أكّد تعيين الفريق صدقي صبحي وزيرا للدفاع في مصر ترابط القوات المسلحة المصرية وعملها على توطيد علاقات البلاد بالدول العربية وخاصة الخليجية التي يتمتع صبحي بعلاقات وطيدة مع قادتها، على عكس علاقته بأميركا.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة:جاء تعيين الفريق صدقي صبحي، وزيراً للدفاع، خلفاً لعبد الفتاح السيسي، ليؤكد ترابط القوات المسلحة المصرية، وعملها على توطيد علاقاتها مع الدول العربية، لا سيما الخليجية، خاصة وأن صبحي يتمتع بعلاقات وطيدة مع قادة تلك الدولة. ويعتبره مراقبون، مهندس إعادة الحيوية بين مصر والإمارات، بعد أن وصلت إلى مستوى غير مسبوق من التوتر في عهد الرئيس السابق محمد مرسي. وعلى عكس علاقاته الوطيدة بدول الخليج، تتسم علاقات صبحي بأميركا بالفتور.
ولد صبحي في العام 1955 في مدينة منوف، في محافظة المنوفية، وهي المحافظة التي تعتبر مسقط رأس العديد من الرؤساء المصريين، وهم: أنور السادات، حسني مبارك، ووزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، الذي تشير التوقعات إلى أنه المرشح الأوفر حظاً للفوز برئاسة الجمهورية، ليكون ثالث رئيس للجمهورية من المنوفية.
حصل صبحي على بكالوريوس العلوم العسكرية من الكلية الحربية عام 1976، وماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان عام 1986، كما حصل على زمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية العليا عام 2003، وزمالة كلية الحرب العليا الأميركية عام 2005.
تدرج صبحي في المناصب بالقوات المسلحة المصرية، وشغل موقع قائد كتيبة مشاة ميكانيكي في الجيش الثالث، ثم رئيس أركان اللواء 34 مشاة ميكانيكي، ثم قائد اللواء 34 مشاة ميكانيكي، ثم رئيس أركان الفرقة 19 مشاة ميكانيكي، ثم قائد الفرقة 19 مشاة ميكانيكي، ثم رئيس شعبة عمليات الجيش الثالث الميداني، ثم رئيس أركان الجيش.
وتولى منصب قائد الجيش الثالث الميداني عام 2009. وعينه الرئيس السابق محمد مرسي، رئيساً للأركان، خلفاً للفريق سامي عنان في شهر أغسطس (آب) 2012، بعد الإطاحة بالمشير حسين طنطاوي، وزير الدفاع السابق.
ويتمتع صبحي بعلاقات وطيدة مع المسؤولين في مختلف الدول العربية، ولا سيما المملكة العربية السعودية، وكان أول من أعلن أن الجيش المصري سوف يتدخل إلى جانب الشعب المصري في حالة الخروج على الرئيس السابق محمد مرسي، وأطلق صبحي تصريحاته من دولة الإمارات العربية المتحدة في 17 شباط (فبراير) عام 2013، وقال صبحي تعليقاً على تعقد الأوضاع السياسية في مصر في ذلك الوقت، وتوقف الحوار ما بين الإخوان والتيارات الليبرالية المعارضة: quot;الجيش يمكن أن يساعد أحيانا في هذه المشكلة ويمكن أن نلعب هذا الدور إذا تعقد الموقفquot;. وكانت تلك أول إشارة إلى إمكانية تدخل الجيش في الحياة السياسية، في 3 تموز (يوليو) الماضي، حيث أزاح الجيش مرسي عن الحكم، واعتقله وسجنه، واعتقل أغلب قيادات جماعة الإخوان، بينما فر القليل منهم إلى الخارج.
إعادة الحيوية
ويرى مراقبون أن صبحي هو مهندس إعادة الحيوية إلى العلاقات المصرية الإماراتية، لا سيما أنها تعرضت للتوتر بشكل غير مسبوق في عهد الإخوان، عبر عدة زيارات لحضور فعاليات ترتبط بالتسليح العسكري، أو التحضير لمناورات عسكرية، بدأت بمناورة quot;زايد1quot;، التي جرت في 11 آذار (مارس) الجاري. وحضرها عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
ويؤكد صبحي في تصريحاته المتوالية عمق العلاقات بين مصر والإمارات، وقال في تصريحات له في 9 شباط (فبراير) الماضي أثناء زيارة لأبوظبي: quot;الموقف الإماراتي من ثورة 30 يونيو أكد بشكل مطلق أن مصالح البلدين الشقيقين واحدة، والمخاطر التي تهدد أمنهما واستقرارهما واحدة أيضًاquot;، مشيرا إلى أن الموقف الإماراتي من مصر لم يقف عند حد الدعم الاقتصادي الكبير، بل شمل الدعم السياسي، حيث وظفت الدبلوماسية الإماراتية كل رصيدها السياسي القوي على الصعيدين الإقليمي والدولي في الاعتراف بثورة الشعبquot;.
وأضاف أن quot;العلاقات المميزة التي تجمع البلدين حكومة وشعباً بشكل متميز في كل المجالات وضع أسسها ورسخها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بما له من مكانة في قلوب الشعب المصري ويدعمها بقوة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ومن بينها مجال التعاون العسكريquot;.
وكغيره من القادة العسكريين المصريين في مرحلة ما بعد حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973، تلقى صبحي العديد من الدورات التدريبية العسكرية في أميركا، ومنها: بعثة مشاة مترجلة، دورة تخطيط تدريب، بعثة كلية الحرب العليا. وحصل صبحي على درجة الماجستير في الدراسات الإستيراتيجية من كلية الحرب الأميركية في العام 2007، وفي نهاية دراسته تقدم صبحي بورقة بحثية دعا فيها الولايات المتحدة إلى سحب قواتها من منطقة الشرق الأوسط، وأن تركز على المعونات الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة، بدلاً من التواجد العسكري.
وعلى العكس من قوة العلاقات بين صبحي والقادة الخليجيين، تتسم العلاقات بينه وبين الأميركيين بالفتور، ونشرت صحيفة quot;نيويورك تايمزquot;، ورقة بحثية لصبحي أثناء دراسته للماجستير في أميركا خلال العام 2007، إنتقد فيها السياسيات الأميركية في المنطقة العربية، وقالت الصحيفة إن صبحي يعتبر أن دعم أميركا لإسرائيل quot;يؤجج الكراهية ضدها و يدخلها في معركة لا يمكنها الفوز فيها مع المتشددينquot;. وأضافت في تقرير لها نشر بتاريخ في شهر آب (أغسطس)2012، أن quot;ورقة صبحي تعكس توجهات قطاع كبير من الرأي العام المصري و العربي بتأكيده علي انحياز الولايات المتحدة لإسرائيل، وهو ما يضر بمصالح أميركا نفسها في المنطقةquot;. وذكرت الصحيفة أن quot;انتقاد صبحي الحاد للسياسة الأميركية لافت للانتباه، لأنه يشرف حاليا على مؤسسة الجيش التي كانت الأقرب للولايات المتحدة في العالم العربي ويعتمد عليها المسؤولون الأميركيون كقوة مهمة جدًا في الحفاظ على أمن إسرائيل وضد النفوذ الإيرانيquot;.
التعليقات