الدولة عن ظلمهم. على الرئيس القادم وقف الانتهاكات من جانب بعض العناصر المتطرفة تجاه الأقباط، من خلال تفعيل دور الجهاز الأمني وضبط الانتهاكات داخل هذه الأجهزة، فضلاً عن التمثيل والتواجد داخل الأجهزة الإدارية، وتقليد المناصب الحساسة من منطلق تفعيل مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص والمواطنة على أن يعتمد الاختيار على عامل الكفاءة.
ولفت إلى أن تحقيق مبدأ المواطنة يسقط كل الإشكاليات الداخلية، وينهي جدلية التمييز والإقصاء والتخوين التي يتعرض لها كل المصريين وبينهم الأقباط، مع تنقية مناهج التعليم من المواد التي تحض على كراهية الأقباط وتتهمهم بالكفر.
وأشار ثابت إلى ضرورة إصدار قانون وتشريع ينظم بناء الكنائس ودور العبادة، طبقًا للحق المعمول به دوليًا، لتفادي الفتن الطائفية، لافتًا إلى أن القانون وحده غير كافٍ بقدر الإرادة الحقيقية لتفعيله.
شائك ومصيري
من جهته، أشار الحقوقي أحمد سيف الإسلام، رئيس مركز هشام مبارك لحقوق الانسان، إلى أن ملف حقوق الإنسان شائك جدًا ومصيري، خصوصًا في ظل الأوضاع الملتهبة التي نشهدها على الصعيد المجتمعي، وتردي أجهزة الدولة، وارتفاع سقف تطلعات المصريين، لذا عليه أن يبعث برسالة قوية للمسؤولين بأن لا أحد فوق القانون، quot;وذلك لن يحدث إلا بتحقيق الاستقلال التام للقضاء، وتغيير قانون الإجراءات الجنائية، وقانون الأحزاب السياسية، وقانون الصحافة، وقانون العقوبات، وقانون الجمعيات، وقانون الأحوال الشخصية، وقانون النقابات، وقانون الهيئات القضائية المختلفة.
وتتولى كل جهة مختصة مشروع القانون الخاص بها على أن يتبنى الرئيس القادم السياسات في إطار من الشفافية والوضوح، على أن تكون النيابة مهمتها الوحيدة الاتهام، وأي قرار يخص أو يمس الحرية لا يصدر من عضو النيابة، وإنما يصدر من قاضي الحريات، مثلما يحدث في فرنسا وألمانيا.