حين أراد السعوديون إظهار قدراتهم العسكرية، ما لجأوا إلى الطريقة السوفياتية الكورية الإيرانية، بعرض جيشها وأنظمتها الدفاعية في عرض عسكري يخترق العاصمة السعودية الرياض، إنما اختاروا أن يرى الجميع فاعلية ما لديها من عديد وعتاد في مناورة بالذخيرة الحية... وبالصواريخ.


الرياض: تعتبر مناورات "سيف عبدالله" الأخيرة هي الأضخم على المستوى السعودي، شاركت فيها دولتا البحرين والامارات، وفيها كشفت القيادة السعودية عن صواريخ باليستية بعيدة المدى... بعيدة تطال العاصمة الإيرانية طهران.

ما أن ظهرت هذه الصواريخ، حتى بدأت حملة إعلامية إيرانية إسرائيلية تبدو للوهلة الأولى منسقة، وكأن الخوف من هذه الصواريخ قاسم مشترك بين الدولتين، إذ رأتا في صواريخ السعودية ما يمكن أن يهدد تقاسمهما النفوذ الشرق أوسطي، كما يحلو للبعض أن يعلن.

حمى التسلح

من الجانب الإسرائيلي، الارتياب شيء طبيعي، لكنه وصل إلى حدود السعي لتأليب الرأي العام العالمي ضد السعودية، من خلال تصوير الاعلام الاسرائيلي هذه المناورات فاتحة لإصابة الشرق الأوسط بحمى سباق التسلح النووي.

ونشر موقع إسرائيلي تقريرًا مفصلًا عن مناورات "سيف عبدالله"، ووصفها بأنها دليل على يقين السعودية بأن يكون الصراع القادم في المنطقة صراعًا نوويًا.

وتناول الباحث العسكري الجنرال يفتاح شابير، من مركز أبحاث الأمن القومي في إسرائيل، القوة الصاروخية السعودية، في مقالة نشرتها مجلة "مباط عال" التابعة للمركز، فأكد القلق الإسرائيلي من تسلح أي دولة عربية بالمطلق، متمنيًا أن تكون إسرائيل حصلت على ضمانات من الولايات المتحدة بعدم استهدافها، وكاشفًا أن إسرائيل بذلت جهودًا مضنية في السابق لوقف تزويد السعودية بسلاح يغير موازين القوى في الشرق الأوسط.

وأضاف: "الرياض أعلنت بصوت واضح ومسموع أنها تمتلك صواريخ نووية، وأنها مستعدة لاستخدامها في أي صدام مع إيران، واستعراض صواريخ (رياح الشرق) اليوم هو مظهر من مظاهر التحدي السعودي للاتفاق النووي بين طهران وواشنطن .

رسائل في كل اتجاه

في إيران، اثارت مناورات "سيف عبدالله" قلقًا كبيرًا، إذ قرأتها طهران رسالة ردع موجهة إليها، ورسالة تطمين موجهة للحلفاء الخليجيين.

وقالت وكالة فارس للأنباء، القريبة من الحرس الثوري الإيراني، إن القيادة السعودية هي من اتخذ قرار الكشف عن القوة الصاروخية السعودية، لتوجيه رسالة تحذير إلى طهران، بحسب مصدر مطلع لم تكشف عن هويته، كشف أيضًا أن رؤوسًا نووية باكستانية نقلت إلى السعودية، تنفيذًا للاتفاق المبرم بين البلدين.

وقالت صحيفة "تايمز" اللندنية، في الأول من أيار (مايو) الجاري، إن السعودية تتباهى بصواريخها الباليستية المتوسطة المدى، القادرة على حمل رؤوس نووية لتحذر إيران. فبالرغم من قدم هذه الصواريخ، وهي من نوعDong Feng 3 ، فإنها تشكل خطرًا حقيقيًا على إيران، إذ تبلغ طهران.

عالية النبرة

بحسب تايم، ليس سرًا أن السعوديين كانوا يملكون هذه الصواريخ منذ زمن طويل، لكنهم اختاروا هذه المناسبة ليعلنوا عنها وليظهروها للعلن، بأسلوب فسره المحللون على أنه رسالة عالية النبرة لكل معارضي السياسة السعودية في المنطقة، ولإيران بالذات، في وقت تحس السعودية بأنها تعرضت للخيانة من حليفها الأميركي، حين تركها وذهب إلى معانقة إيران في الاتفاق النووي المرحلي، مع التذكير بالموقف السعودي من الدول المتورطة في سوريا إلى جانب النظام السوري المجرم.

وتضيف تايم: "ما يلفت فعلًا كان وجود الجنرال راحيل شريف، القائد العام للجيش الباكستاني، في القاعدة السعودية بحفر الباطن، مشاركًا في مراقبة سير عمليات مناورة (سيف عبدالله)، إذ هذا يفتح الباب على تكهنات حول إشارات سعودية إلى إمكانية التعاون النووي مع باكستان، في تهديد مبطن للاتفاق النووي الإيراني الأميركي، الذي لا ترضى عنه السعودية".