رغم مساعي كينيا لتوحيد "قبائلها ال42" فان الجدالات المحتدمة التي اثارتها المجازر على ساحلها كشفت التوترات الاتنية التي تشهدها البلاد على خلفية خصومات سياسية.
فالهجمات التي خلفت نحو مئة قتيل على ساحل المحيط الهندي (جنوب شرق) شحنت النفوس بقوة كما يتضح من الخطابات السياسية العدائية والعناوين الصحافية المقلقة، وتدفق الاحقاد على شبكات التواصل الاجتماعي.
وقالت نانجيرا سامبولي (26 عاما) وهي اخصائية في المعلوماتية لوكالة فرانس برس "حصلت موجة من الخطابات الخطرة".
وهي تدير فريقا صغيرا يراقب ويسعى الى احباط هذا النوع من الخطابات على الشبكة العنكبوتية، من مكاتب "آي-هاب" الرحبة مركز التكنولوجيات الحديثة في نيروبي.
وقد تبنى الاسلاميون الصوماليون في حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة المجازر انتقاما كا قالوا من تدخل الجيش الكيني في الصومال.
لكن الرئيس الكيني اوهورو كنياتا نفى ضلوعهم وندد ب"اعمال عنف اتنية" ارتكبتها "شبكات سياسية محلية".
ويعتقد عموما انه كان بذلك يشير باصبع الاتهام الى المعارضة بزعامة رايلا اودينغا منافسه في الانتخابات الرئاسية في 2013، ما اثار الجدل في بلد تتشابك فيه الاستقطابات السياسية والانتماءات القبلية بشكل كبير.
واستهدفت الهجمات الاخيرة على الساحل خصوصا مناطق تسكنها منذ عقود قبيلة كيكويو التي ينتمي اليها الرئيس اوهورو كنياتا وتتركز تقليديا في وسط البلاد.
والرسائل المتعلقة باعمال العنف هذه والتي تؤجج التوترات على شبكات التواصل الاجتماعي تلعب غالبا على "الانتماء الاتني" حتى وان كان ذلك في "لغة رموز" مليئة بالتلميحات والاشارات الضمنية على ما تقول نانجيرا سامبولي مؤكدة في الوقت نفسه ان مستخدمي الانترنت يحاولون اكثر فاكثر "التصدي" لهذه الخطابات.
وارادت الحكومة دق ناقوس الخطر فاطلقت هاشتاغ #ستوب هيت سبيتش كينيا (اوقفوا العبارات الحاقدة) بهدف احتواء الكراهية على الانترنت.
واوضحت ماري اومبارا المسؤولة في وزارة الاعلام "ان حجم العبارات الحاقدة والتحريض على العنف في هذا البلد بلغ مستويات مثيرة للقلق".
وحذرت السلطة المكلفة الاتصالات بدورها الاذاعات والتلفزيونات التي تبث رسائل من شأنها ان "تقسم البلاد وفق معايير اتنية" من امكانية ملاحقتها قضائيا.
ويعلم الصحافيون ان عليهم توخي الحذر الشديد عندما تتقاطع السياسة والاتنية لاسيما وان الخلافات القبلية ترتبط بشكل كبير بمشاكل قديمة متعلقة بالاراضي.
ويتذكر فرديناند اوموندي المحقق الصحفي لشبكة التلفزيون الكينية كي تي ان ان احد المشاهدين اتهمه ب"التحريض على العنف" لانه اشار بعد هجمات الى الخلافات العقارية الحساسة للغاية على الساحل. وقال "انه جنون".
كما اتهم سياسيون في الاونة الاخيرة باصدار "تصريحات حاقدة". لكن بالنسبة للبعض فان هذا النوع من الشبهات يمكن ان يتحول بسرعة الى الرقابة.
وتساءل رايلا اودينغا في حديث ادلى به مؤخرا لوكالة فرانس برس "كيف يمكن التمييز بين وقائع بسيطة وعبارات حاقدة؟".
وقال رئيس الوزراء السابق "اذا قلتم مثلا ان التعيينات (المقررة من الحكومة) لم تجر بعدل (...) فانكم تعرضون واقعا"، منتقدا بشدة "النزعة القبلية" في ادارة الامور.
وهذه الجدالات تتسم بالحساسية لاسيما وان البلاد ما زالت تحت وقع صدمة اعمال العنف القبلية التي تبعت الانتخابات الرئاسية المثيرة للخلاف في 2007 وخلفت اكثر من الف قتيل.
وقد ادت الى ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية للرئيس كنياتا ونائب الرئيس وليام روتو بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية.
وبعد موجة اعمال العنف تلك انشئت لجنة التلاحم والاندماج الوطني لملاحقة الخطابات النارية لكنها لم تنجح مطلقا في محاكمة اي شخص.
وتعد الحكومة باصدار تشريع لمكافحة الانحرافات على شبكات التواصل الاجتماعي.
وقالت نانجيرا سامبولي ان "العبارات الحاقدة" ليست سوى "دلالات" والاولى بالسلطات ان تعمد الى "تسوية المشكلات بعمق".
وتحتل الخلافات الاتنية الواجهة في كل الميادين، فالممثل الكوميدي الشهير سامي موانغي يستعد للمشاركة في عمل مسرحي هزلي مكرس للافكار النمطية المتعلقة بقبيلة ليو. فقبيلة ليو او لوو تعد من اكبر قبائل كينيا، وينتمي اليها رايلا اودينغا.
وقال "بالنسبة للناس بوجه عام القبيلة ليست مشكلة طالما ان السياسة لم تدخل على الخط". واكد الكوميدي الذي لا ينتمي الى ليو بل الى كيكويو "ان الضحك يسمح بتجاوز الكثير من الحواجز".