تحدث خبراء ومحللون لـ"إيلاف"&عن التقارير التي تتحدث عن نية "داعش" تنفيذ عدة عمليات ارهابية في المغرب، ومنها استهداف شخصيات كبيرة ووزراء في الحكومة.


الرباط: تعيش الأجهزة الأمنية في المغرب حالة استنفار قصوى بعد كشف تقارير استخباراتية عن تخطيط مقاتلين تابعين لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، المعروف اختصاراً بـ "داعش" لضرب المملكة وتوفرها على قائمة بأسماء شخصيات سامية تسعى&داعش&لاغتيالها.

وتضم القائمة، حسب المعطيات المتوفرة لحد الآن، وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، وعمر الحدوشي، أحد شيوخ ما يعرف بتيار "السلفية الجهادية"، وقياديين سياسيين.

تهديدات مستمرة

اتخذت الأجهزة الأمنية مجموعة من التدابير الاحترازية تزامنًا مع توالي التهديدات الإرهابية الصادرة عن "داعش" ومجموعة مسلحة موالية لها.

وأسال تحويل هذا التنظيم الدموي بوصلته نحو المغرب مداد مجموعة من الباحثين في شؤون الحركات الإسلامية. وقال إدريس القصوري، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، إن "التهديدات الموجهة ضد المغرب ليست ظرفية أو مرحلية، بل مستمرة وكانت تصدر دائماً عن قيادات تنظيمات القاعدة"، مشيرًا إلى أنه "لحد الساعة لم يحقق القاعدة ولا أي تنظيم في شمال أفريقيا ولا أي تنظيم إرهابي أو إجرامي حدثاً كبيراً أو قويًا في المغرب".

وأضاف إدريس القصوري، في تصريح لـ "إيلاف"، "كل العمليات في المغرب كانت فردية وفاشلة. وتحقق فيها قوة الأمن ويقظته بقوته الاستباقية"، وزاد مفسراً "القاعدة لم تستسغ هذه المسألة لأنها حققت ضربات قوية في جميع الدول، حيث تمكنت من ليّ يد الأجهزة الأمنية وحاولت الوصول إلى هبة الدولة بزعزعتها والتشكيك فيها".

قبر الداعشيين

أكد إدريس القصوري أن المعطيات التي تشير إلى عودة المقاتلين المغاربة وسعيهم إلى تشكيل نواة وتهديد حياة شخصيات بقنابل غير قابلة للاكتشاف "يؤكد أن هناك عزماً على تحقيق هذه المسألة"، وزاد مفسراً "لكن في نظري هذه الاستراتيجية خاطئة لأن بيئة القتال في سوريا والعراق، حيث برز المغاربة ببطولتهم وسفك الدماء بشراسة ودون رحمة، مختلفة عن المغرب. فالبيئة في العراق وسوريا مهزوزة وليست كبيئة المغرب، الذي توجد فيه أحزاب ومجتمع مدني وتنظيمات وثقافة إسلامية معتدلة، وليست فيه طائفية ولا حرب.. وحذر ويقظة أمنية استباقية كبيرة".

وأضاف: "إذا دخلوا المغرب وحاولوا تشكيل نواة، فهناك سيكون قبرهم.. وأريد أن أشير إلى أن المغاربة ما زالوا يعانون من خطأ كبير في التخطيط. فهم زعماء وحدات قتالية ولكن لا يخططون. إذ أن هناك أناساً آخرين هم من يخططون. هم يقاتلون ويندفعون، ولكن الجانب التنظيمي السياسي لا يقوم به المغاربة"، ومضى موضحًا "استراتيجيتهم ستكون فاشلة، وسيكون إرسالهم للمغرب مغامرة. ربما قد تنجح إذا شكلوا نواة في بلد مجاور للمغرب كموريتانيا، أو ليبيا، أو الجزائر، أو مالي، أو دولة من دول الساحل، استعملوا أسلوب حرب العصابات ضد المملكة".

دور ثانوي بأفغانستان

وكشف الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية أن المغاربة كانوا يلعبون دوراً ثانويًا في القاعدة في أفغانستان، بمعنى أنهم كانوا يقومون بأدوار السخرة ولم تكن لهم& أدوار عسكرية أو أدوار التخطيط، مبرزاً أنهم كانوا "يمدون القاعدة بالموارد البشرية في إطار التعبئة وغسل الأدمغة وما إلى ذلك".

أما في العراق فاستغل "داعش"، حسب القصوري، الموارد البشرية للمغاربة وخبرتهم ورغبتهم في البروز كبطوليين وتحقيق المعجزات، والانتصارات، وأنهم برابرة اشاوس، وأعطاهم دوراً رياديًا لم يسبق أن منحهم في أفغانستان ودول الساحل أو في الجزائر، وبالتالي فاجأ السلطات العراقية وقام بزحف وأعلن الخلافة بدون أن يعلن على أنه القاعدة أو أيمن الظواهري لأن القاعدة فقدت بريقها بعد الربيع العربي.

خياران لا ثالث لهما

ومن جانبه، قال عبد الرحيم مهتاد، رئيس جمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين، إن "داعش" اعتمد في هيكلته على الكفاءات من أبناء الدول العربية والاسلامية، مشيرًا إلى أنه "من الطبيعي أن يجد المغاربة لهم موطئ قدم داخل هياكل التنظيم، كما هو شأن العديد من أبناء الدول العربية والإسلامية الأخرى".

فالتحاق المغاربة كمقاتلين بالشام والعراق، يضيف مهتاد، في تصريح لـ"إيلاف"، جاء مباشرة بعد تطور الأحداث في سوريا وما تبع ذلك من دعوات للجهاد هناك.

وأضاف "(داعش)، ومن خلال تسميتها، يبدو أنها قد حددت ولو مرحليًا مناطق عملياتها وتوسعها بالعراق والشام. وعليه، فإن المغاربة هم الذين التحقوا بهذا التنظيم وهاجروا إليه. وسواء كانت هجرتهم إلى الجهاد معهم اختيارية وبنوايا حسنة أم بإيعاز وتوجيه وتمويل وتيسير لكل الإجراءات الإدارية وكل تكاليف التنقل والسفر من جهات أخرى، فإن قناعة القتال والموت في سبيل الله والفوز بالجنة والحور والعين تبقى هي الأهداف الداخلية لكل من اتخذ طريقه إلى أرض المعركة".

وقال مهتاد "المغرب على المستوى البعيد أو القريب سوف لن يعاني إلا من أبنائه الذين التحقوا بالشام طلبًا للشهادة والموت في سبيل الله، وذلك إن تحقق لهم البقاء أحياء وعادوا إلى مدنهم وقراهم بالمغرب. تبقى الاشارة إلى أن كل الدول اليوم تدعم داعش وتنظيمها، وذلك بما اتخذته من إجراءات صارمة في حق أبنائها أو الذين ينتسبون إليها (يحملون جنسياتها) ... ابتداء من الاعتقال والوضع تحت الحراسة ... إلى سحب الجنسية..& أو عدم التمتع بالحقوق..".

وتابع: "ولم يتركوا باب الأمل والتوبة مفتوحًا لكل من وجد نفسه إما اقتناعاً أو متورطًا هناك.... فالمستفيد تنظيميًا وحربيًا في كل الأحوال هو (داعش). فالمقاتل سواء أكان مغربياً أو غير مغربي ما إن يلتحق بأرض المعركة هناك حتى يكون أمام خيارين أحلاهما مر، التراجع والعودة والرجوع مع ما ينتظره من بلاء وهم&في بلده، أو الموت صبراً في معركة لا ينوي من خلالها إلا الخلاص من هم الدنيا. وأصحاب هؤلاء العقليات يشكلون مصدر خطر على أنفسهم أينما حلوا وارتحلوا".